19 ديسمبر، 2024 4:47 ص

 نهاية عصر الدبلوماسية؟

 نهاية عصر الدبلوماسية؟

برهن تصعيد المواجهة بين روسيا والغرب حول اوكرانيا والتلويح باستخدام القوة العسكرية وتزايد الحشود على خطوط التماس دخول العالم في منعطف جديد وما سبقها من اندلاع الحروب الموضعية وواسعة النطاق في مختلف انحاء العام بما في ذلك النزاع العربي الاسرائيلي وتعثر مؤتمر جنيف بايجاد تسوية سلمية للنزاع السوري وحل المشكلة الايرانية التفاهم مه كوريا الشمالية…برهن على تفضيل القوة لحل المشاكل الدولية والاقليمية على طرق التسويات الدبلوماسية والمباحثات. وانسحبت الدبلوماسية عن العثور على تسويات سياسية وسلمية سريعة وتقليص فترات الحروب او الوقاية منها. ولم تعد الدبلوماسية قادرة على قطع الطريق على نشوب النزعات كما احتوت ازمة الكاريبي في الستينات وقلصت من فترات الحروب بالشرق الاوسط وسوت النزاعات باقريقيا ومنعت نشوبها بامريكا اللاتينية واخيرا في القوقاز، كما حافظت على ” برودة” الحرب بين الشرق والغرب حتى تسعينات القرن الماضي.ويعكس العجز ايضا المواقف السياسية التي ترى ان القوة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاهداف المنشودة والمصالح.

وتعطي هذه التطورات كافة المسوغات للحديث عن عجز الدبلوماسية او ضعف دورها في الشئون الدولية، على الاقل في المرحلة القائمة وربما لفترة قادمة طويلة. ونال الدبلوماسية الوهن والضعف، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وحدوث خلل في موازين القوى الدولية، وتخلى الكثير عن الالتزام بقواعد اللعبة على الساحة الدولية او الالتجاء الى سياسة المقايضات لمراعاة كل طرف مصالح الطرف الاخر. وسيادة القطبية الواحدة على النظام الدولي. وباتت الدول الكبرى تفضل لعب ادوار مستقلة بما في ذلك اقليمية من اجل صيانة مصالحها وحسب.

وتجلى وهن الدبلوماسية بصورة ساطعة بالفشل الدولي للاتفاق على تدابير مشتركة للتغلب على الازمة الاقتصادية والمالية العاصفة مع كل ما تنذر به من تركات على كل العالم ككل وعلى كل بلد على حدة، وظهور مؤشرات تحديات اخرى قد تكون سببا في نشوب نزاعات بالعالم تتصدرها ازمة الطاقة وازمة المياة المرتقبة ونقص المواد الغذائية.

لقد فشلت الدبلوماسية في حل مشكلة كوسوفو بالطرق السياسية، فنشبت حرب البلقان الثانية ضد يوغسلافيا، واستعرت النزاعات ايضا في العراق وافغانستان، وتتضائل مع كل يوم جهود الدبلوماسية في ايجاد حل سياسي للمشكلة النووية الايرانية، وللنزاع في دارفور والنزاعات المختمرة بافريقيا وامريكا اللاتينية.

واصبح استمرار القصف الاسرائيلي على غزة ومواصلة حماس اطلاق صواريخها على المناطق الاسرائيلية ايضا دلالة اخرى على عجز الدبلوماسية في منع الكارثة الانسانية هناك والعثور على حلول مقبولة. ولم تستجب اسرائيل ولا حماس الى النداءات الدبلوماسية الدولية بوقف اطلاق النار، ولاح مجلس الامن الذي كان له دور مشهود في القرن الماضي عاجزا عن الاتفاق لوقف طاحونة الدم بغزة، والدبلوماسية العربية والاقليمية والدولية تتحرك مثل شبح بعيدا عن ساحة المعركة دون ان يكون لها تاثيرا ملموسا عليها. تطلق كلام كثير تغطية الصواريخ المنطلقة من جهتي جبهة القتال. فهل هذا حقا مؤشر على نهاية عصر الدبلوماسية، وضرورة البحث عن آليات جديدة لتجنب البشرية الحروب والنزاعات الساخنة؟.

* اعلامي من العراق يقيم في موسكو

أحدث المقالات

أحدث المقالات