أكثر ما يشيع الحديث عنه عندنا هو النزاهة، فالجميع يتحدثون بها، لما لها من أهمية وسهولة في التصديق لدى غالبية العراقيين.. فتجد أنه من أصغر موظف مرتشي إلى أكبر برلماني فاسد، شعارهم الوحيد هو أن النزاهة ثوبهم، حتى بدأ الشرفاء القلة، يخجلون أن يذكروا الكلمة على أطراف ألسنتهم..
ما نتحدث عنه ليس ضرباً من الخيال، أو أحلاماً واهية، بل هي حقيقة واقعية، حيث أغلبهم يؤسسون منصات إعلامية، تردد على مسامعنا “فلان نزيه نزيه نزيه حتى يصدقه جمع الفاشلين” فأسهل ما يمكن أن تستر به عورتك المالية، هو الإعلام المرتزق، الذي يمكن أن يجعلك الرب الأعلى لمن لا إله لهم، ويستطيع أن يوهم الناس أن اللون الأسود أبيض، سواء صدقوا ذلك غباء منهم، أم حقداً على الدين وإتباعاً للعلمانية الزائفة.. الأهم من ذلك أنهم يصدقون أن الزنيم هو شخص شريف!
مثال ذلك ما حدث في النجف على مدار الثمان سنوات، التي تتنعمنت فيها بحبوحة الإقتصادية، والميزانيات الأنفجارية، بين عام ٢٠٠٨ الى ٢٠١٦.. حينها تم إختيار النجف لأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية، ورصدت لها مبالغ خيالية إضافة إلى نسبتها في الميزانية المركزية.
كثير من هذا تم أيكاله إلى المحافظ، لإعادة إحياء المدينة بالطرق والجسور والبنايات والبنى التحتية، الكل في وقتها كان يترقب بشغف أن يرى الإعمار، لكننا لم نشاهد سوى مقاهي جديدة تفتتح بين بيت وآخر؟!
عاصمة الثقافة بلغت قيمة الإختلاسات وسرقات المال فيها وكما نقل ٥٠٠ مليون دولار، كلها بكشوفات مشاريع وهمية، لا وجود لها على واقع المحافظة، ماعدا بناية قصر الثقافة، التي بلغت تكلفتها التسعين مليون دولار.. وهي بناية لا ترتقي لعشر هذا المبلغ، وأصبحت فيما بعد مقرا لحفلات غنائية بائسة..
كذلك النفق الوحيد، الذي تعالت أصوات أبناء المحافظة عليه لكي يكتمل، تحت أسم “نفق المختار” فخر صناعتنا التي شيدت على أيدي الفاسدين، الذي ما أن تنهمر الأمطار على مدينتنا، يتحول إلى “مسبح المختار” إضافة عن غرق الأحياء الأخرى.. وكأنه نفق للمرور ولتحقيق مأرب أخرى..
لا تتعجب أو تستغرب فصاحب هذه الإنجازات الآن نائب برلماني، وكثير من الحمقى يحلفون بربهم الأعلى، أنه النزيه الوحيد في حضيرة الساسة الفاسدين، لأنه أكثر من سرق وطغى، وأعظم من أباح الفجور والفوضى، والمنصات مازالت تردد أنه “نزيه نزيه نزيه” وللأسف القطيع مازالوا يرددون..