23 ديسمبر، 2024 2:15 م

ما الذي يحصل في العراق أذا طبق قانون الأقاليم ؟
أن الخوض في مثل هذا الموضوع ، أو مناقشة مثل هذا السؤال الذي تداولته العديد من الأقلام بالتحليل والأفاضه بغية الوصول الى الرأي الأقرب من أجل خلق القناعات اللازمه وأيجاد القواسم المشتركه بين مختلف التيارات السياسيه على الساحه العراقيه . أن تاريخ العراق الحديث لم يشهد مثل هذا الحراك السياسي والأجتماعي والمذهبي وبهذا الشكل من قبل ، أذن وأزاء ما يحصل من مستجدات غير مألوفه أفرزها هذا المنعطف الخطير ، بدأت الضروره تفرض علينا أن نقرأَ ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بوعي ومسؤوليه ترتقي الى مستوى المرحله التي نعيشها اليوم .
قد يتذكر البعض معي العباره التي قالها الملك فيصل الاول ملك العراق انذاك – أن من الصعب أن يتحول العراق الى أمه – ذلك في بدايات عشرينات القرن الماضي وفي تلك الفتره التأريخيه التي لم يتبين فيها بعد شكل المسار السياسي ولا طبيعة القوى التي يمكن أن تأخذ على عاتقها مسؤولية قيادة السفينه الى بر الأمان ، نجد أن تثبيت الأسس اللازمه لبناء كيان الدوله أو المملكه لم يكن بالأمر السهل ، حيث أخذت الأمواجُ تتقاذفهُ في أولى خطواتهِ حتى أستقر الرأي على بناء نظام ملكي دستوري يأخذ على عاتقه أدارة شؤو ن البلاد والدفاع عن مصالحها . هذه التجربه لو أتيح لها أن تأخذ مداها وتترسخ أكثر لما حصل الذي حصل لاحقاً ، لكن التجربه الدستوريه الوليده أُجهضَت في مهدها وظلت الملكيه تتقاذفها الأمواج حتى قيام الجمهوريه وما تلاها من حكم جمهوري ودكتاتوريه ظلاميه .
ان هذا التاريخ الحافل بالهزات العنيفه لابدَ من قراءته قراءه جديده وغير تقليديه . أن من يستعرض الفترات البعيده والقريبه يجد أن اللاأستقرار هو السِمه التي تحكم واقع الدوله العراقيه على مختلف فتراتها . فأذا أستثنينا الهيمنه العثمانيه وما تميزت به من صراعات لا مجال للخوض فيها ، نجد أن قوات الحلفاء وبعد دخولها العراق أبان الحرب العالميه الاولى أطلقت على هذه المنطقه أول الأمر – بلاد ما بين النهرين – وحين شعرت أن هذه البلاد عصيه بشكل غير متوقع طلعت بنتيجه أن الخروج من بيت العنكبوت وتركه للعناكب هو الأسلم والأضمن لمصالحهم . وهكذا سارت الأمور على النحو الذي عاشهُ من عاش وسمعَ عنه من سمع .
يبدو أننا اليوم أحوج ما نكون لقراءة تأتريخنا الحديث قراءه واعيه وبتجرد حتى نستطيع أن نعي واقعنا ونعيد النظر بالبعض من الحسابات التي خذلت أصحابها ونبدأ رحلة الألف ميل بخطوه واثقه ، لأننا اليوم أمام مسؤوليه تأريخيه كبيره – نكون أو لا نكون – في خضم هذا الصراع المستعر حيث تصطرع المصالح وتتقاطع النوايا ، ولكن لا حل يلوح في الأفق لحد هذه اللحظه ، وهذا على ما يبدو نتيجه من نتائج الخطوات المتعثره بعد سقوط النظام وما رافقها من أخطاء أعترفت بها أطراف مهمه ، وتقع عليها اليوم المسؤوليه كاملة ًأمام الشعب العراقي بكل أطيافه . من هذه الزاويه يبدو المشهد مثيراً وغير واضح ويحتاج الى جهد أستثنائي قد لا تجد الأطراف التي تتولى المسؤوليه اليوم نفسها قادره على النهوض به في هذا المفصل التأريخي الحاسم . فأذا نظرنا اليوم ومن خلال هذا المفصل الحرج الى مكونات الشعب العراقي من القوميات والمذاهب المختلفه نجد هذا الوعاء اللامتجانس من العرب الشيعه والعرب السنه والكورد والتركمان والفرس والأرمن والآشوريين والكلدان والأغريق الأرذودكس واليهود والأزيديون والصابئه والبهائيون … الخ
حقاً أن هذه الفسيفساء تحتاج الى قدره وموهبه عاليه وأحترافيه في أدارة شؤونها ، وألا دون ذلك تنتكس التجربه وتضيع كل الجهود أدراج الرياح ، فلو أمعنا النظر من الناحيه الديمغرافيه للواقع العراقي قبل سقوط الديكتاتوريه وبعدها لتبين لنا أن ما حصل بعد التغيير ما هوَ ألا هزه عنيفه وحراك غير مألوف يحتاج منا الى وقفة تأمل وتظافر الجهود لدفع عملية التغيير بالأتجاه الأيجابي وفرز الظواهر الشائبه التي تخللتها .
أذن يتعين أن نمعن النظر بدقه في الخارطه السياسيه والأجتماعيه اليوم حيث أن ذلك يساعد على الوصول ولو بشكل نسبي للرأي الأقرب للصواب ، فأذا قارنا ما بين الحاله التي كنا عليها قبل التغييروذاك الكبت الطويل ، وما حصل بعد سقوط النظام وقرأنا خطوط هذه الخارطه بوضوح أكثر فماذا نجد ؟ هنا لابدَ للمتتبع أن يستعرض ما هوَ موجود على الساحه السياسيه حالَ حصول التغيير، فمن قائمة الأئتلاف العراقي الموحد التي تتكون من سبعة عشر كياناً وحزباً الى القائمه العراقيه الموحده التي كانت تتكون من أربعة عشر حزباً قبل أنسحاب بعض الأطراف منها ، وقائمة المؤتمر الوطني العراقي وتشمل تسعة كيانات ثم قائمة التحالف الكردستاني والتي تتألف من سبعة كيانات ، تليها جبهة التوافق العراقيه وتتألف من ثلاثة كيانات أضافة ًالى جبهة الحوار الوطني والأتحاد الأسلامي الكردستاني وتكتل المصالحه والتحرير، وحركة الرافدين الوطنيه ، والتجمع الديمقراطي ، وتجمع الضباط والمدنيين الأحرار، وتجمع عراق المستقبل ، وقائمة السلام الوطني العراقي ، وقائمة الأمه العراقيه ، وأئتلاف الوعد ، والأئتلاف الوطني العراقي ، وتجمع القوميين ، فضلا ًعن سبعة كيانات متشدده ترفع السلاح وعلى رأسها تنظيم القاعده في بلاد الرافدين ، ناهيك عن الأكثريه الصامته والمستقلين والمهمشين .
كل هذا حصلَ في الأربع أو الخمس سنوات الأولى من سقوط النظام ، وقد يتخيلها البعض أنها غابه متشابكه صعبة المسالك ، لكن هذا الظن ينبغي أن لا يحجب عنا وضوح الرؤيه وتلمس المحصله النهائيه بعد أن ينتهي المخاض وتهدأ العاصفه . أذن ومن خلال كل هذا لا بدَ أن نرجع َللسؤال الهام . ما الذي يحصل في العراق أذا طبقَ قانون الأقاليم ؟لاشك أن الآراء تختلف أزاء هذا السؤال ، وكلٌ يتناول هذا الموضوع من زاوية مصالحه الخاصه ، وليس من زاوية مصالح الشعب العراقي ومستقبل العراق ككل . هناك أطراف دينيه معروفه رفعت شعار الفدراليه حديثاً ظناً منها على مايبدو أنه أقرب للمحاصصه منه الى أي شيءٍ اخر على ما يبدو ، وبأيعاز من دول أقليميه مجاوره ، وبذلك أخضعت هذا الأمر الى لعبة المصالح الضيقه ، ومن الزاويه الأخرى نجد أن منطقة أقليم كردستان وبدل الخطوات المتأنيه لنيل الحقوق ، وبدل التحلي بالصبر لمعالحة ما استجد من أشكالات ، نجد أن الأندفاعات الغير محسوبه والتي قد تضر بمستقبل الأمه الكرديه ومصلحة الأقليم ضمن الدوله العراقيه في الوقت الحاضر ، رغم أيماننا بحق تقرير المصير للشعب الكردي وأي شعب ٍآخر شرط أن تكون الخطوات واثقه وفي مسارها الصحيح ومن صميم عملية التحول في مرحلتها الراهنه ، وعدم القفز في الفراغ ، لأن ذلك يضر بقضية المصير ضرراً بالغاً .
ومن المفيد أن نتذكر أن البعض من أطراف الكتله السنيه بعد سقوط النظام مباشرةً طلبوا أضافة عباره تؤكد أن العراق كدوله هو جزء لا يتجزأ من المحيط العربي وهذا المطلب يعترض عليه الأكراد وهم سنه كذلك . لا شك أن المرحله يشوبها الكثير من الغموض والمعضلات كما نرى . أذن لا بد لنا من الخروج من هذه الشرنقه وبأسرع وقت ممكن ، لأن الوقت ليس لصالحنا ولا لصالح أي طرف من أطراف العمليه السياسيه اليوم . أن ما يطرح من حلول وآراء وربما مشاريع مختلفه لم تلامس ولم تتفاعل مع رغبات وتطلعات المواطن الذي طحنته الأزمات وتاه في خضم هذه التجاذبات التي لا يفقه عنها شيئاً . من الضروري أن نرجع الى أحضان شعبنا الصادقه ونشده ألى العمليه السياسيه البناءه ولكن كيف ؟
تقول الناشطه السياسيه هناء أدور – أذا لم يحس المواطن ويشعر بتحسن ملموس بالوضع الأمني وفي مستوى الخدمات وتوفير فرص عمل ، وتوفير مفردات صحيه للبطاقه التموينيه فلن نستطيع شده للعمليه السياسيه – كيف يمكن لأنسان يعيش بهذه الحاله التي عليها الكهرباء ويعاني من البطاله ومن تهديد الأمراض والماء الملوث غير الصالح للشرب وبؤس مفردات الحصه التموينيه أن يفكر بضرورة أن يبقى على أتصال ووصال بالعمليه السياسيه ، ترى أين تقف الأطراف السياسيه جميعها أزاء ما تطرحه حياة المواطن العراقي وما يعانيه في الوقت الحاضر ؟ وأين يقف قانون الأقاليم أزاء هذه المشكلات ؟ أن المحنه التي تعيشها الغالبيه التي خذلتها الكيانات السياسيه أثر ذلك المهرجان الأنتخابي ذات اللون البنفسجي لا بد أن تنتهي ، لأننا نقف اليوم جميعاً أمام مفترق طرق ، وسؤال كبير – نكون أو لا نكون –