23 ديسمبر، 2024 9:05 ص

نهاية ألعالم في ألرؤى أليهودية

نهاية ألعالم في ألرؤى أليهودية

كما في ألتقاليد ألاخرى، فإنّ نهاية العالم هي في ألرؤى أليهودية معلنة بعدد من الكوارث ألأرضية وألظواهر ألكونية ألشاذة:

ستضيء ألشمس أثناء ألليل وألقمر أثناء ألنهار وسيجري الدم في ألأنهر وستخرج ألنجوم من محاجرها وسيقزز ألدم ألأشجار وستسيل ألنار من أحشاء ألأرض وستصرخ ألحجارة ألخ… (ايسدراس 50 :    4-12) وستقصر ألسنة وسيتقاتل ألبشر ويميتون بعضهم بعضا وسيكون هنالك جدب ومجاعة (هذه ألكليشيهات أشتقت من سيناريو أسطوري قديم حول نهاية ألعالم، يتلوها خليقة جديدة….أنظر أسطورة ألعود ألأبدي لميرسيا إلياد). وكالتقليد ألإيراني (ألزرداشتي) لنهاية ألعالم، سيكون هناك دينونة شاملة، أي بعث للأموات.

لقد سبق لسفر أشعيا (26: 19) أن اشار إلى ألبعث : ” أمواتك سيحيون، واشلاؤهم ستبعث ” غير أنّه من الصعب تحديد تأريخ هذا ألمقطع. واول مرجع لاجدال فيه يوجد في دانيال (12:  13) ” ستبعث من جانبك في نهاية ألأيام “.

من الراجح جدا أنّ ذلك يتعلق بتأثير أيراني (ألزرداشتية) إلّا أنّه يجب أن يؤخذ في ألحسبان مفاهيم ألعصور ألحجرية ألشرقية لآلهة ألزراعة.

أمّا بألنسبة للدينونة ألأخيرة فإنّ دانيال (7: 9 – 14) يصفها منطوية بحضور ” قديم “:

 ” فبينما كنت أرى إذ نصبت عروش فجلس ألقديم وكان لباسه أبيض كألثلج وشعر رأسه كألصوف ألنقي وعرشه لهيب نار وعجلاته نار مضطربة…..ألخ “.

وفي ذات ألرؤية للقديم والدينونة، يحضر دانيال نزول كائن من ألسماء ” كابن ألإنسان ” قيّد إلى حضرة ألقديم: ” ورايت في رؤى ألليل فإذا بمثل أبن ألبشر آتيا على سحاب السماء فبلغ إلى القديم  وقرب إلى أمامه وأوتي سلطانا ومجدا وملكا بجميع الشعوب وألأمم وألألسنة يعبدونه وسلطانه سلطان ابدي لا يزول وملكه لا ينقرض ” (7: 13-14).

وفي ” أبن ألإنسان ” يرمز دانيال لشعب إسرائيل في فترة عليا من ألظفر ألأخروي، ولقد كان هذا من جهة أخرى أللقب ألذي أعطي للمسيح، وهو يتعلق باسطورة شائعة جدا في العالم ألهيلليني وإبن ألإنسان هو ألشكل البشري أو ألإنسان ألأول.

وهذه ألأسطورة هي من اصل هندي إيراني ( بيروشا، غايمورد)، وإنّ فكرة ألإنسان ألأول ألموظفة لكهنوت أخروي ليست توراتية ولم يجري ألكلام عن آدم سابق الوجود للخلق إلّا في اليهودية ألمتأخرة.

في الواقع أنّ اليهودية كانت تجهل أنّ أبن ألإنسان يشكّل مفارقة لأسطورة ألإنسان ألبدئي، فألرؤية أليهودية تمجد ألدور ألأخروي لإبن ألإنسان ولكنها لم تضع أية إشارة إلى وجوده التالي و F.A. Borsch   اوضح تلقائيا ألميثولوجيا ألشرقية للملك كأبن للإله ألاولي – انظر كتابه (أبن ألإنسان في الاسطورة والتاريخ).

في كتاب دانيال وهينوش ألأول يبقى ألرب الوجه المركزي:

الشر ليس مشخصا بوضوح في عدو يهوه، إنّ الشر متولد بعدم طاعة ألبشر وعصيان ألملائكة ألمتساقطة ( هينوش 1-4 : 8-9).

ولكن هذا ألأساس يتغير بشكل محسوس في ألأدب ألرؤي، فالعالم وألتاريخ معتبران ألآن وكأنّ قوى الشر يسودهما، أي أنّ أنّهما مقادان بالقوى ألشيطانية من فعل ألشيطان.

إنّ ألعبارات ألأولى عن ألشيطان ألتي وردت في( أيوب: 1: 6، 2: 1 وزكريا 3: 1) كانت تمثله وكإنّه منتم للبلاط السماوي ليهوه. لقد كان ألشيطان “العدو” لأنّه كان الشخصية ألسماوية ألعدوة للإنسان. وألآن فإنّ ألشيطان يشخّص مبدأ الشر:

لقد اصبح عدو ألإله، إضافة لذلك فإنّ فكرة جديدة تتحقق: فكرة عصرين أو ” مملكتين ” :

“هذا الحكم وألحكم ألآخر” وعليه لقد كتب في إيسدراس (7: 50) ” ألأعلى لم يخلق عصرا وحيدا، ولكن عصرين”.

وفي هذا العصر، ” مملكة الشيطان ” هي ألمقدّر لها أن تنتصر، فالقديس بولس يشير إلى ألشيطان وكأنّه “إله هذا ألعالم” ( رسائل إلى ألكورنثيين 4-4) وقدرته تدرك أوجها باقتراب العصر المسيحاني، عندما تتكاثر الكوارث  وألمظاهر ألمضللة، إلّا أنّه في ألمعركة ألأخروية، سينتصر يهوه على ألشيطان وسيبيد أو يستاصل كل الشياطين، وسيجتث ألشر ويشيّد عرشه بعدئذ باسطا الحياة وألفرح وألسلم الابدي.

لقد تطورت صورة ألشيطان، على ألأرجح تحت تأثير ألثنائية ألإيرانية (ألزرداشتية) وقد أظهرت نصوص قمران روحان مخلوقان من قبل يهوه- روح خيّرة وروح شريرة.

إنّ صورة الشيطان في ألرؤى أليهودية تتعلق بثناية ملطّفة، لأنّ ألشيطان لا يوجد مقارنا منذ ألبدء مع ألإله، وهو ليس بخالد. ومن جهة أخرى، يجب أن يؤخذ في ألحسبان تقليد أكثر قدما، ذلك الذي يدرك يهوه بصفته ككمال مطلق للحقيقة، أي كأنّه توفيق ألمتعارضات وبعبارة أخرى:

كانت تتواجد فيه كل ألأضداد، كذلك ” ألشر” إذن. وألمثل ألشهير لصموئيل خير تعبير عن تواجد ألأضداد في يهوه:

(( روح يهوه كانت قد أنسحبت من صموئيل وروح شريرة آتية من يهوه سببت له ألرعب )) وقد ورد ألنص في سفر صموئيل (1-16-14) كالآتي:

” وفارق روح ألرب شاوول وأزعجه روح شريرة من لدن ألرب “.

 

مصادر البحث:

تاريخ ألمعتقدات والأفكار ألدينية…… ميرسيا إلياد