22 نوفمبر، 2024 10:30 ص
Search
Close this search box.

نعيم عبد مهلهل .. قامة شامخة في سماء مدينة الناصرية

نعيم عبد مهلهل .. قامة شامخة في سماء مدينة الناصرية

مدينتي الناصرية على صغرها كمدينة … او اتساعها رقعة جغرافية ، هي ينبوع دافق من الادب والفن والعلم يصب في حوض الرافدين .. وخزين للاقيم و للعالم . بل وفي شتى مجالات الحياة .. مدينة عبقرية فيها الانسان على بساطته وتواضعه الا انه كبير في عطائه وعلمه وشجاعته وتضحياته ونضالاته ، فأنك ان استعرضت الذين ينهضون بالشأن الحياتي المتشعب في بلاد ما بين النهرين تجدهم من مدن الجنوب وعلى وجه التحديد من جنوب الجنوب ، الذي تشكل فيه مدينتي ثقلا اكبر . واينما يساورك الشك ماعليك الا ان تستعرض مآثر رجالات هذه البلاد منذ باكورة تكوينها او خلقها الى وقتنا الراهن تجد اغلب العظماء من مدينتي سومروفخرها .. فهم اساطين العلم والمعرفة وتدوين القوانين وعباقرة الاختراعات والديانات وشتى ضروب الفنون والاداب والمعارف ، ونظرة بسيطة الى ارث السومريين ستجد عجب العجاب مما انجبته هذه المدينة ومما صنعه ابناؤها من تاريخ يسع مجده العراق ، بل والاقليم بأكمله . وحتى في فترات الظلام والسيطرة كان لها رجالات افذاذ لم يسمحوا بأن يضع الغازي بصمته على وجه الرافدين او على ارضها الشريفة ، بل كانت بصماتهم هي الطاغية وتطوّع الغازي وتلوي عنق ثقافته ليتخلق باخلاقها الوطنية ويتعلم منها المجد وبناء الحضارة . فسومر وكلكامشها وثورها السومري ، وقيثارتها الذهبية .. وقائدها العظيم اورنمو ، ونجله وشولكي .. ذلك القائد الفنان الذي ترك لنا نظام الموازين والمكاييل وحساب النجوم وزوايا الارتفاع والانخفاض وعلم الرياضيات والترانيم العظيمة ، واغاني الاعياد والحصاد وحساب ساعات النهار بالنظام الستيني والنظام العشري والري والزراعة و اغاني مواسم الحصاد ..انهم حقا رجالات يحق لنا ان نفخر بهم بل ونتباها ونتيه .. وما اعقبها من بابل وقوانين حمورابي التي دونت في هذه المنطقة والذي نعتقد انه لا يتجاوز ابراهيم الخليل الذي كلاهما نظر الى السماء فهذا دون قوانينه على مسلة ، وابراهيم ترك لنا ” ملة ابراهيم ” فلا اجافي الحقيقة اذا قلت انهما واحد .. وستثبت الحفريات ذلك ..فأنها العظمة اذن التي ورثتها آشور وسنحاريب ونبونائيد وسرجون وسواهم … وفي زمن التشظي والهيمنة الغاشمة كانت ذي قار التي لقنتهم درسا … و نشطت البطائح تلك المساحات التي تفخر بها مدينتي فتحولت طاقاتها المكبوتة من عرب العراق شيبان وعامر الى مد اسلامي اتجه صوب الشرق يوفر الرجال والغذاء والعلوفات للمقاتلين حتى بلغ رجال مدينتي تخوم الصين وتجاوزوا السند ولوحوا بسيوفهم الى الصرب البلغار… فكانت البطائح معينهم وكانت بها ثوراتهم عندما انحرف الطغاة عن تعاليم الاسلام الحنيف ، فدونك اقرأ الزنج ثورة الجياع ..والقرامطة ، تمرد المضغوطين ، وعمران ابن شاهين الذي شق عصا الطاعة على ال بويه وغطرستهم .. والحديث عن رجالاتها يطول .. واعتقد جازما ان كل ادبائها وكتابها ومفكريها لو انهم كتبوا عن مجدها لوسعتهم … وشاهدي ان تسألوا نعيم عبد مهلهل عندما تصدى لبعض جوانب هذه المدينة الولادة المعطاءة ، وما اعرب عنه من عجب واعجاب في ذلك التراث المجيد . فأنك وان اضطررت الى السؤال من اين تأتي العبقرية لابناء هذه الارض ..؟ فأن جوابه لايحتاج الى كثير عناء ، بل هو اكثر وضوحا من ضوء الشمس .. نعم انه ملح ترابها الطيب ، ودفق فراتها العذب .. وضلال بساتينها الوارفة ، ونبات البردي والقصب ، والطيور الوافدة والمغادرة ، ومناجل الفلاحين وقطعان الاغنام في براريها التي تنتج عطرا ، وعمليات الحل والترحال في بيئتها الصحراوية ، واسراب جواميسها وهي تمخر عباب البطائح ، وريفها المستقر المتآلف المتحاب ، المتآخي المضياف .. واغاني الحنين والحزن واللوعة والعشق واهازيجها وحكاياتها ورجالات ايامها وقادة شانها . فكل القامات السامقة انجبتها هذه البيئات الثلاث . فعندما تذكر الجود تقفز الناصرية الى ذهنك دون استئذان ، وعندما تذكر السماحة فلا يخالطك شك انها في رجالات الناصرية ، وعندما نتحدث عن الكرم فلا يتبادر الى الذهن الا الناصرية وشعبها الطيب العريق . فليس عجيبا ان ينجب رحمها من امثال نعيم عبد مهلهل ، الذي تحول الى مفخرة من مفاخرها الى جانب الذين سبقوه في كل الخصال والسجايا الطيبة ، بلى .. لايستطيع احد ان يراهن على جود بدر الرميض … ولا شجاعة ناصر الاشقر .. ولافروسية عبد الكريم السبتي ولا انسانية فهد وفكره الحر ، وان الاستمرار بتعديد مكارم قومي يطول بي المقام ، ولكني اردت ان اعرض بعض الشواهد لمدينة انجبت نعيم عبد مهلهل هكذ عملاق استطاع ان يشق دربه بين زحام العباقرة احيانا وتكتل المتكلفين والمدعين احيانا اخرى ، لذلك اشتغل وعمل بصمت الواثق ، فاصبح عمله ينبئ عنه وافعاله واضحة دون ضجيج .. او بهرجة اعلامية … فطوع الحياة وارغمها لان تعترف به عبقريا عملاقا مفخرة تضيء سماء مدينتي وسجلها التاريخي المعطر باخبار الرجال وايامهم … ولو انك تعلم بأن كل منتج من منتجاتك ايها النعيم ..او مقال تطرز به صفحات صحف العالم ومجلاتها يشعر اهلك في الناصرية بالزهو والفخر ويتطاولون للتباهي ، فمن بربك في ايامنا الصعبة هذه صنع لنا مجدا وزهوا وفخرا .. ومن في ضل التفخيخ والخوف والارتباك والفوضى والنهب يعيد لنا الثقة .. نحن في مدينتك على الاقل لولا اطلالاتك علينا بين الفينة والاخرى وانت ترسم التفاؤل على صفحات الحياة وتزرع الامل في قلوبنا وتدعونا بأن القادم افضل .. فبالقدر الذي نعتز به بكل رجالاتنا وامجادهم ونظالاتهم وتضحياتهم وبطولاتهم نجتزء جانبا من هذا الفخر لك ليطرز هاماتنا ويجعل نعيم عبد مهلهل واحدا من الذين صنعوا تاريخ الناصرية والذي ستذكره الاجيال التي طالها التخريب في وقتها الراهن وتتعلم من فكره وعبقريته واصراره وعطائه .. دمت اخي نعيم فخرا يسعنا جميعا . 9/3/2016

أحدث المقالات