18 ديسمبر، 2024 11:18 م

نقاش بين مثقف وثلة من الاغبياء والحمقى ( 1-2)

نقاش بين مثقف وثلة من الاغبياء والحمقى ( 1-2)

في دهاليز هذه الحياة المتعفنة يتواصل المثقف بعقله وفلسفته لكي يستنتج نظرية من خلالها يمكن البحث عن الكثير من خفايا الانسان ولكن ماذا لو صادف المثقف ثلة من الحمقى او الاغبياء هنا السؤال يطرح نفسه كيف سيتواصل المثقف مع هؤلاء وبأي لغة ميتافيزيقية سيدور النقاش في قوقعة الثقافة ؟
هنالك عدة وسائل للنقاش ولكن أي وسيلة هي الأنجح لملاقاة هؤلاء الحمقى والاغبياء على طاولة الحوار فالجواب هنا
ان سياسة الحرب الباردة تعتبر الخيار الأنسب لمواصلة الحوار والنقاش معهم عبر عدة عوامل ؟
1- أن يتقمص المثقف شخصية الاغبياء والحمقى لكي يتلاعب بعقولهم .
2- تحويل مسار النقاش والحوار من محور سلبي الى محور ايجابي لكي تتشتت وتتفتت افكارهم .
3- اتباع سلوك الازدواجية في الحوار لكي يتسنى للمثقف معرفة المنطق الفلسفي لموضوع النقاش .
4- الحمقى والاغبياء بطبيعتهم يتبعون سلوك عدواني وعنيف في النقاش لذا لو تحول مسار النقاش الى ثرثرة بيزنطية فالطريقة المثالية التي يجب ان يتبعها المثقف هو نظرية الصيد في الماء العكر .

2
من المستحيل ان يتناقش مثقف مع مثقف دون محاولة كلا الطرفين استفزاز الطرف الاخر فكلاهما قد وصلا الى قمة المعرفة والثقافة والفلسفة في المجتمع فلكل مثقف دوافع واهداف يريد تحقيقها لكي يكتسب من وراءها نتائج تؤهله للبقاء في ساحة الفكر والفلسفة ؟
ولكن لو كان الاثنان يتقمصان شخصية الغباء في جسد وروح واحدة فمن منهما سيتجاوز الاخر ويقفز فوق الحواجز لكي يصل الى خط النهاية ؟
هنا يجب على احدهما اتباع سياسة الغاية تبرر الوسيلة ففي حروب المثقفين لا توجد لغة للنبلاء والفرسان .

3
من غرائب الامور ان الاغبياء والحمقى يحالفهم الحظ في كل مجالات الحياة وهذه علامة استفهام غامضة تعبت من كثرة البحث عن تفسير وتحليل لها فعلم النفس وعلم الاجتماع مبنيان على نظريات عظماء الفلسفة والفكر فالدكتور علي الوردي في كتابه العظيم ( مهزلة العقل البشري ) يحلل ويفسر الكثير من سلوكيات الفرد في المجتمع ولكن لماذا تتناقض هذه السلوكيات مع الواقع المتعفن الذي يعيشه المجتمع البشري ؟
فالمثقف كائن لا يحالفه الحظ فهو كالمهرج الذي يتقمص شخصيات وهمية لكي يصنع الفرح والسرور والبهجة على عقول البسطاء من الناس في المجتمع ؟
ولكن الاغبياء والحمقى يضحكون على ذقون الجهلاء .

4
الجهل مصطلح تكمن خفاياه واسراره انها حرفة ومهنة يستعملها الاغبياء والحمقى لاستيعاب مفردات اللاوعي عند الفرد البسيط الذي يعيش وسط زحام المجتمع الانساني المتعفن من خلال اللعب بأوراق الفكر والفلسفة خلف الكواليس فهم بهذه الطريقة يقتحمون بوابة قلعة الاخلاق والثورة ؟
لأن الجهل وسيلة لاستيعاب مشاعر واحاسيس عقول البسطاء من الناس .
 
 
 
 
يا ريتني كنت راعي جمال ( 2-2)

كيف تكونت الحضارة الانسانية فهل هي مجرد سطور كتبتها دهاليز التأريخ ام فصل مسرحية تعاني هيموفيليا في تقمص الشخصية الدراماتيكية للمجتمع الانساني ؟
فالفرق بين المثقف وراعي الجمال أن المثقف يفكر ويقرأ ويبحر في قوقعة الحياة والايمان بالقيم والمبادىء مرورا بالفلسفة والعقل الى ان يصل الى مرحلة جنون العظمة لأن الثقافة والمعرفة تقود المثقف الى قاع الحضيض الميتافيزيقية فلا الشعر والفن التشكيلي والابداع البصري والثورة الفكرية تلبي حاجات المثقف وذلك لأن طريق الثقافة والمعرفة يقود الى عدة اتجاهات فأما يتحول المثقف الى مدمن على المهدئات لكي يسيطر على اعصاب المخ التي تقوده لمعرفة المزيد من العلوم والثقافات المتعددة او يتحول الى دخان سيجارة كلما تحركت اعصابه في فضاء الفلسفة او ان يصل لمرحلة الجنون او يرحل من قصة حب الى اخرى ومن حبيبة الى اخرى وبصحبته كأس من الويسكي والنبيذ الاحمر ؟
ولكن راعي الجمال لا يفكر ولا يعرف ما هي الفلسفة وماهي الحضارة البشرية سوى جبال من الرمال الميتة التي لا تعيش فيها سوى الثعابين والعقارب فثقافته هي ثقافة الجمل في الشكل والمضمون فلا يختلف الاثنان عن بعض بلا كلاهما ثنائي يكملان بعضهما في شخصية متوازنة بعيدة عن العقد النفسية والمتاهات الفلسفية وثورة جيفارا وانتفاضة الدكتور علي الوردي لأنه لم يقرأ كتاب مهزلة العقل البشري وحالفه الحظ لكي لا يقرأ وعاظ السلاطين فراعي الجمل انسان له عادات صحية في العيش وسط الصحراء وبين الجمال لأنه لم يتعرف على نزار قباني وسعاد الصباح واحلام مستغانمي في ذاكرة الجسد وفوضى الحواس والكتابة في لحظة عري ؟
يا راعي الجمل كم اتمنى لو كنت مكانك وتبادلنا الادوار لأن الامنيات لا تتحقق وانا مثقف لان قوانين الفلسفة الماركسية التي قرأتها لم تحقق طموحاتي واحلامي ؟
واليوم يقول لي ذاك المثقف لماذا تريد العيش في اوروبا ولماذا تريد الهروب الى اوروبا فكيف ارد عليك يا سيدي لأنك تلطخ الملح فوق جروحي وتعذبني بكلماتك وتعاتبني لأنني اكتب قصيدة في نهدي حبيبتي فماذا اقول لك سوى انني اتمنى لوكنت راعي جمل ولم اكن مثقف لأنك تقتلني بصيحاتك وانت في امبراطوريتي لكي اعيش الحلم الاوربي لأيام ؟
اليوم يا سيدي سأقول لك لماذا اريد الهروب الى اوروبا فسجل عندك هذه الاهات ياسيدي عساك تفهم فلسفتي وعقليتي ومبادئي واخلاق ثورتي ؟

أنا احب وانفعل واثور واغضب اذن في حضارة الشرق كل هذا مرفوض وممنوع  .
أنا أعشق الحرية ولكن لا يوجد لهذا المصطلح الفلسفي مساحة لكي انقش عليها بريشتي والواني لوحة تشكيلية كما تعلمت الفن .
أنا عاشق امراة وهبتها كل شيء وهي وهبتي الضياع والالم والعذاب لمجرد انها لم تنتمي للدم الذي يجري في شرايين قصائدي .
أنا أهوى الرقص ولكن كيف ارقص في هذا البيت المهجور المليء بتشققات الحضارة البشرية .
أنا أريد ان أمشي على شواطىء البحر وأركض فوق أمواجه وألعب مع مياه البحر كالطفل عندما يرضع الحليب من نهدي أمه .
أنا أريد العزف على الغيتار في شوارع أوروبا لكي يصفق لي من يسمع عزفي أنني فنان يلملم جراح عشقه بأنامله فوق أوتار الغيتار .
أنا أريد ان أسير عاريا في شوارع اوروبا لكي استنشق الحرية لكي تعانقني الشقروات والسمروات .
أنا أريد ان اكتب الشعر في ضواحي باريس على طريقة الانثى العارية التي تقف عارية لكي يرسمها فنان .
أنا ….. وأنا ….. والكثير منها يا سيدي أستطيع أن أسردها لك لو كان بأستطاعتك سماع وقراءة فلسفتي ومبادئي
ولكنك لن تفهمني ولن تدخل متاهات عقلي ولن تجد مفتاح باب قلعتي لدخول امبراطوريتي لأنك مثقف وأنا مثقف فكيف نلتقي نحن الاثنان على طاولة حوار ونقاش بلا نهاية ؟
لهذا يا سيدي لم تستجاب اي من دعواتي رغم أنني اتلوها في سطور فلسفتي وفكري لهذا سأقول لك يا سيدي …..
يا ريتني كنت راعي جمال ؟