19 ديسمبر، 2024 5:22 ص

لسنوات قهر طويلة والإحساس المرعب الذي سببه الوطن للعراقي نتيجة الحروب والقمع والشمولية والدكتاتورية وكل تبعات ذلك من إنغلاق على النفس وإنغلاق فكري وأجتماعي وخوف تغلغل حتى إلى دقائق الحياة في الأكل والشرب والملبس كما في الحصار المؤلم، وأنتج ذلك أجيالاً متعاقبة من الساخطين على  الهوية الوطنية ووفض الإنتماء الوطني ( ونرى ذلك في تصاعد معدلات التجنس العراقيين بجنسيات أخرى) وتباعد الهدف بين الهدف الشخصي والهدف الجمعي للوطن وبالتالي إنعدام الولاء الوطني من أجيال متعاقبة مما جعل العلاقة بين الدولة والفرد ( عدا القيادة) في حالة توتر غير مريح أبداً وصلت إلى العداء المعلن كما هو واضح في تلف الممتلكات العامة ( لا يترك العراقي مقعده في باص حكومي إلا ممزقاً مع ذكرى وجوده هناك !) أو كما رأينا بوجع كبير أحراق وإتلاف الممتلكات والدوائر العامة في آذار ١٩٩١ ونيسان ٢٠٠٣ من قبل العراقيين رغم محاولاتنا البائسة لدفع التهمة عنا ولكن كل الدلائل تشير أنها حصلت بأيدٍ عراقية من أناس حاقدين على الوطن بسبب القهر المتراكم وما رأيناه من موجة الأثرياء الجدد بعد آذار ١٩٩١ – فرهود وبعد ٢٠٠٣- الحواسم دليل فاضح على أن مَن قاموا بتلك الأعمال كانوا عراقيين.
إذن: كيف السبيل للمصالحة بين الوطن والشعب؟
الجواب هنا يعتمد على ما يشعر به الشعب داخل وطنه وكيفية مد جذور الإنتماء في تربة أنكرته وأنكرها وهذا يحتاج عملاً نفسياً في الأساس لترميم الشخصية العراقية ثم عملاً إدارياً لبناء البنية التحتية، ولا تستقيم البنية التحتية دون وجود شخصية نفسية مستقرة.
نحن بحاجة إلى الإقرار بأننا غير سويين نفسياً تجاه الوطن وأن الوطن ( لا أقصد القيادة وإنما الإنتماء) غير عادل معنا نتيجة التهميش والإجحاف وعدم التقدير. فنحن نتفق كلنا أن العراق لا يعرف محبيه أبداً وأنها كدولة تشبه  فتاة ليل تركض خلف آمان مرحلي يمنحه لها رجل يحمل مزاجاً لليلة واحدة ثم في النهار تبحث عن ملاذ لليلة أخرى في حضن آخر ( قيادة جديدة) . نعم هذه حالنا التي نهرب منها ولكن لكي نرمم العلاقة علينا أن نكشف ما بنا وسبب ما بنا.
نقطة البداية هي الترميم النفسي لبناء الثقة بين الوطن والشعب ثم العمل على الهوية الوطنية والإنتماء، وعلينا أن نضغط على أوجاعنا وقلوبنا للبدء وننسى الكثير ، فبعض الذكرى تسبب سلوكاً عدائياً تسبب الكثير من الدماء.
…………….

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات