23 ديسمبر، 2024 11:00 ص

نقطة راس السطر ..عندما نقرر

نقطة راس السطر ..عندما نقرر

كثيرة هي تجارب الشعوب ؛ واكثر منها قراراتها المفصلية ؛ التي تحمي مستقبل اجيالها ؛ وتمسح غبار الماضي بكل تداعياته العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية ؛ تلك هي الشعوب الحية عندما تقرر ان تكون رقما في التاريخ ؛ فان قرارها يكون نافذا ؛ قبل النافذون او الفاسدون ام لا ؛ انه قرار يجب ان يكتب ؛ وان يحرر فالتاريخ لا يرحم احدا مهما كان رقما ؛ فالمسؤولية تكافلية في الشعوب الحية .
في العراق الحديث مرت السنوات بعد التغيير تباعا بدون نتيجة تذكر ؛ فالتضحيات التي قدمها العراقيون من اجل الحرية كانت كبيرة جدا وامتدت لأكثر من مائة عام من التمام والكمال دفع العراقيون فيها ملايين الشهداء من فلذات اكبداهم في ثورات ضد الانظمة الدكتاتورية ؛ في مقدمتهم المراجع العظماء والكوادر المتقدمة من الشعب . وتجرع هذا الشعب الويلات تباعا من قبل المجرمين والقتلة وقاطعي الطرق ؛ وزج به في السجون ؛ وهجر مئات الالاف منه الى معسكرات اللاجئين في دول المنفى .
بعد مخاض المائة عام ؛ جاء التغيير ؛ واستبشر الشعب خيرا ؛ بمنقذيهم ؛ وانتظرنا البناء بعد التغير ؛ فكانت الخيبة ؛ واي خيبة ؛ مرت الخمس عشر عاما مرور الكرام ؛ ولازمتنا التضحيات في الانفس والاموال وسوء القيادة والتدخل الاقليمي الكبير في سياستنا واقتصادنا وواقعنا الاجتماعي ؛ فوقف الشعب مذهولا امام ذلك الفشل المريب الذي تسببت به الاغلبية الحاكمة وليس الجميع ؛وفي ذلك يجب الفصل بين شرفاء من تصدوا وبين الفاسدين منهم .
موقف اخر هو موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف ؛ التي دعمت الدستور والانتخابات والعملية السياسية برمتها في العراق ؛ ودعمت توجه الشعب في كل واقعة للذهاب الى الصناديق وتلوين الاصبع بالحبر البنفسجي ؛ وتوجيه العملية السياسية والشعب؛ من خلال منبر الجمعة في الصحن الحسيني طيلة سنوات التغيير ؛ فكانت خيبة امل كبيرة اصابت المرجعية من عدم استلهام الدروس والعبر وسماع الكلام من قبل النجف ؛ فكانت النتيجة قاسية جدا ؛ سقوط ثلثي البد وتقديم الالاف الشهداء ودين عام بحدود 140 مليار دولار وبنى تحتية متهرية ؛ تكاد تصل الى خط الصفر .
لذلك يجب ان نشمر عن سواعدنا فنحن شعب عظيم ونبدا ببناء دولتنا الفتية ؛ ونترك وراءنا كل الماضي السحيق وتجاربه اللعينة ؛ ونبدا بالاختيار الصحيح ؛ نعم الاختيار الافضل لغد افضل ؛ وندخل في معادلة المجرب لا يجرب ؛ فالمجرب الفاسد يجب ان نقذف به في مزابل التاريخ وهي اكثر وباءا من مزابل القمامة وحاوياتها التي قذف بها الشعب الأوكراني يوما فاسديه فيها.
حقيقة يجب ان ندخلها في عقولنا مفادها ؛لعنة التاريخ هي اكبر من لعنة الشعوب ؛ وعلينا ان تذكر دائما كل التجارب السابقة التي مرت علينا ؛ ان الشعوب هي صاحبة المبادرة في التغيير ؛ فكما ان هنالك اسما اسودا لصدام حسين او حسني مبارك او غيرهم من الطواغيت ؛ يوجد الخميني ومهاتير محمد ولي كوان في خانة الشرفاء ؛فالتعميم لغة الفاسدين …وللحديث تتمة يوما ما .