18 ديسمبر، 2024 7:14 م

نوفاك جوكوفيتش .. بقبضة القانون بعيدا عن الفساد

نوفاك جوكوفيتش .. بقبضة القانون بعيدا عن الفساد

انطلقت أمس ( 17 كانون الثاني 2022 ) فعاليات بطولة استراليا المفتوحة للتنس ، وهي من بطولات الغراند سلام الأربعة التي تقام سنويا في ( استراليا ، أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا ) ، وقد غاب عن هذه البطولة المصنف الأول عالميا بالتنس الصربي نوفاك جوكوفيتش ، وقد جاء غيابه على خلفية قرار المحكمة الاسترالية التي أصدرت بإجماع هيئتها المكونة من ثلاثة قضاة اتحاديين برفض طلبه في استئناف قرار سابق يتضمن إبعاده عن الحدود الاسترالية لأسباب تتعلق بمخالفة اللوائح الصحية لثبوت عدم تلقيه التلقيح ضد كورونا ، حيث تحرم استراليا دخول أراضيها لكل من لم يتلقى اللقاح كجزء من إجراءات مواجهة وباء كورونا ، وقد تم هذا القرار رغم تدخل الرئيس الصربي بالموضوع ومناشدات الاتحادات الرياضية الدولية ذات العلاقة بلعبة التنس ، حيث وجدت السلطات المعنية بان الأنظمة الصحية تطبق على الجميع ولا مجال لأية استثناءات ، والتسهيل الذي حصل عليه ( جوكو) هو رفع الحجز عنه والسماح له بمغادرة أستراليا على الفور ، وتم ذلك فعلا على متن إحدى الطائرات التابعة لطيران الإمارات من مطار ملبورن متوجهاً إلى دبي بعد أن كان محتجزا في فندق للعزل الصحي منذ الخامس من هذا الشهر ، ولم تكتفي السلطات الاسترالية بهذا القدر بل أصدرت قرارا بمنعه من دخول أراضيها لمدة ثلاث سنوات قادمة حتى وان تلقى اللقاح لاحقا لأنه خالف القواعد ، مما يعني حرمانه من المشاركة ببطولة استراليا رغم انه المصنف الأول على العالم وقد فاز ب20 لقب في هذا النوع من البطولات .
إن ما اثار اهتمامنا بهذا الموضوع ، ليس لكوننا من متابعي التنس العالمي وبطولاته فحسب ، وإنما للمقدار الذي أبدته السلطات الاسترالية في احترام أنظمتها وحماية مواطنيها من أية احتمالات لدخول الفيروس ، فقد تحملت تلك السلطات ضغوطات عالمية متعددة للسماح لبطل العالم في الإقامة خلال مدة البطولة فقط بما يسمح له بالمشاركة فيها كون الفحوصات لم تثبت انه مصاب وانه يدافع عن لقبه الذي فاز به في نسخة 2021 .
وتذكرني هذه الحالة بما يحصل في بلدنا لمثل هذه الحالات ، إذ تنشر وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وتسجيلات تظهر فيها الطريقة التي يتم من خلالها الحصول على شهادة التلقيح بدفع مبالغ للحصول على شهادات التلقيح بنوعين ، الأول هو لأغراض السفر وغيره ويخضع إلى صحة الصدور ، والنوع الثاني عادي ويمكن استخدامه للمراجعات وانجاز المعاملات والدوام وكل ما يشترط الحصول على التلقيح بجرعتين ، كما إن هناك خدمة أخرى تتعلق بإصدار شهادة فحص بنتائج سلبية بدون إجراء المسحة ، كما يتيح المزورون والفاسدون إمكانية اصدرا الجواز الصحي كاملا لاستخدامه لأغراض السفر وهو ( مضمون ) ولا يمكن اكتشافه في المطارات او عند منح الفيزا في السفارات ، وتعبر تلك الخروقات عن مستوى الانحطاط وغياب الوعي الذي يستخدمه الفاسدون ومن يساندهم للحصول على الأموال ، وممارستها مخالفة للقانون باعتبارها تزوير ولكنها موجودة وتروج علنا بمعرفة بعض شركات السياحة والسفر ، ويبدو إن المتورطين لهم تواجد ووجود في الجهات المعنية كمنتسبين او مفسدين ، فالوثائق التي يتعاملون بها فيها درجة عالية من الأمان من الأختام والأرقام وال SMS وضمان صحة الصدور ، وهي حالات لا يمكن وصفها بكلمات وأساسها استغلال ثغرات في النظام ، وتداعياتها تعرض الوطن والمواطنين لخطر العدوى وانتشار الوباء ، وما نخشاه هو أن يكون البعض من هؤلاء قد تغلغل في تصميم الأنظمة وتركوا فيها ثغرات ومجالا للاختراق ، وهي حالات بمختلف أشكال ممارستها لا تعالج بالنصح والإرشاد او بلفت النظر والإنذار ، وإنما من خلال تجريم هذه الأفعال وتشديد عقوباتها من قبل خلية الأزمة او من قبل مجلس الصحة الوطنية ، وهناك نصوص يمكن ولوجها في قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 او في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ، ومن يدري هل إن حظ جوكوفيتش او حظ أمه ( والدته ) هو الذي أوقعه في الشرك الاسترالي غير القابل للاختراق وليس في بلد ينتشر فيه الفساد .