23 ديسمبر، 2024 4:44 ص

لنتفق اولا ان ما حدث امس من انتشار لعناصر سرايا السلام التابعين لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر ما كان ليحدث لو لم يكن هناك اتفاق تام بين سماحته وبين السيد الكاظمي وتنسيق عال بين قيادات السرايا والعمليات المشتركة وبينهم وبين جميع القيادات الامنية ببغداد والمحافظات وتلك معلومة دقيقة حصلت عليها من مصادر رفيعة من كلا الجانبين .
نأتي الى الاهم وهو لماذا انتشرت مجاميع السرايا في النجف وكربلاء وبغداد وبشكل اخف بسامراء والكوت امس تحديدا ؟ ..
ليس بذي اهمية ماالذي وصل الى قواعد الصدريين من معلومات اصدرتها قياداتهم حثتهم ثم حفزتهم فيها الخروج للاستعراض في شوارع المدن بنفير عام لم يشهد له التيار خروجا كهذا من قبل في المناطق المذكورة اعلاه .
انما المهم هو معرفة الغاية والهدف من ذلك الانتشار ولماذا امس تحديدا ؟ ..
نعتقد ان لا هناك من تهديد امني يرتقي لهكذا تحشيد كبير قدر انه جاء لايصال رسائل وتبيان موقف وانتاج قناعة جديدة لدى الداخل العراقي والجوار الاقليمي ثم المنظومة الدولية العالمية التي تديرها الولايات المتحدة الامريكية .
اولى الرسائل التي رغب الصدر ايصالها كانت نحو الداخل العراقي بتمريرها عبر صندوق بريد المالكي ” يعلمه القول : ها انا ذا على استعداد دائم للمواجهة وقوتي امامك ، قم بمعايرتها بميزان تحالفك مع الفصائل المليشياوية ( الوقحة او المنفلتة او تلك التي خارجة عن القانون – تعبير للصدر يصف به تلك الفصائل ) وقبل ان تعترض وتقول ” لا لن يستطيع التيار اعتلاءه لكرسي رئاسة الوزراء ولو على حساب رقبتي ” .
واما لماذا توافق الكاظمي مع الصدر بمسألة الانتشار ف “لحسابات عند الكاظمي منها التزامه نحو طهران بالحفاظ على حياة ضيوفه القادمين من الجارة ” رئيسي له لقاء مع زيدان يحثه توجيه تهم لاسماء عراقية كان الكاظمي واحدا منها عن لسان العسكري او بايماءات عن طريق الخزعلي ” ثم ليقول للفصائل المدعومة من ايران والى زعامات الفتح انني لست وحدي فالصدر بات معي فاياي ترهبون ” ؟
الرسالة الثانية انما هي الرسالة الاوضح في تبيان قدرة الزعيم الصدري على احداث الفارق الامني الذي بمقتضاه يوفر سعة من المديات القصوى في الحفاظ على الشخصيات الايرانية الرفيعة المستوى بدخولها الاراضي العراقية سواء بشكل رسمي ام دونه وهذا ما تحقق بالامس فافواج السرايا كانت تحيط اسوار مدينة الكاظمية وتملأ شوارعها بزيها المدني وحال وصول رئيس مجلس القضاء الاعلى ابراهيم رئيسي ” معلومات تقول انه خليفة المرشد الخامنئي ” الى مدينة الكاظمية لاداء مراسم زيارة الامام الشيعي موسى بن جعفر الكاظم .
واذن مفادها يقول لايران ” لا تخافوا ولا تحزنوا فلن يتكرر بعد سيناريو المهندس وسليماني ما زال الصدر وليا حافظا وزعيما ناصرا ودليلا عينا حتى اعتلاءه عرش العراق طوعا وبتمكين شعبي واسع تقره صناديق الاقتراع ” .
وهي رسالة بعث بها ايضا الى دول الجوار ( المملكة ودول الخليج ثم تركيا الاردن ) يخبرهم فيها : انني استطيع احداث تغيير جذري ليس فقط على الصعيد السياسي انما العسكري ايضا والعراق آمن اذن ولا هناك ستكون من مليشيات قادرة على ارهابكم ولن يكون بمقدورها تهديد امنكم وامن مواطنيكم فهلموا الي لنتفق فالعراق القادم عراق الصدرين شاء من شاء وابى من ابى .
الرسالة الثالثة كانت موجهة الى الولايات المتحدة الامريكية ، حيث اوضح مقدرته العالية في السيطرة على الشارع العراقي بما ظهر من انضباط عال لعناصر جيشه وما كانت عليه من طاعة وتسليم بانقياد تام لاوامر قيادته ، ثم انه كشف عن تعاون فيما يبدو اكبر من المتوقع مع السيد الكاظمي ليمضوا سوية لكسر شوكة المليشيات القريبة من طهران ، وهذا ما تبحث عنه امريكا وما ترغب حصوله ، ولكون فلسفة الصدر باتخاذ قراراته عبارة عن فلسفة متغيرة طبقا للمصلحة فيكون من السهل جدا تغيير موقفه من التشريين ليطرح نفسه مرة اخرى كتيار مدني بمقدوره العمل مرة اخرى مع الحركات الشبابية العلمانية منها او الليبرالية ” اما نجح الصدريون بالعمل مع الشيوعيين سابقا اذن بمقدور الصدر النجاح مرة اخرى فقط عندما ترفع الخطوط الامريكية الحمراء عنه وعن تياره على اننا من خلال متابعتنا لحركية التيار نجدها باتت اقل تشددا نحو الامريكان وهناك نجد تقاربا في العلاقة وان بدت بشكل غير منظور للاعلام الا انها بدت تأخذ منحى ذا طابع ودي متبادل من الجانبين فيما يبدو . على الرغم مما نلحظه من بقاء الحملات الاعلامية ضد الصدر غير اننا نجد ان هذا يصب بصالح الصدر اكثر مما يضره فمن يرغب ان يتحصل على مقبولية اكثر عند الجماهير البسيطة فيكون على امريكا ان تتخذه عدوا لها “؟ .
اذن نفير الصدر اصطاد عشرة صقور بحجارة صغيرة فهو مثلما كسب ود الحكومة ليحصل على مزيد من الامتيازات والمناصب ، هو بالتالي ضمن سير الية الانتخابات بعدها وبما يحقق له الاريحية في البرلمان القادم . بذات الوقت ارق المالكي والمنفلتة والوقحة والخارجة عن القانون وعرفه موقعه الحالي عند الجارة على انه اكد للقادة الايرانيين من ان حبل الوصال معهم لم ينقطع فها هو رئيسي يتجول بامان في شوارع بغداد وبحماية الصدريين .
ايضا استطاع من حلحلة الموقف المتشدد حيال امريكا ساعيا في النهاية لرفع الخطوط الحمراء عن تياره ثم انه طمأن اصدقاءه الخليجيين باقامة علاقات وطيدة معهم وان اغضب ايران فهو بالنهاية قراره لن يكون الا عراقيا عربيا صدريا وذلك ما يرغب الصدر من زرعها قناعة في عقول ملوك وامراء دول الخليج ورؤساء دول الاقليم .