18 ديسمبر، 2024 6:02 م

نفحات انسانية – النيبال

نفحات انسانية – النيبال

قام زميلي في العمل ماهادو (هذا بعد اختصار اسمه و الاّ فأنه يُراد سطران لكتابته), و توسّط الدائرة بعد ان تجمّعَ كل الموظفين ال55 و قال بأن الوضع في النيبال خطير جدا و عرّج الى ان اي مساعدات انسانية تصل في هذا الوقت الصعب الى هذا البلد الفقير ستكون مسألة حياة او موت , و شددّ على ان البُنى التحتية لهذا البلد الصغير ,ان كانت هناك بُنى تحتية اصلا حسب مفهوم الدول المتقدمة,تأنّ تحت وطأة الكارثة التي ضربته و ان الخوف لدى خبراء الكوارث هو ما بعد الكارثة من امراض و اوبئة و نقص في الاغذية و الادوية و التي ستكون من العوامل الرئيسية في توقع ان تزداد اعداد الاموات كثيرا و خلال فترة قصيرة جدا , لذلك بودّي ان يتبرع مَن له القابلية للتبرع , و بما انّي اصلا من النيبال و في تماس مع الجالية النيبالية الساكنة في هذه الولاية لذلك سأضع صندوق اغاثة في ركن الدائرة و سأجمع ما فيه بعد 3 أيام و سأعطي المبلغ المجموع الى مسؤول الجالية هنا لكي يُضاف الى المبالغ الاخرى المجموعة لشراء الادوية الضرورية في هذه المرحلة الصعبة وسنوصلها الى النيبال في اقرب فرصة ممكنة للتخفيف عن هذا الشعب الفقير في محنته الكبيرة هذه . بعد ان انتهى ماهادو ,توسّط الاجتماع زميل اخر اسمه أدي ((ابيض البشرة مع شعر طويل يمشّطه ككصيبة ذيل حصان ))و الذي لم اسمعه ينطق كلمة واحدة من قبل بالرغم من عملي معه للثلاث سنوات الاخيرة بعد ان تمّ دمج دائرتي القديمة مع دائرته القديمة في دائرة جديدة ,و كنت اظن بأنه خجول و منطوي على نفسه فاذا به يفاجئني و يفاجئ الجميع بكلام عميق مؤثِر ,نزلت دموع البعض و خاصة دموع النساء.شكر أدي في كلمته ماهادو لاعطائه الفرصة بمعرفة النيبال كبلد و كشعب , و كذلك شكره لاعطائه الفرصة بالتبرع من اجل شعب فقير في أمّس الحاجة للمعونة في محنته الصعبة هذه.اريد ان اضيف بأن ال55موظف و موظفة نصفهم من ذوي البشرة البيضاء امّا النصف الاخر فأصولهم متنوعة كأنها قوس قزح , من الهند,تايوان,الفلبين,روسيا ,المكسيك ,كوريا الجنوبية ,اوكرانيا ,النيبال,الصين ,ماليزيا,فيتنام ,اليابان,لاوس,اصول افريقية ,و واحد من الجزائر و اخيرا انا من العراق ,اي ان الدائرة كأنّها الامم المتحدة بعد 3 أيام حسب ماهادو المبلغ و اذا به اكثر من 6300 دولار.
الخالق يمتحننا في انسانيتنا و علينا ان نهبّ للدفاع عنها بأيّ ثمنٍ كان و لنبرهن بأن الانسانية تجمّعنا اكثر ممّا تفرقّنا , و ان العرق و الطائفة و القبيلة و المذهب يجب ان تكون كلّها روافد للانسانية ,تقربّنا اكثر .لتكون الانسانية هي العنوان الرئيسي  لنا جميعا و لَتأتي الروافد الاخرى بعدها .
ازمة النازحين في الرمادي تمتحن انسانيتنا جميعا , فهل سنستطيع تجاوز روافد الانسانية من اجل الانسانية نفسها , امّ ان الروافد ستغرقنا في طوافانها و تعمينا في تفاصيلها .ليكن للعراقيين يوما خالصا للانسانية فقط ,في مساعدة النازحين و لو بكلمة مواساة .
##إما يتعلم البشر كيف يعيشون كالأخوة أو يموتون كالبهائم. – ماكس ليرنر.