23 ديسمبر، 2024 4:46 ص

نوري السعيد ٠٠٠ الصورة الحقيقية

نوري السعيد ٠٠٠ الصورة الحقيقية

عُرف العهد الملكي بعهد نوري السعيد ، فقد لعب الرجل دورا اساسيا فيه خاصة في الاربعينات والخمسينات ٠ لكنه حكم العراق بعقلية عثمانية متخلفه ٠ يقول الوزير علي الشرقي : يمكنني ان اقول كان نوري يفكر بعقلية ١٩٢٠ وهو في عام ١٩٥٨ ( الاحلام – ص ١٩٥ ) ويصفه احمد مختار بابان اخر رئيس وزراء في العهد الملكي : كان نوري باشا من الطراز الذي يحب القديم ويتمسك به وقلما يراعي التطورات الحديثة وما يرنو اليه الجيل الصاعد ( المذكرات – ص ٥٦ ) ٠ وظل يعتقد لاخر يوم من ايام حكمه بان بريطانيا وشيوخ العشائر يضمنون للنظام الملكي البقاء والحماية ٠ يقول بابان : لابد لي هنا ان اوجه نقدي لنوري السعيد ٠٠٠ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، لم يبق للانكليز نفوذهم السابق في العالم ، واصبحت دولتهم ثانوية ، لكن نوري ظل متمسكا بصداقته للانكليز ( ص ٥٥ ) ٠ والحقيقة ان الامر ليس صداقة ، ولا مما تقتضيه حاجة العراق الى حليف ، فهو سايرهم للنهاية ولم يرفض لهم يوما اي طلب ، فكان النفوذ البريطاني موجودا في كل صغيرة وكبيرة من امور العراق ، ومهيمنا على صناعة النفط ، المورد الاساس للعراق ، بل وعلى كل اقتصاد العراق ، فحتى تجارة التمور كانت تحت احتكار الشركات البريطانية ٠ وتم زج العراق في مشاريع امبريالية لا مصلحة له فيها ولا قدرة له عليها ، وكان اخطرها ( حلف بغداد ) ٠ تقول الاميرة بديعة في مذكراتها : كان عدم الانسحاب من حلف بغداد مؤشرا بان النظام الملكي بات قريبا من نهايته ( وريثة العروش – ص ١٨٣ ) ٠ وكان الموقف من العدوان الثلاثي على مصر ، القشة التي قصمت ظهر البعير ، فعبد الاله ونوري السعيد راحا يحرضان بريطانيا على مهاجمة مصر ٠ وعندما بدأ العدوان انشغلت الاذاعة العراقية ليل نهار باحداث المجر ، متجاهلة العدوان الثلاثي ٠ وتشكل قضية النفط وحدها دليل مابعده دليل على تفريط السعيد في مصالح العراق الوطنية ، فكان من الذين استلموا رشى من شركة نفط العراق ( بطاطو – الكتاب الاول ص ٣٩٢ ) والتي استحوذت على كل عوائد النفط ولم تكن تعطي العراق الا الفتات ( بابان – ص ٢٤٦ – ٢٤٧ و ٢٠٥ ) فكانت الحكومة تكابد مشقات عظيمة في سبيل تدبير الرواتب والاجور كل شهر ( الازري – ص٣٥٠ ) ٠ ولم يتحسن الوضع الا في عام ١٩٥٢ ، بتأثير تأميم النفط الايراني وخوفا من انتشار الشيوعية في العراق ٠ وكمثال على انصياع السعيد لبريطانيا ، فقد عين موظفا بريطانياً – في انتهاك صارخ للسيادة الوطنية – عضوا في مجلس الاعمار ، لتضمن الشركات البريطانية حصتها من المقاولات ، الامر الذي دفع امريكا ان تضغط لتعيين عضو امريكي ايضا ( الازري ص ٣٢١ – ٣٢٢ ) ٠ وكان كل من يعارض ذلك يُتهم بالشيوعية ، بل حتى بعض الموالين للنظام الملكي طالتهم هذه التهمة ( د سانحة زكي – ص ٧٤١ ).
، وزج نوري السعيد بكثير من المثقفين في السجون ، وفي عام ١٩٥٣ دبرت السلطة الملكية مذبحتين فظيعتين ضد السجناء السياسيين في سجني بغداد والكوت ( بطاطو – ص ٣٥٦ – ٣٦٠ ) وتم اسقاط الجنسية عن آخرين ٠ وعموما كان السعيد قاسيا ولا يتردد عن اغتيال منافسيه او يحجم عن اي اسلوب يوصله الى مركز السلطة ( بطاطو – ص ٣٧٠ ) ويتخذ اجراءات صارمة لا مبرر لها ضد المعارضين ( بصري – ص ١٦٦ ) ٠ وفي عام ١٩٥٤ ارتكب هو ووزير داخليته سعيد قزاز مجزرة بحق الحياة المدنية والثقافية واغلقوا كل الصحف والنوادي والجمعيات بالعراق ( فوزي – المثير ص ٢١٩ ) ٠ وعندما سقط النظام الملكي في العراق كان عمر جريدة الاهرام المصرية ثمانين عاما بينما لم يزد عمر اية مطبوعة عراقية عن السنتين ٠ وكان يستخدم ميزانية الدولة لاغراضه الشخصية او لشراء الانصار او لاسكات المعارضين ( عبد المجيد القيسي – ص ١٧٢ ) ويعين اقرباءه واصدقاءه بغض النظر عن كفاءتهم ونزاهتهم ( بطاطو – ص ٣٦٩ و٣٧٢ ) ٠ وكان ابنه صباح فاسدا واستولى على ارض تبلغ مساحتها ٩٢٩٤ دونما ( بطاطو – ص ٣٩٢ ) ٠ يقول توفيق السويدي احد رؤساء وزارات العهد الملكي : ان سلطة نوري السعيد استغلها المقربون له ولولده صباح وجمعوا الفوائد لهم ( بصري – ص ١٦٩) ٠ من جانب اخر ، كان السعيد طائفيا ٠ يقول كامل الچادرچي : ان السعيد يريد ان يجعل من ابناء الجنوب الشيعة عمالا ، في حين يجعل من ابناء السنة خريجي جامعات ( رفعت الچادرچي – صورة اب ص ١١٦ ) ٠ وحتى عام ١٩٥٣ لم يكن هناك ضابط شيعي واحد برتبة كبيرة ( الازري – ذكريات ص ٤٤٢ ) ولم يكن هناك سفير منهم حتى عام ١٩٥٦ ( الازري – مشكلة الحكم ص ٣١٤ – ٣١٥ ) ٠ اما مجلس النواب فيبدو ان الهدف الاول من تزوير انتخاباته هو الحيلولة دون ان يكون للشيعة تمثيل يتناسب مع عددهم ( العلوي – الدولة القومية ص ١٩٤ ) ٠ ثمة جريمة لنوري السعيد وللنظام الملكي كله ، لم يُسلط عليها الضوء بما فيه الكفاية ، فقد اهمل الجيش تدريبا وتجهيزا وتموينا ( غوري الملحق العسكري البريطاني – ص ٢٤٧ – ٢٤٨ ) وزجوا به في حرب فلسطين ١٩٤٨ رغم ان بعض وحداته الالية والمدرعة لم تتدرب مطلقا ولم تطلق حتى اطلاقة واحدة ( حسب تقرير قائد القوات العراقية في فلسطين – الحسني ج٧ ص ٢٩٧ ) ٠ وقد برر نوري السعيد هذه المخازي بقوله : لن اسمح بخراب العراق لخاطر فلسطين ٠ والحقيقة انه خرب العراق واضاع فلسطين معا ٠