من الأقوال المأثورة التي كانت تطرق مسامعنا ونحن في عنفوان الصبا ويرددها مراراً وتكراراً آبائنا وأجدادنا في مجالسهم الخاصة والعامة ( إذا دام الظلم دمّر ) ولم ندرك مدلولاته ومايعنون آنذاك الى أن وثّق التأريخ لنا قصص البطولة والفداء والتضحية من أجل الحرية والخلاص من الظلم والطغيان والإستبداد على أيدي الجبابرة حتى طفح الكيل وبلغ السيل الزبى ولم يبق في قوس الصبرمن منزع , لإستضعاف القومية الكوردية من جانب وتنامي الفكر الشوفيني العنصري لدى السلطة الحاكمة من جانب آخر وعدم الإعتراف لكل من يخالفهم بالرأي , مما حدا بالمغوار كاوه الحداد ليثأر من السفاك الظالم ويشعل النيران على قمم الجبال إيذاناً بالإنتصارعلى الطاغوت وإعلان يوم جديد في تأريخ الشعب الكوردي والذي إعتمد بداية للتقويم والسنة الكوردية .
والتأريخ يعيد نفسه في كثير من الأحيان لتطابق الأحداث ومجريات الحياة فيه , وليس ببعيد يستذكر الكورد المآسي والويلات التي لحقت بهم جراء الممارسات اللاإنسانية التي كانت تمارس ضدهم من قبل رموز الطغيان والحكام المتغطرسين الذين تعاقبوا على إدارة الدولة منذ تأسيسها حتى مر الكورد بفترات مظلمة في حياتهم , ولو مورست تلك الممارسات التي يندى لها جبين الإنسانية مع أي شعب آخر في بقاع الأرض لمحو من بكرة أبيهم , لكن الإصرار والصمود من أجل البقاء كان شعارهم من خلال مقارعة الظلم عن طريق النضال المسلح ضد الأنظمة الدكتاتورية بالإضافة الى حبهم للأرض والإستماتة دفاعاً عنه مهما بلغت التضحيات من أجل إشراقة يوم جديد والعيش بسلام ووئام كباقي شعوب العالم الثالث .
فنوروز يعتبر عيداً قومياً وتأريخياً للكورد بكل ما تحمله الكلمة من معاني العيد حيث تتجسد فيه شتى أنواع التلاحم والفرح والإبتهاج ويعد إنتصاراً وثورة على رموز الطغيان والتحرر من الظلم والإستبداد وإنتصار النورعلى الظلام بإيقاد الشعلة في ليلة نوروز أيذاناً ببدء الإحتفالات في عموم مدن وقصبات كوردستان وبحضور جماهيري منقطع النظير , حيث ترتدي جبال وسهول كوردستان حلتها الزاهية تزامناً مع قدوم فصل الربيع بالوانه البراقة , ويرتدي الزي الكوردي الشعبي من قبل الرجال والنساء صغاراً وكباراً تعبيراً عن إعتزازهم بعيدهم القومي , حيث يحتفل به ما يقارب من ثلاثمائة مليون شخص في جميع أنحاء العالم , بعد أن قررت منظمة اليونسكو في شباط 2010 إدراج عيد نوروز في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية وكما إعترفت بيوم 21 آذار بإعتباره ( يوم النوروز الدولي ) .
شكرا ً لحكومة إقليم كوردستان لما تبديه من إهتمام كبير بهذا اليوم التأريخي وإعتباره عطلة رسمية في عموم كوردستان , وشكرا للقوات الأمنية وقوات الآسايش والبيشمركة للحفاظ على الأمن والنظام وحماية المواطنين أثناء الإحتفال بعيد نوروز من كل عام للإستمتاع بأيامه البهيجة , أعاده الله على الكورد باليمن والبركات وكوردستان تنعم بالأمان في ظل قيادة وحكومة رشيدة بعد أن نذرت نفسها لتواصل الليل بالنهار من أجل تقديم أفضل الخدمات لشعب عانى من ظلم وطغيان وجبروت الأنظمة الغاشمة والتي كانت متسلطة على رقاب الشعب المغلوب على أمره .