22 نوفمبر، 2024 8:56 ص
Search
Close this search box.

نوال وثورة المستور !! نوال وثورة المستور !!

نوال وثورة المستور !! نوال وثورة المستور !!

جمعت في قلبها انتفاضة المظلوم وثورة المجروح، وأورقت في كلماتها حقوق, لم تقال في حق النساء , وأبكت العالم بما حفضه التاريخ من اذلال وانتهاك لشرف المرأة , في  عقلها استيقظت المرأة العربية كان لم تفيق من قبل, كتبها, تراثها, محاضراتها, كلها تحدٍ ليس للمفاهيم القاسية للشرق عن المرأة فقط, بل لأثبات حق أمهلت في شأنه السماء ولم تهمله, و لامست شوارب الصحراء بفروسيتها وهزمتها بنور البرهان والدليل, وجادلت وتمايلت فأيقظت المستور  وكل ما قيل في دعج العيون ورخص البنان . تعدت في جرأتها المسموح، فأشعلت الدنيا بين مؤيد ومحارب، فأعدائها تربصوا لها في كل حرف ولقاء، ومؤيدوها رغم صمتهم وعجزهم عن الصراخ، كانت تشعر بأعدادهم المهولة في حرب السنابل والقفار، وكانت تعرف ان ساعة الحقيقة لابد ان تنبعث في غليانها بعدالة الله التي يجهلها العرب أكثر من أمم التتر.
ولدت نوال سعداوي في قرية نائيه (كفر صلحه) ابعد ما تكون عن بهاء الثورة ونورانية السمو وروح الكفاح ومشعل الحرية الذي حملته، حصلت على شهادة الطب في عمر مبكر، ومارست الكتابة بعفويه عن حقوق المرأة في زمن كانت رائدات الحركات النسائية في الوطن العربي يلذن بالصمت او العزوف عن الحوار مع الانكار والجحود الذي ابداه المجتمع تجاه المرأة وحريتها، وتعرضت بسبب كتاباتها الى السجن والتخويف والحصار ومصادرة كتبها ومنشوراتها، صدر لها أكثر من 40 كتبا” تُرجمت الى أكثر من 30 لغة في العالم.
 
 فلسفة سعداوي تتعدى المديات المنظورة في نشاط الانسان، وتجعل فكرة الحرية تتغذى على الانسجام اللانهائي بين ثقافات الانصاف والعدل وحرية الانسان وبين كرامة الوطن وقوة الحضارة لأي مجموعه بشريه، ولكنها كأي انسان اخر قد تجعلها المعارك المتلاحقة ضحية انجراف ربما يوسع المسافة في وعي القاريء بينها وبين الحقيقة التي لا نراها نحن البسطاء.
كتبت العديد من الكتب في الرواية والفلسفة الاجتماعية , والكثير من الشؤون الأخرى, ولها مؤلفات معروفه عند القراء مثل ( مذكراتي في سجن النساء) و ( مذكرات طبيه ) و ( أوراق حياتي ) وغيرها , ولكن المؤلف الأبرز لها والذي سبب ازمة كبيره في مصر هو كتاب (الاله يقدم استقالاته) والذي تم مصادرته من قبل السلطات المصرية حيث تم اعدام 4000 نسخه في مطبعة محمد مدبولي, بدعوى ان  الكاتبة حسب المنتقدين تعرضت للذات الإلهية بشكل غير مقبول, ولكن نوال سعداوي ردت في الكثير من مقالاتها ومقابلاتها التلفزيونية على هذه التهم بمزيد من الالغاز, حيث تقول  ان الاله غير الله, حيث ترى ان  الالهه  متعددة في تاريخ الشعوب ولها أسماء كثيره وتختلف عن الله سبحانه, لان الله عندها هو العدل المحض المتجسد في العقل, والامه التي لا يقودها عقلها ليس لها اله او (الله ).
 
كانت حواراتها حول الحجاب من أكثر الأمور اثارة في مقابلاتها التلفزيونية التي كانت القنوات تتسابق فيها لنيل الشهرة على حساب فكر سعداوي ومشروعها التنويري وآرائها الحرة، تقول (الملابس لا تعبر عن الأخلاق، فالرجال والنساء في إفريقيا عرايا، ولا أحد يسألهم عن السبب، فالجو هناك حار) وتتساءل أيضا” لماذا المرأة يجب ان تغطي راسها و لا يوجب ذلك على الرجل؟، حيث ترى ان الاخلاق التي يسوق الإسلاميين الحجاب كرمز لها لا يحفظها قطعة قماش او مظهر تم سحب القدسية عليه بتعسف, وان الجنة لا يدخلها  من لا يرى قوة المتناقضات في الجوهر وليس التمسك بمظهر اجتماعي لا يعرف احد كيف التصق بحياة المجتمع.
آمنت بفصل الدين عن الدولة لتجنب المطبات التاريخية والطائفية والتي اثبت الواقع بعد نظرها عندما جاهرت بذلك في زمن السادات وتعرضت للسجن بسببه، لم تعرف الهزيمة في راي او مشروع تنويري , كانت تحاكم المجتمع الذكوري في كتاباتها وتحمله مسؤولية الانحطاط الحضاري, لان الازمات والعوق الثقافي الذي فرضه الرجل على المرأة بحجة الدفاع عن الله قد استهلكت طاقة المجتمع فبدأ ينتج كيانات غير واعيه بقيمتها التاريخية, فانهارت وانهار الإسلام, وتحولت طاقة المسلمين الى وباء تكفيري استقطب مجانين الأرض وسفاكي الدماء ليتم ذبح الإسلام  امام العالم.
حاكمت بكل جرأه مقاييس المجتمع في العفة والشرف، وانكرت ان تكون المرأة فقط من تتحمل مسؤولية شرف العرب، فالرجل يستخدم شتى الحيل الاحترافية للإيقاع بها فأن تمنعت وُصفَت بالجمود والحجرية، وان استجابت وصمها المجتمع بالعيب، فالمجتمع يسقيها العار ويطالبها بالبراءة منه، حيث تبدأ الانثى حيرتها من إيامها الأولى عندما تلاحظ نظرات من حولها تختلف عن الذكر، وأنها تحمل امانة خطيره يقال لها ان شرف البيت والقبيلة في يدها, ويتم تحميلها أخطاء الرجل الذي دائما يخرج بريئا بعد ان يقتلها, حتى الله  عندها يبرئه.
 
لها فلسفه أخلاقية مميزه تقول (افعل الخير لأنك تحب عمل الخير وليس خوفا” من عقاب او رغبة في جزاء)، ورددت كثيرا قول أبيقور (يتحرر الإنسان حين يتغلب على خوفه من الآلهة) , انتقدت الخطط الحكومية في الإقراض الزراعي, حيث انتقدت قرار بنك التنمية المصري في اقراض المزارعين لمن يرغب الزواج بأربع في عام 2013, واعتبرته جريمة بحق المجتمع, لأنه بالإضافة الى الانفجار السكاني  والفقر, فأنه يشجع منطق اجرامي  في تنازل المرأة عن زوجها والقبول بنصفه  او ربعه محاطا” بهراوة الشرع ان نطقت بحرف.
 
آمنت سعداوي بفطرتها السليمة بعدالة قضيتها وان الحق فوق القوة، والانسان فوق القانون، وان البشر متساوون بفطرتهم، ولا فرق بين رجل وامراه، وابيض واسود، تعانق في وعيها العقل والروح، وفارقت فلسفتها المجردات لتتحول الى هم جدلي بين المتناقضات الوجودية، حركت كلماتها الركون المذل لحكمة التاريخ في وعي العرب، ورفضت ان تكون ضحية أخرى لذكورتهم المهزومة في كل ركن، تمدد وعيها في عقول الاف النساء العرب وأصبحت كلماتها تتردد في القارات كثمرة للإنسانية المستعبدة بهمجية التاريخ. وأصبحت كتبها معلقات أجيال الفيسبوك والانترنيت، لان الفكر الذي في قيدها انكسر, سينكسر في اطواق العتمة وظلمة المنهج.
[email protected]

أحدث المقالات