23 ديسمبر، 2024 7:42 ص

كانت تلك الكائنات الساذجة قد كتبت بطريقة عفوية، ولم تكن تعرف أن الفنان الذي كتبت عنه كان يدفع مبالغ طائلة لناقد أوروبي من أجل أن يكتب عنه نصا، هو بالمقارنة بنصوصهم لا قيمة له.

قرأت تصريحا لرسام عربي يزدري من خلاله نقاد الفن العرب مقارنة بالنقاد الأوروبيين الذين أبدى إعجابه بهم.

أتفق معه لو أن النتاج الفني العربي كان في مستوى النتاج الأوروبي، إن كان نقاد الفن العرب ساذجين، فلأن الرسم العربي كان في أغلب تجاربه ساذجا.

لا يمكن أن يظهر ناقد فن عظيم على ركام فن رث، لقد برع نقاد الفن العرب في اللعب على وصف الرثاثة، كانت مهمتهم صعبة وهم المسؤولون عن تكريس ذلك الفنان الذي تنكر لهم.

لم يكن يخطر في بالهم يوم كتبوا عنه أنه سيتنكر لهم بتلك الطريقة التي تكشف عن رغبته في الانتقام منهم، فهم كائنات بريئة ترى وتتأثر فتكتب.

كانت تلك الكائنات الساذجة قد كتبت بطريقة عفوية، ولم تكن تعرف أن الفنان الذي كتبت عنه كان يدفع مبالغ طائلة لناقد أوروبي من أجل أن يكتب عنه نصا، هو بالمقارنة بنصوصهم لا قيمة له.

ولكن الرجل وقد تمكنت منه نزعة إلغاء حضور الآخر العربي لم ير سبيلا إلى تأكيد شخصيته، إلا من خلال السخرية من أولئك السُذج الذين كتبوا عنه لأسباب جمالية ولم ينتفعوا منه ماديا.

الكتابة النقدية الوحيدة التي اعترف بها هي تلك التي دفع ثمنها، أما الكتابات التي لم يقبض أصحابها ثمنا لها فقد حظيت بسخريته، وهو محق في ذلك.

ذلك لأن لغة الأرقام التي تمكنت من عالمنا لم تصل إلى أولئك الحالمين الذين لا يزالون يراهنون على جماليات أعماله بطريقة طفولية، إنه محق في أن ينظر إليهم باعتبارهم أطفالا، ففي عالم اليوم الذي هو عالمه لا يفعل المرء شيئا إلا إذا انتفع منه.

أذكر أن ناقدا كان قد كتب أطروحته بالعربية عن ذلك الرسام لم ينل التفاتة منه، فيما فتح الرسام نفسه الآفاق واسعة أمام كاتبة مبتدئة كانت قد ضمنت أطروحتها فصلا عنه، لا لشيء إلا لأنها كتبت بالإنكليزية.
نقلا عن العرب