ما أن بدأت ملامح نتائج الانتخابات البرلمانية تتضح معالمها شيئا فشيئا , حتى بدأت معها نوبات الهلع والهستيريا تصيب خصوم رئيس الوزراء نوري المالكي الواحد تلو الآخر , فالتصريحات التي أدلى بها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى وكالة رويترز للأنباء , قد عكست هذه الحالة , فلا يمكن تفسير هذه التصريحات المنفعلة جدا والمستفزة جدا غير أنّها حالة من الهلع و الهستيريا قد أصابت رئيس الإقليم مسعود بارزاني , لأنه يعلم جيدا إنّ الفوز الكاسح الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام لرئيس الوزراء نوري المالكي , سيعيده حتما لتشكيل الحكومة القادمة , وعودة نوري المالكي لرئاسة الحكومة القادمة تعني بالنسبة لمسعود , نهاية أحلامه في السيطرة على نفط إقليم كردستان وبيعه بعيدا عن سيطرة وأشراف وزارة النفط الاتحادية , وتعني أيضا وضع حد لأحلامه المريضة في الانفصال عن الدولة العراقية .
وإلا بأي منطق يمكننا أن نفسرّ هذه التصريحات المنفعلة والمستفزة ؟ وهل يملك مسعود بارزاني سلطة على القرار الكردي حتى يفرض هذه السلطة على القرار العراقي ؟ وما هي عدد مقاعد حزب مسعود في البرلمان العراقي الجديد حتى يهدد الشعب العراقي بهذا الشكل السافر ؟ وأين نضع هذه التهديدات السافرة إذا ما أردنا أن نطبق عليها قواعد ومعايير الديمقراطية التي يتشدق بها مسعود كذبا وزورا ؟ ومن أجاز له أن يتجاوز على خيار الشعب العراقي ؟ وما علاقته أصلا بخياراتنا ؟ وهل حكومة إقليم كردستان جزء من الدولة العراقية ؟ فإذا كانت حكومة الإقليم جزء من النظام الاتحادي , فهل أخذ مسعود رأي الحكومة الاتحادية عندما انفرد بتوقيع عقود نفط إقليم كردستان مع شركات النفط العالمية ؟ وهل أخذ رأي الحكومة في بغداد في أنبوب النفط الذي مدّه من كردستان إلى تركيا ؟ وهل تصرّف مسعود يوما واحدا في حياته وأشعر الحكومة الاتحادية بأنه جزء من النظام الاتحادي , في كل زياراته التي يقوم بها للخارج وعقده للاتفاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع دول العالم المختلفة ؟ وهل نسّق يوما مع الحكومة الاتحادية وأطلعها على طبيعة هذه الزيارات ؟ فمتى احترم مسعود سيادة الوطن العراقي حتى يهدد بالانسحاب الكامل من البرلمان والحكومة ؟ وهل يعلم مسعود إنّ الأصوات التي حصل عليها نوري كامل المالكي لوحده في بغداد هي أكثر من كل الاصوات التي حصل عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني في كل العراق ؟ وهل يملك مسعود الجرأة الأدبية ويقول للشعب العراقي أين انفرد نوري المالكي ؟ فإذا كان نوري المالكي ديكتاتورا في نظر مسعود وعصابته , فماذا نسمي سطوته هو وعائلته على مقاليد حكومة إقليم كردستان ؟ .
إنّ تهديدات مسعود البارزاني السافرة والوقحة , قد عكست العقلية العشائرية التي يقود بها مسعود بارزاني إقليم كردستان , ونسى مسعود إنّه رئيس لهذا الإقليم بموجب قرار فرضه هو على برلمان إقليم كردستان بتمديد فترة رئاسته سنتين , ونسى أنّه وعائلته يسيطرون على كامل مقدرات إقليم كردستان , ونسى إنّ انتخابات إقليم كردستان قد مضى عليها تسعة أشهر ودون أن يتمكنّ من تشكيل حكومة للإقليم حتى هذه اللحظة , ونسى إنّ الشعب العراقي سيطالبه بأموال نفطه المسروق الذي باعه ولا أحد يعرف أين هي هذه الأموال , وقوله بأنه سينسحب من المشاركة في الحكومة فيما إذا شّكل نوري المالكي الحكومة الجديدة , لا ينمّ عن اي حصافة سياسية , بقدر ما ينمّ عن تعال وغرور وعنجهية فارغة , إنّ أي عراقي لا يمكن أن يقبل بمثل هذه التهديدات والابتزازات , ولا يمكن القبول مطلقا بهذه التصريحات الاستفزازية الشاذة , ولا بدّ للعراقيين أن يقفوا صفا واحدا بوجه مسعود وعصابته الخارجة عن القانون .