23 ديسمبر، 2024 1:55 ص

نعم للإصلاحات .. لا للديكتاتورية

نعم للإصلاحات .. لا للديكتاتورية

لايختلف إثنان على ضرورة إصلاح العملية السياسية، وتطهير مؤسسات الدولة، من أعلى الهرم الى أسفله من المفسدين، ضمن حركة تصحيحية أو ثورة ضد كل العناوين التي مزقت البلد الى طوائف، ومكونات، لكن لا ينبغي المساس بالبناء المؤسسي للنظام الديمقراطي، من خلال الدعوات الشاذة الى حل البرلمان وإلغاء الدستور وإعلان الأحكام العرفية.
لابد أن نركز على أصل المشكلة قبل أن نطلق العنان للصرخات، فما جرى للعراق كان نتيجة تفرد السلطة التنفيذية بالقرار، وعملها المتواصل لإضعاف دور السلطة التشريعية، ممثلة بالبرلمان، وتجريد السلطة القضائية من إستقلاليتها، وجعلها تبعاً لما تريد.
ولايعني ذلك أننا نبريء ” البرلمان” و” القضاء”، فكلاهما يتحملان مسؤولية تغول السلطة التنفيذية، مثلما يشتركان معها في حالة التردي والإخفاق الذي إنعكس على الواقع العراقي، ولو كانت هناك رقابة حقيقية من السلطتين التشريعية والرقابية على أداء الحكومة، لما ظهر الفساد وعم الخراب، لكن من غير المنطقي أيضاً أن أعالج الخلل بخلل أكبر، من خلال إختزال السلطات بسلطة واحدة ، أوبيد شخصية واحدة.
لاشك أن عملية الإصلاح تستمد قوتها من الدعم الجماهيري الواسع، لكن هذا الإصلاح  لانريده أن يتحول الى تفويض شعبي لإلغاء الدستور، أو تعطيل البرلمان، لأن أي إصلاح لايمكن أن يستمد شرعيته الا من خلال القنوات الدستورية والتشريعية، الا إذا أريد بالنظام السياسي العودة الى الديكتاتورية، والقائد الضرورة.
وعليه، نتفق أن الدستور الحالي يحتاج الى تعديل أو تبديل، وهناك مادة قانونية فيه يمكن الإستفادة منها لتحقيق ذلك، وهي المادة 142 ، وأقترح في هذا المجال تكليف متخصصين في القانون الدستوري لإعادة كتابة الدستور، وإبعاد السياسيين من هذا الموضوع، فكل الدساتير يكتبها القانونيون، ودستور عام 1959 كتبه رجل قانون واحد، من أجل تجاوز التناقضات في مواده، وإختلاف تفسيره تبعاً للتوجهات السياسية، ثم بعد ذلك يعرض الدستور الجديد الى الإستفتاء العام لإكتساب شرعيته، وكل هذه الإجراءات تتم في ظل الدستور الحالي، حتى لانقع في فراغ دستوري، أو نعود كرة أخرى الى الدساتير المؤقتة كما حصل بعد إنهيار الملكية في االعراق.
مانريد أن نقوله، أننا مطالبون بالحفاظ على المؤسسات الديمقراطية، لكن مع إصلاحها، وإبعاد الفاسدين منها، وتقويم عملها، وتفعيل أدائها، وتغيير شخوصها حتى إذا تطلب الأمر إجراء إنتخابات مبكرة، من دون تفويض لشخص ليكون الحاكم بأمره، بدعوى الإصلاح، ونعود من جديد الى عهد الديكتاتورية، وإستفتاءات الـ 100 %.