22 ديسمبر، 2024 7:40 م

نكون فعل مضارع يفيد الحاضر والمستقبل , وهي مفردة مقرونة بزمان , ولا يجوز التجرد عن زمانها , فهي تؤسس الحاضر وتسعى للمستقبل.
وشعوب الأرض تكون في ظرف عقد من الزمان , تضع فيه أسس ومرتكزات إنطلاقها نحو مستقبلها المنشود.
والمجتمعات التي لا تكون في عشرة سنوات , فأنها ربما لن تكون!!
وعندما نتحدث عن مسيرة عمرها أكثر من عقدٍ ونصف , ولا نجد فيها عناصر ومفردات نكون , فأن ذلك يشير إلى إنهيار شامل وإضطرام كامل.
وحينما يكشر الفساد عن أنيابه , وتتباهى التبعية بسلوكها , وتفتخر الخيانة بمكاسبها , وتتحول الوطنية إلى عاهة مُدامة , تكتشف أن الحكومة بأجهزتها ضد الشعب والوطن , وعبارة عن عصابات ومجاميع غايتها الإستحواذ على ثروات البلاد وإيداعها في جيوبها المصرفية.

ويتضح دور العمائم السوقية التي تشتري الدنيا بالدين , وتنظر إلى الناس على أنهم بضائعها التي تعرضها في أسواق المزادات التي ترفع رايات دين.

والمعضلة التي تواجه بعض المجتمعات تتلخص بتفاعل العمائم مع الفساد , وعملها الجاد لتسويغ القبائح والسرقات , وإصدار الفتاوى والتبريرات التي تحث على التمادي بسلوك الرذيلة , المحسوب على الفضيلة وفقا لرؤاها السيئة , بل وطقس يقرب إلى ربها المتوافق مع أهوائها النكراء.

ولهذا تصبح نكون مجهولة أو مستترة , تقديرها ما شئت من المسميات والتوصيفات.

وبما أن الآليات المتوافقة مع الضياع هي السائدة والفاعلة في واقع بعض المجتمعات المنكوبة بعمائمها وما فيها من الثروات والطاقات والقدرات , فمفردات نكون وما يتصل بها من مهارات وإبداعات وإبتكارات تكاد تنتفي , ويتنامى ما يناهضها من السلوكيات السلبية الداعية إلى الخراب والدمار والإتلاف الذاتي والموضوعي.

بينما المجتمعات التي تحقق إرادة نكون , تستحضر ما يؤهلها نفسيا وروحيا وفكريا للوصول إلى آفاقها الرحبة وفضاءاتها المتسعة , بإستهاض ما فيها من طاقات الخير والفضيلة , والعمل المجتهد لتفعيل القدرات في أوعية وحدتها وكينونتها المعتصمة بالوطنية والإنسانية , والأخوة اللازمة لصياغة المسارات المشتركة لبناء ما تطمح إليه من أهداف وتطلعات.

فهل نريد أن نكون ونؤمن بأننا نكون؟!!