لطالما كانت إيران في إطار “العدو المحاصر” في المعادلة الإقليمية، إلا أن المواجهة مع إسرائيل، أظهرت تحولًا جذريًا في عقيدة إيران العسكرية، وقدرتها على فرض قواعد اشتباك جديدة أصبحت قوة مواجهة مباشرة قادرة على ضرب الخصم في العمق، وإرباك دفاعاته، وتغيير قواعد اللعبة، هو التحول الاستراتيجي في ميزان القوة الذي فرضته إيران من خلال مواجهة أكثر جرأة وتطورًا في الأدوات والأساليب.
0نجحت إيران في تحقيق طفرة في قدراتها التكنولوجية العسكرية، خصوصًا عبر تطوير صواريخ دقيقة التوجيه وطائرات بدون طيار ذات مدى طويل، اخترقت الدفاعات الإسرائيلية، وأحدثت أضرارًا في منشآت استراتيجية، استخدمت إيران تقنيات متقدمة في الطائرات بدون طيار والتي نجحت في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، بل ووصل بعضها إلى مواقع استراتيجية، كما طورت صواريخ دقيقة التوجيه قادرة على استهداف بنى تحتية حساسة، وهو ما أجبر إسرائيل على إعادة النظر في منظومتها الدفاعية.
لم تكتفي إيران بالحرب التقليدية، بل خاضت أيضًا معركة إلكترونية متقدمة، أظهرت قدراتها المتقدمة تقارير دولية تحدثت عن تعطيل مواقع حكومية إسرائيلية، واختراق أنظمة اتصالات، بل وحتى شل جزئي لبعض البنى التحتية المدنية، هذا الهجوم السيبراني ضرب العمق دون إطلاق رصاصة واحدة هذا النوع من الحرب أضعف ثقة المستوطنين بمناعة بلده الداخلية، وهو تحول نفسي مهم في أي حرب معقدة.
من النادر أن يرى العالم قبة حديدية منهكة، ومستشفيات إسرائيلية تغص بالمصابين، ومستوطنين يلجأون إلى الملاجئ لأيام متواصلة، الحرب الأخيرة قلبت الرواية النفسية:
- 1. المجتمع الإسرائيلي بدأ يفقد ثقته بقدرة الجيش على الحماية.
- 2. المستثمرون والأجانب بدأوا يتحدثون عن “تهديد وجودي.
- 3. استطلاعات داخلية إسرائيلية أشارت إلى تراجع ثقة الشارع بالحكومة والجيش.
- 4. كل ذلك منح إيران نقطة تفوق نفسي غير مسبوقة في هذا الصراع الممتد.
ردّ إيران السريع والقوي على أي ضربة إسرائيلية شكّل صدمة في دوائر القرار الغربية، فبينما كانت إسرائيل تعتمد على تفوقها الاستخباراتي والدعم الأمريكي، أظهرت إيران أنها قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة ومحسوبة دون ردع فوري، حتى الولايات المتحدة وجدت نفسها أمام معضلة:
- 1. دعم إسرائيل دون الانجرار إلى حرب شاملة.
- 2. تهدئة المنطقة خوفًا على أمن الطاقة العالمية.
- 3. إيران فرضت على العالم معادلة جديدة: أي اعتداء سيقابَل بردّ بحجم الصدمة.
تفوق إيران في هذه الحرب لم يكن مجرد نصر عسكري، بل كان تحولًا استراتيجيًا عميقًا. لقد أثبتت أنها قادرة على المبادرة، وخوض حروب معقدة تشمل الأرض، والجو، والفضاء الإلكتروني. في وقت كانت فيه إسرائيل تحاول فرض الهيمنة، أصبحت في موقع الدفاع لأول مرة منذ عقود قلبت إيران موازين الحرب، ليس فقط في ميدان المعركة، بل في عقول الخصوم، وفي حسابات العواصم الكبرى من خلال فرضها معادلة جديدة ان: إسرائيل لم تعد الطرف الوحيد القادر على “الضرب من دون رد”، بل أصبحت أيضًا تحت التهديد المباشر والدائم