بعد استقالة نوشيروان مصطفى من الاتحاد الوطني الكردستاني وتاسيسه حركة التغيير عام 2009، تأمل الشارع الكردي بحصول تغييرا سياسيا واقتصاديا بكردستان العراق وكسر المحاصصة المتوزعة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين منذ عام 1991 لغاية الان.
و استطاعت الحركة عبر ماكنتها الاعلامية والطاقات الشبابية لكوادرهم والتصريحات النارية لزعيمهم حينها خاصة المتعلقة بملفات الفساد، ان تحقق مالم يحققه احدا من قبل على الساحة الكردستانية من خلال تحريك الراي العام وحصول تظاهرات بمناطق نفوذهم وصلت ذروة مطالبها بتغيير رئيس الاقليم زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني وتمزيق صورة فضلا عن الاصرار بتحويل النظام من الرئاسي الى برلماني واضافت فقرات على مسودة دستور الاقليم الذي لم يقر بعد لا يرفضها الحزبين الحاكمين بكردستان، فضلا عن المطالبة بالتحسين المعيشي والخدمي بالاقليم.
وحصدت الحركة ثمار نشاطها المعارض ب 24 مقعداً متقدماً على الاتحاد الوطني بانتخابات برلمان الاقليم 2013 وشغلها رئاسة البرلمان ووزارات بحكومة الاقليم، وايضا بمقاعد ليس قليله في مجلس النواب العراقي، واصبح لديها ثقل بكردستان يحسب من اقرباؤهم بالمعارضة كالاحزاب الاسلامية وخصومهم من الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، اما خارجيا فدول الجوار والاقليمية اضطرت ان تتعامل مع التغيير كطرف من الاطراف الرئيسية بالمعادلة السياسية الكردية.
لكنهم لم يحافظو طويلا على هذا الانجاز ولا تدوم مشاركتهم بادارة الاقلي سرعان ما انسحبت الحركة من البرلمان وحكومة الاقليم لادعاؤهم بوجود اقصاء وتهميش من قبل شركاؤهم الذي كانوا ينتقدوهم ويتهموهم بالفساد قبل المشاركة وبعدها. فيما زعم شريكهم الحكومي وخصمهم السياسي الحزب الديقراطي الكردستاني بانهم يلعبون دور المعارضة بتحريك الراي العام ضد الحكومة وبالوقت نفسه قياداتهم شغلت مناصب ومواقع مهمه كرئيس للبرلمان ووزارات منها سيادية وخدمية.
وعادت التغيير من جديد لرفع صوتها المعارض ضد حزبي الديمقراطي والاتحاد وتحميلهم تردي الاوضاع الاقتصادية بكردستان العراق ومسؤولية فشل اقناع الحكومة الاتحادية بحل الخلافات المالية والنفطية العالقة من سنين بين بغداد واربيل، واستمرت الحركة بانتقادتها باوتار مختلفة تارة بصوت عالي وتارة اخرى منخفض حسب المواقف بالاقليم، لحين جاءت صدمة رحيل زعيمها في 2017، المعروف بقسوته التي تضاهي مركزية قرارته.
وشكل هذا الرحيل خسارة جماهيرية للحزب خاصة بالسليمانية التي تعتبر معقلهم، كما رحلت مع نوشيروان مصطفى قوة التغيير ومواقفها الداخلية والخارجية، وتشظي قادتها وكوادرها بين الذي فضل الاعتزال والجلوس بالبيت بسبب تفضيل اخرين عليه وهم لا يستحقوا ان يساويهم بمثله او المعتزل سياسيا والمتواصل مع الحركة اجتماعيا ويزور مقراتهم كزيارته للمقهى لتقضية الوقت والحديث عن الماضي.
التغيير اليوم بنظر ابناؤها وانصارها لم تعد كما كانت او اقل ثقلا، بسبب اعضاؤها من الصقور والحمائم الذين ينقسمون بين جهتين لا ثالث لهما اما يدخل مع احد الاطراف المتنازعة على النفوذ وثوريث الابناء حزبيا او المتفرج عن نزاع داخل جناحي الحركة بين الرئيس الجديد الرجل الكبير بالعمر عمر سيد علي الذي يمسك زمام التنظيم الحزبي ابتداء من خانقين الى دهوك من جهة، والجهة الاخرى صاحب الخبرة العسكرية الرجل الثاني بالتتغير عثمان حاجي محمود مع رفيقه قادر الحاج علي الشخص القوي امنيا وعلاقتيا.
كل الاختلافات والتقاطع بالاراء تكون مفيدة داخل اي مجتمع او فرقة او حزب، الا وصولها لمرحلة الخصام والتفكير باطاحة الاخر او جعله يخسر حتى وان كان رفيق دربه زميله مثلما يحصل اليوم بحركة التغيير، سيجعلنا نضع الحركة بقوائم الاحزاب الكردية التي تذكر كنقطة دالة مكانية بشارع ما او بذكر رئيسها الذي رحل ورحلت معاه كل مابناه.