22 ديسمبر، 2024 7:49 م

نقطـــة نــــظام

نقطـــة نــــظام

توسّم التركمان خيراً عندما تحقّق حُلمهم ، وشاهدوا أجتماع قادتهم السياسيين لأول مرة على طاولة واحدة في المؤتمر التركماني الذي عقد نهاية عام ٢٠١٤ ( والذي ضم جميع الأحزاب السياسية التركمانية ) وهم يعلنون عن وحدتهم ووحدة المشروع التركماني الذي جاء متأخراً بعد مخاضات عسيرة بدأت منذ عام ( ٢٠٠٣ ) والذي فرضها الواقع المرّ ، نتيجة فشل المشاريع الحزبية التي كانت تطرح بشكل فردي ، بل أن نجاح المؤتمر يعود الى فكرة تشكيل كتلة برلمانية موحدة داخل البرلمان من السياسيين التركمان ، والتي توسّعت لاحقاً الى تشكيل الهيئة التنسيقية للتركمان لتشمل كافة القياديين السياسيين وذوي الدرجات الخاصة من العاملين في بغداد لمتابعة مقررات المؤتمر وأنجاح المشروع التركماني . وأبلت الهيئة بلاءاً حسناً في عملها ، وتكلّلت بالنجاح عندما عقدت مؤتمرها العام وبعنوان ( مستقبل التركمان في عراق موحد ) والذي عقد ببغداد بتأريخ ( ٢٠١٧/٥/١٧ ) بعد أنضاج المشروع التركماني من قبل القيادات السياسية ، وبرعاية مجلس النواب العراقي وبالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة ( يونامي ) والذي حظي بتأييد الرئاسات الثلاث ومعظم الكتل السياسية .
وتوّجت نجاحها بمواقفها الأخيرة مع أحداث الأستفتاء وقضية العلم وأحداث كركوك اللاحقة ، حيث لعبت أدواراً مهمة لتعزيز الموقف الوطني ودعم الكتل السياسية في البرلمان والحكومة المركزية والقضاء العراقي لأتخاذ أجراءات دستورية تحافظ على وحدة الأرض العراقية . وأنتقلت الهيئة بذلك من مشروع حزبي ( بدأت بصفقة سياسية عقدت ما بين الأحزاب السياسية ) الى مشروع تركماني ( يجمع طموح التركمان داخل العراق ) الى مشروع وطني ( يدعم وحدة الرؤى ويمنع تجزئة العراق الموحّد ) .
وبذلك أستحقّت مكانتها بجدارة في الجلوس على قمّة الهرم لتكون ممثلاً حقيقياً للمشروع التركماني في المحافل السياسية وأمام الكتل الأخرى بل أمام الدول الأقليمية . ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور أصوات معارضة ومطالبة بضرورة التمثيل العادل لجميع المناطق التركمانية في الهيئة وضرورة إشراك الآخرين في القرارات ، والتي قد تتطور الى حركة إنشقاق وتشتّتْ ربّما أو حافزٍ لتوسيع الهيئة التنسيقية لتشمل في صفوفها نخبة من الشخصيات المؤثرة في المجتمع ، أو ربما نواةٍ لمجلس تركماني طالما يحلم بها الجميع ليضم في صفوفه بجانب السياسيين شخصيات ووجهاء ومثقفين وخبراء … الخ . وهذا يعتمد على نتائج وردود أفعال الهيئة التنسيقية في التعامل مع المتغيرات القادمة ومدى أستمرارها بسياستها المعهودة ( الحكمة في الرأي والوحدة في القرار ) .
ينبغي أن لا ننكر أن الهيئة التنسيقية قد وُلدت من رحم الأحزاب ، وأن لهذه الأحزاب أمتداداتها في المناطق التركمانية ، وأن هناك خيبة أمل لدى الجماهير التركمانية تجاه بعض ممثلي هذه الأحزاب في مناطقهم ، أو ممن تقلّدوا مناصب رفيعة من خلال دعم هذه الأحزاب لهم لأسباب عديدة ( بسبب ضعف أداءهم ، أو ضعف دعم بغداد لهم ، أو نتيجة تواطئهم مع جهات أخرى ، أو نتيجة عجزهم وخمولهم ) ، وأن تجاهل الهيئة التنسيقية لهذه الحقائق ، وعدم تعاطيها مع الواقع الجديد بشكل دقيق ، وتهرّبها من أتخاذ قرارات حاسمة لتغيير الوجوه ، سيؤدي بأعضاء الهيئة مجدداً للعودة الى التفكير الحزبي الذي سيشكّل عامل تفكيك للوحدة ، بل أن الخطورة تكمن في تنصّل الهيئة من موقعها القيادي الحالي والمحتكم في قمّة الهرم فيما لو تجاهلت أصوات الجماهير المعارضة ، وألتزمت بالدفاع عن ممثلي أحزابها في المنطقة ، نتمنى من الهيئة ألا تجازف في مكانتها القيادية وموقعها الريادي وتنأى بنفسها عن الخضوع للضغوطات والتوجهات الحزبية المحدودة ، وأن تتمسّك بالمصالح العليا للشعب التركماني ، وتحافظ على وحدة الجماهير بحكمتها المعهودة .