(( لا تفاوض مع التنظيمات الإرهابية بما فيها القاعدة وداعش , ومن لم يكن لديه موقف صالح وقوي ضد الإرهاب أو من يمثل الإرهابيين , فهو ليس شريكا في العملية السياسية )) , خطاب واضح ومباشر لشركاء العملية السياسية في العراق , فالمالكي بهذا الخطاب قد وضع اساسا جديدا للشراكة السياسية , هذا الأساس يتمّثل في الموقف الواضح والصريح من عمليات القتل والإبادة التي يتعّرض لها الشعب العراقي من قبل القاعدة والإرهاب الدولي المدعوم من قبل السعودية وقطر وتركيا , فمن الواضح جدا إنّ الأوضاع الأخيرة التي جرت في الرمادي والفلوجة وسيطرة القاعدة وداعش عليهما , ودور بعض العشائر ورجال الدين في هذه الأحداث , قد كشف حجم المؤامرة التي يتعّرض لها الشعب العراقي وخصوصا فيما يتعّلق بدور شركاء الإرهاب في داخل العملية السياسية , وممولي هذا الإرهاب في الداخل والخارج .
ومعادلة يد مع الإرهاب ويد مع الدولة , لم تعد تنطلي على أصغر طفل في العراق , والعراقيون جميعا يعلمون علم اليقين أنّ التمويل والدعم الأكبر لهذا الإرهاب يأتي من داخل العملية السياسية و تحديدا من شركاء العملية السياسية , وهذا الدعم والتمويل متورط فيه أحزاب وشخصيات نافذة في مواقع المسؤولية , فالمسؤول الذي يهاجم الجيش العراقي ويتّهمه بالطائفية في الوقت الذي يخوض فيه هذا الجيش معركة حاسمة ضدّ هذا الإرهاب , هو بالتأكيد شريك لهذا الإرهاب , والسياسي الذي يطلب من الولايات المتحدة الأمريكية التريث بإرسال السلاح إلى الجيش العراقي هو أيضا شريك لهذا الإرهاب , ورجل الدين الذي يصدّر الفتاوى والبيانات لقتال الجيش العراقي هو أيضا شريك فاعل لهذا الإرهاب , وشيخ العشيرة الذي يستدرج الجنود من أجل الإيقاع بهم وتسليمهم لداعش لقتلهم , هو إرهابي بامتياز .
ومحاولات خلط الأوراق والتذّرع بالتهميش وضياع الحقوق , لم تعد مقبولة إطلاقا , فأي سخافة هذه ومحافظة الأنبار التي لا يتجاوز نفوسها المليون ونصف المليون والتي لا تساهم بدولار واحد في إيرادات الدولة العامة , لديها خمسة وزراء ونائب لرئيس الوزراء , في حين أنّ محافظة البصرة التي يتجاوز نفوسها الثلاثة ملايين نسمه والتي تساهم بتسعين في المئة من إيرادات الدولة العامة , لا يمثلها وزير واحد في الحكومة العراقية , فأين هو هذا التهميش بربكم ؟ .
أحداث الرمادي والفلوجة قد كشفت تماما الدور القذر الذي تقوم به قطر والسعودية من أجل إسقاط النظام في العراق وتفتيت الوطن العراقي , بالتعاون والتنسيق مع بعض شركاء العملية السياسية الذين عناهم المالكي في خطابه يوم أمس الجمعة , وهؤلاء الشركاء لم يعد لهم أي مقبولية في العملية السياسية القادمة , ما لم يكن لهم هذا الموقف الصالح والقوي الذي تحدّث عنه المالكي .
وزيارات المسؤولين العراقيين الحالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية , إن لم يكن قد تمّ التنسيق بها مع رئيس مجلس الوزراء الذي هو المسؤول التنفيذي المباشر عن رسم وتنفيذ سياسات الدولة العامة , فهي تندرج ضمن الجهود الساعية لإيقاف تسليح الجيش العراقي وإطالة الحرب مع القاعدة وداعش , فالمشاركة في الحكم تعني فضح الإرهاب وفضح كل من يقدّم الدعم لهذا الإرهاب , وتعني إنّ أموال الشعب العراقي هي للبناء والإعمار وليست لدعم الإرهاب من خلال الفساد وسرقة المال العام , وتعني التصدي الحازم لدعاة التفرقة الطائفية المتلبسين بلباس رجال الدين , وتعني الوقوف مع الجيش العراقي بحربه المقدّسة ضد الإرهاب , وليس التشهير به أمام العالم خدمة لأجندات السعودية دولة البغي ومنبع الإرهاب , وتعني التصدي لكل من يسعى لتهميش دور الحكومة المركزية في بغداد والتجاوز على صلاحياتها , وتعني التصدي لكل من يسعى للنيل من سيادة العراق .