18 ديسمبر، 2024 11:05 م

طارق بن زياد (670 – 720) ميلادية , (50 – 101) هجرية , لا نعرف عن حياته الكثير , ولا توجد أدلة على نهايته , سوى أنه فتح شبه الجزيرة الأيبيرية (الأندلس) , في رجب 92 هجرية , نيسان 711 ميلادية , وهو القائد في جيش والي أفريقيا (موسى بن نصير) (ولد في الخليل 19 هجرية , وتوفى في السعودية 97 هجرية , وفتح بلاد المغرب والأندلس وقبرص) في عهد الوليد من عبد الملك بن مروان (50 – 96) هجرية , الذي أمضى بالخلافة عشرة سنوات (86 – 96) هجرية.
المذكور عن طارق بن زياد أنه عاد إلى دمشق ومات فيها منسيا , ولا يوجد له قبر معروف , ويبدو أنه ربما عوقب من قبل والي أفريقيا والخليفة في دمشق , فكانت نهايته محيّرة , وما تجده في كتب التأريخ إنشغال فارغ بنسبه وأصله , وهو الذي رفع راية الإسلام , وأسس للوجود العربي في الأندلس الذي إستمر لثمانية قرون , وما يخلده (مضيق جبل طارق) والمدينة التابعة له , وهي تحت الإدارة البريطانية.
و”قطز” الذي حكم مصر لأقل من سنة واحدة (1259 – 1260) , الملقب بالملك المظفر سيف الدين , إسمه قطز محمود بن ممدود بن خوارزمشاه.
ولد في (2\11\1221) ببلاد ما وراء النهرين , وقتله في الصالحية بمصر (24\10\1260) الظاهر بيبرس , بعد (50) يوم من نصره الذي غيّرَ مسار التاريخ.
وهو شاهد ساطع لجوهر الأمة وحقيقة منطواها الحضاري الأبي الذي يتجدد في كل حين , فلا تتمكن منها أية قوة مهما تعاظمت وتوهمت بالسطوة والإقتدار.
فالقوة الهولاكية في حينها كانت ترعب الدول وتزعزع أركان الإمبراطوريات , وبعد ما فعلته في بغداد (1258) وباقي حواضر الدولة العباسية , توهمت بأنها بسطت نفوذها على إرادة الأمة , وباغتها “قطز” بنصره المظفر الكاسح , الذي حطم تطلعات المغول وأرداهم في مواضعهم يتخبطون , ويلعقون جراح الهزيمة القاصمة في معركة (عين جالوت) (15 رمضان 658).
قطز أنقذ البشرية من أفظع عدوان غير مسبوق عليها , وكان جزاءه من أقرب قواده ومساعديه أن قتلوه , فما أرادوه أن يتكحل بلذة نصره وإنجازه المتميز الكبير.
قتله قائده الظاهر بيرس , بخدعة لا تخطر على بال , ويُرجح أن “قطز” ربما كانت تعوزه الفطنة والخبرة القيادية في زمن اللاحرب , فهو محارب مغوار , وفارس لا يشق له غبار , لكن القيادة السياسية لها آلياتها الوسخة.
الإثنان لا يوجد لهما قبر , الأول قتل نفسيا , والثاني قتل فور عودته من نصره المبين , وهذه ظاهرة تكررت في مسيرة الأمة , فهي تقتل أبطالها , ولا تريدهم , وتسعى لتحويلهم إلى أساطير وحسب , أما أن تقبل بقائد بطل فمن الموجعات و دواعي المآسي والويلات , ولهذا تواصلت محكومة بالأجنبي , ومعادية لكل بطل أصيل.
وحتى في القرن العشرين فالعديد من دولها فتكت بقادتها الوطنيين , وأهانتهم وجرعتهم كؤوس المذلة والهوان , فتمكن منها أعدؤها , وسخروا أبناءها ليكونوا أدواتهم لنيل ما يريدونه منها.
فهل هذا طبع أمة , أم أنه طاعونها المبيد؟
د-صادق السامرائي