23 ديسمبر، 2024 2:24 م

نكبتنا الوطنية .. إلى متى !؟

نكبتنا الوطنية .. إلى متى !؟

لن ندخل في تفاصيل سني وتواريخ النكبات والتدهور الذي عصف بأمة العرب والمسلمين على أقرب تقدير منذ أن أجتاح المغول التتر بغداد عام 1258م , لينهوا ويسقطوا دولة الخلافة الإسلامية في بغداد , تبعه سقوط غرناطه آخر معاقل العرب والمسلمين في الأندلس عام 1492 م , أو منذ معاهدة “سايكس – بيكو ” 1916 وما تلاها من سقوط الدولة العثمانية عام 1922م , وكيف تم توزيع تركتها بين بريطانيا وفرنسا  
ولكن لنعود للتاريخ القريب والأقرب جداً .. ألا وهو بداية عام النكبة الأول والحقيقي أي عام 1979م , الذي بدأت تتشكل فيه ملامح الحرب الطائفية المقيتة والتطرف ( الشيعي الصفوي ) من أجل ليس فقط شق صف وحدة المسلمين بين ( شيعة – سنة ) !, بل شق صف وحدة الشيعة العرب أنفسهم بشكل شيطاني إجرامي غير متوقع وغير مسبوق لنصل إلى ما وصلنا إليه من مصائب وكوارث ومحن , وتحديداً منذ أن وطأت أقدام الخميني مطار طهران ! , وكيف اجتاح وباء وطاعون الحقد والكراهية والحروب العبثية منطقة الشرق الأوسط منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا .
كما أننا لن ندخل في تفاصيل تشكيل نواة أول لبنة من لبنات تنظيم القاعدة المتطرف ( السني ) !, ألا وهم ( المجاهدين العرب ) !؟, في نفس التوقيت !!!, وزعيمهم المدعو ” أسامه بن لادن “وعصابته وذويه شركاء آل بوش التجاريين الاوائل , والتي كان الغرض والهدف الأسمى من وراء تشكيل تنظيم ما سمي آنذاك بالمجاهدين العرب وتحالفهم مع حركة طالبان المعارضة للحكم الشيوعي في أفغانستان , بدعم وتمويل خليجي – أمريكي , هو تحرير الدولة الإسلامية ” أفغانستان ” من رجس الشيوعية آنذاك !؟!؟, بأموال خليجية ودماء إسلامية – عربية من قبل الشباب المجاهد والمتحمس للدفاع عن حياض الأمة وبيضة الإسلام !!!؟, وأسلحة فتاكة أمريكية , وهكذا انتصر الأمريكان على الاتحاد السوفيتي وقهروه في آسياء وردوا لهم الصاع صاعين على دعمهم .. أي الشيوعيين للفيتناميين في الحرب الأمريكية – الفيتنامية , التي استطاع خلالها الفيتناميين دحر الأمريكان وهزموهم شر هزيمة في نهاية ستينيات القرن الماضي , وبالمناسبة ولمن لا يعلم من أجيالنا الحالية … المجاهدين أو تنظيم القاعدة كان الند لمشروع تصدير الثورة الإسلامية ( الشيعية ) ! كي تتوازن الكفة , ذلك المشروع الذي رفع رايته وشعاره الخميني مباشرة بعد أن عاد على متن الطائرة الفرنسية !؟, انتبه .. يا عربي ويا مسلم ويا شيعي بالذات … نفس هذه الدولة أي ” فرنسا ” تحتضن اليوم و منذ عقود المقاومة أو المعارضة الإيرانية وما يسمى بـ ” مجاهدي خلق “!؟, وتقدم لهم هي وأمريكا كل أشكال الدعم والأمن والحماية وسيوصلونهم عاجلاً أم آجلاً إلى سدة الحكم في الوقت الذي يراه الغرب مناسب , وعندما تنتهي صلاحية ودور الملالي في إيران !؟.
 
أعلاه ومن خلال هذه المقدمة المقتضبة جداً , التي توقفنا عند أهم وأربرز أحداثها ومراحلها على مدى أكثر من ثمانية قرون , لكن بما لا يقبل الشك بأن أبرز نواة وبوادر سقوط وإنهاء حقبة القوة العظمى الثانية في العالم … ألا وهو الاتحاد السوفيتي الذي امتدت حقبته وهيمنته لحوالي سبعة عقود على نصف أوربا وثلاثة أرباع آسيا تقريباً , وكما نعلم كان عالمنا العربي والإسلامي منقسم بين مؤيد وحليف ستراتيجي بين هاتين القوتين العظميين … الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي , بل كانت هذه الأحداث الجسام والعظام والحروب الساخنة والباردة بين المعسكرين بما فيها وعلى رأسها الحرب الإيرانية – العراقية , والتي كانت أيضاً من أهم مرتكزات تغيير وجه الشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذي بشر به المحفل الماسوني – و الصفوي – الصهيوني قبل ولادته بأكثر من عقدين , والذي تجري فصوله بشكل دراماتيكي منذ فرض الحصار على العراق عام 1990 وصولاً لاحتلاله وتركيعه عام 2003 , ولمن لا يقرأ المشهد بشكل واضح ودقيق عليه أن يعيد النظر في جميع حساباته , وأن يقارن بين وضع المنطقة قبل وبعد ما يسمى انتصار الثورة الإسلامية المزعوم والمشبوه عام 1979 في إيران , وأن هذا المشروع الكوني ما كان له أن يبدأ أو أن يبصر النور , ويجتاح المنطقة بهذا الزخم وهذه القوة والتحدي لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم وحوالي نصف مليار عربي لولا الرافعة والدعم الإيراني الغير مسبوق منذ تحالف الفرس مع اليهود لإسقاط الامبراطورية البابلية عام 539 ق . م . , هذا المخطط الجهنمي والمشورع الكوني الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها وأدواتها وعملائها ومرتزقتها بشكل رسمي ووقح ومستفز ومستهتر , بعد أن سمحت لإيران ليس فقط باستباحة العراق ولبنان وسوريا واليمن .. لكننا لا نستبعد ولا نستغرب أبداً مساعدتها والسماح لها أو لأي نظام قادم في إيران من احتلال دويلة خليجية ما , أو التحرش واستباحة الدول الخليجة برمتها بما فيها وعلى رأسها السعودية , لولا استمرار عمليات الحلب والنهب المستمرة التي تمارسها أمريكا ورئيسها رجل الأعمال والتاجر المقامر الجديد ” دونالد ترمب ” تجاههم , وكيف تبتزهم كما أوهمتهم قبل أزمة الكويت بأنها كانت تحميهم من الاجتياح العراقي , والآن تمارس نفس الدور الخبيث وتوهمهم أيضاً بأنها تحميهم من إيران !؟ 
 
نافلة القول : بغض النظر عن ما تقدم وما جرى ويجري وما يتم الاستعداد والتخطيط له تجاه العرب والمسلمين عامة والعراقيين خاصة , فإن الشعوب الحية والمناضلة تستطيع دحر وتدمير وإفشال أكبر مشروع كوني تقوده أعتى القوى العظمى ويخطط له أعتى عتاة وزناة ودهاقنة وأحبار وكهنة وشياطين العالم بأسره , ولنا في الشعوب الأوربية العظيمة التي كانت ترزح حتى القرن الخامس عشر تحت نير الكنيسة وأساقفتها وكهنتها المشعوذين , ولم تنهض إلا أن دحرت التخلف والشعوذة والطقوس البالية , ومنذ بداية القرن التاسع عشر كانت أيضاً ترزح تحت نير الاتحاد السوفيتي … وهذان الحدثان بالذات كانا خير دليل على ذلك بأنها .. أي الشعوب الأوربية الحرة … شعوب ترفض الذل والعبودية والتبعية , وقد استطاعت هذه الشعوب وقادتها الشباب المتنورين الجدد بعد أن كانوا زعمائها الخرفين يدورون في فلك المعسكر الاشترتكي السابق , تمكن هؤلاء العباقرة الجدد في نفس الفترة والحقبة التي اجتاحت فيها الولايات المتحدة الأمريكية العالم العربي والإسلامي أي منذ عام 1990 , أن يتحرروا من الهيمنة والحقبة الشيوعية , ودحروا عملاء وأدوات الاتحاد السوفيتي بدون إراقة دماء وحروب أهلية وتخريب وتدمير للبنى التحتية , وأرسوا دعائم دول رصينة قوية وأنظمة حرة ديمقراطية منتخبة , انبثقت من رحم الشعب مباشرة , وليتوحدوا وينضموا إلى المعسكر الأوربي الغربي بشكل سلس وانسبابي , وليشكلوا نواة أكبر اتحاد اقتصادي في قارة أوربا , مكون من 28 دولة أوربية تحت خيمة الاتحاد الأوربي العظيم الذي تقوده ألمانيا العظمى اقتصادياً وإنسانياً بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى , في حين هذه الأمم والشعوب كانت ومازالت لا تربطهم أي روابط أو صلات تذكر , ما عدا صلة الجوار والمصالح المشتركة والروابط والوشائج الإنسانية فقط , وفتحوا الحدود على مصراعيها بل أزالوها تماماً بحيث أنك عندما تتنقل بين جميع هذه الدول لا تحتاج حتى إلى هوية التعريف الشخصي !, ولا تطلب منك إلا عندما تتجاوز أو تنتهك القوانين , أو تخالف مخالفة مرورية , أو تسيء الأخلاق والأداب العامة , أما نحن العرب المسلمين وغير المسلمين , لله الحمد حدث ولا حرج … لغتنا واحدة , نعبد رب واحد , وديننا واحد , ودستورنا القرآن الكريم واحد , وقبلتنا واحدة , لكننا متقاتلون متناحرون متشرذمون مشتتون , وأصبحنا مكروهون منبوذون من قبل جميع شعوب العالم لأسباب يطول شرحها على رأسها الإرهاب !؟
 
أخيراً لا يسعنا إلا أن نذكر بأن بداية الشرارة التي أسقطت الاتحاد السوفيتي عام 1991م , في كل أنحاء أوربا والعالم هو فقط .. وفقط .. اضراب واعتصام ثلة مناضلة من بعض عمال المناجم والموانئ واعلانهم العصيان والاضراب المفتوح , ووقف معهم آنذاك بعض رجال الكنيسة وعلى رأسهم “البابا يوحنا بولص الثاني ” رحمه الله , واستطاعوا بكل شموخ وصمود اسطوري أن ينهوا حقبة الاتحاد السوفيتي المظلمة , بينما نحن العرب والعراقيين بالذات غير قادرين على إزاحة واسقاط حفنة من شذاذ الآفاق وأرذل القوم , وإنهاء أبشع نظام قرقوشي سادي إجرامي سارق ناهب لقوت أبناء الشعب , وغير قادرين على محاسبة مرتزق وعميل كـ ” هادي العامري ” ومجرم حرب وسارق كما هو نوري المالكي الذي بدد ونهب وهدر وهرّبَ أكثر من 850 مليار دولار خلال دورتين رئاسيتين ’ وأتمها قبل انتهاء ولايتيه كوالي لإيران على العراق عندما أقدم على سحب 70 مليار دولار وارسلها إلى إيران لإنقاذ اقتصادها المتدهور … على عينك يا تاجر وعلى عيونكم يا أبناء شعب العراقي , الذين كنتم ومازلتم تبحثون بين أكداس النفايات والمزابل من أجل تأمين قوت يومكم الأسود هذا منذ أن بزخ عليكم فجر أتباع آل البيت الأسود في واشنطن وأتباع قم وطهران عام 2003 الأسود .