23 ديسمبر، 2024 3:41 م

نوابٌ ممثلون على الشعب لا عنه!..

نوابٌ ممثلون على الشعب لا عنه!..

نوابٌ عن أنفسهم ومصالحهم ونزواتهم، لا عن الشعب ومصالحه! ما أن يجلسون على كرسي السلطة التشريعية؛ حتى يسدلون الستار فيما بينهم وبين جمهورهم الذي أنتخبهم، ويتنكرون لهم!
عضوية مجلس النواب؛ تمثل في حقيقتها، مقاماً تكليفياً لا تشريفي، فالنائب خادم للشعب لا متسيداً ومتسلطاً عليه. قال تعالى عز وجل: وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً سورة الإسراء – الآية 37.
بالأمس دار حوار بيننا وبين أحد الأشخاص، رجلٌ لا أعرفه، التقيته في مكان عام. دار بيننا حوارٌ بشأن التصويت على مادة تقاعد كبار المسؤولين في الرئاسات الثلاث، تحدث ذلك الرجل قائلا: مما يثير استغرابنا؛ أن فلاناً خالف أمر المرجعية بتحفظه على قانون تقاعد الرئاسات الثلاث، ولم يصوت بـ (كلا) فالتحفظ يعني أنه يرى أحقية النائب براتب تقاعدي! كان ينبغي عليه أن يرفضه رفضاً قاطعاً.
كان حديث ذلك الرجل مفرحاً، بيد أنه سرعان ما أستدرك قائلاً: مع أنني شخصياً أرى أن النائب ينبغي أن (لايكسر) بعد خروجه من مجلس النواب، فالنائب إذا حضر مواكب عزاء أهل البيت عليهم السلام في المناسبات؛ لا يسعه أن يخرج منه حتى يدفع مبلغاً من المال، يتناسب مع شأنيته كنائب في البرلمان، لا أقل من (250,000 ألف دينار) لكل موكب عزاء، فالنائب ليس كباقي الزائرين، يدخلون المواكب ويأكلون الطعام، ثم يواصلون سيرهم نحو العتبات المقدسة، دون أن يصرفوا فلساً واحداً. كذلك عندما يحضر النائب مناسبة عرس أو عزاء؛ فلا يسعه أن يدفع شأنه شأن بقية الناس، فلا أقل من أن يدفع (100,000 ألف دينار) كذلك عندما يغادر النائب مجلس النواب، ينبغي أن يستمر على نفس المستوى وذات الشأنية.
كان ذلك الإستدراك غريباً جداً ومناقضاً لما سبقه من حديثٍ لذلك الرجل، والذي تبين فيما بعد أنه أحد أعضاء مجلس النواب الجدد، الذين فازوا في الانتخابات الأخيرة!
يريد ذلك النائب، أن يجعل لنفسه ولأقرانه من النواب؛ مستوىً معيشياً متميزاً عن الشعب، بتكوين طبقة أشبه بالأرستقراطية، سواء إثناء عملهم داخل قبة البرلمان، أو حتى بعد خروجهم منها بإنتهاء الدورة البرلمانية، وكل ذلك على حساب الميزانية العامة، وأموال الشعب المظلوم والوطن المنهوب! ولكم أن تتخيلوا لو أفرز لنا كل أربع سنوات، قرابة (500) من كبار المسؤولين في الرئاسات الثلاث، يتقاضون راتباً تقاعدياً مهولاً، وكيف ستكون تلك الطبقة بعد عدة دورات!
أولئك النواب لا يستحقوا أن يمثلون الشعب، فكل من صوت على تمرير قانون تقاعد الرئاسات الثلاث، وكذلك من تحفظ عليه؛ فهو خائن لشعبه وللمرجعية، يتقمص دور الوجيه والوالي في حكومات الطغاة، ويخلعه على نفسه في حكومة الديمقراطية!
لا يستحق ذلك النائب، أن يكون عضواً في مجلس النواب، لأنه في الحقيقة سوف لن يكون ممثلاً عن الشعب؛ وإنما ممثلاً عليه!