23 ديسمبر، 2024 5:27 ص

نهضة الإمام الحسين عليه السلام معين لا ينضب

نهضة الإمام الحسين عليه السلام معين لا ينضب

الباحث عن القيم والفضيلة, وكل خصلة حميدة, ومن يريد الاصلاح وهداية المجتمع, ومن يفتش عن الايثار والصبر والشجاعة, سيجد كل ذلك في نهضة الإمام الحسين عليه السلام.
تمثل نهضته عليه السلام معينا صافيا, من قيم الكرامة والتضحية, فهي نهضة أرست الشخصية الحقيقة للمسلم الذي لا يفكر بنفسه, بل بقيم رسالة السماء وتطبيقها, رغم محاولة الظالمين طمسها وتغييرها عن طريق الفتك والقتل.
وضع الإمام الحسين عليه السلام إسس نهضته, منذ أول إنطلاق حركته, وكان واضحا في ما يريده, ولم يستخدم اللف والدوران وإستغفال الناس والتمويه عليهم, فهو عليه السلام أبعد من أن يفكر بمصلحة شخصية أو مكسب معين.
“والله لم أخرج أشرا ولا بطرا, إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي, أأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر” كان هذا شعار سيدنا الحسين عليه السلام لنهضته فبعد أن رأى المعروف لا يعمل به, والمنكر لا ينهى عنه, ووجد إن سياسة الظلمة جرفت المجتمع إلى واقع مغاير لما جاءت به الرسالة الإسلامية, نذر أبو عبد الله نفسه لإستنهاض الإمة, وكشف زيف الحاكمين بإدعاءهم الإسلام, وأوضح صادحا بالحق, إن الحياة مع الظالمين برما, وإن الموت سعادة في سبيل الحق.
هذا الشعار السامي, والهدف النبيل, الذي رسمه سيدنا الحسين عليه السلام, يعطي صورة واضحة, وخط شروع لكل باحث عن الإصلاح, فالإصلاح في قاموسه عليه السلام لا يقوم بالظلم والجور, ولا يقابل الجور بالجور, ولا الظلم بالظلم, فإنطلاقة المصلح تكون إنطلاقة بناء, لا يـداخلها حيف, فالمصلحون يجب أن يكونوا بعيدين عن الأنا, وبعيدين عن التخريب والإضرار بالمصالح العامة, فلم يحدثنا التاريخ إن الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه, تعرضوا بالتخريب لأرض مرو بها أو بناء جاوزوه, ولا أخافوا آمنا, ولا روعوا شيخنا أو إمراءة أو طفل, بل كان مسيرهم مسيرا أخلاقيا رفيعا, حتى مع الجيش الذي جعجع بهم إلى كربلاء,  وكيف إن إمامنا الحسين عليه السلام أمر أصحابه أن يسقوا ذاك الجيش ماءا, وقام هو بنفسه عليه السلام بسقايتهم.
ثم إن الصراحة والوضوح كانت محور العملية الإصلاحية, فبعد أن بيَّن إمامنا الحسين عليه السلام شعاره, ووضح أهدافه, بدأ يشرع بإخبار من يرغب بالإلتحاق به, بحقيقة المصير الذي سيلاقيهم قائلا: “من لحق بنا أُستشهِد, ومن تخلف عنا لم يبلغ الفتح”, وهذا الوضوح هو الأمر الغائب غالبا عن أكثر الحركات التحررية, لكن سيدنا الحسين عليه السلام كان دقيقا في حركته وتبيان تفاصيلها.شمولية نهضة إمامنا الحسين عليه السلام, جعلها نهضة تصلح لمن يقتدي بها على مرِّ الزمان, وفي أي مكان, فنهضته بأبي وأمي هو, كانت مدرسة للقيم, وهي معين لا ينضب لمن أراد الإرتواء منه.