لا يحق لأي عراقي بغض النظر عن الانتماءات الوقوف على الحياد في انتفاضة الشعب العراقي، لأن منطق الحال يتطلب دعما لكل الزاحفين صوب الحق و قهر المفسدين، الذين ينظرون الى الشعب من ثقب باب مصالحهم الضيقة حد الانسداد، لذلك صمتوا على الحق و هم يعرفون اتساع دائرة الظلم بكل الاتجاهات.
شعب العراق قال كلمته ولن يتراجع فمبروك هذه النخوة الوطنية و سدد الله كل جهد يؤسس لعراقنا الذي عرفناه بيتا للجميع لا بلد المحاصصات و التوافقات و النهب المنظم للأموال، ما يتطلب من جميع المخلصين الالتقاء عند كلمة سواء تترفع عن أخطاء الماضي لنصرة العراق و آهله، فليس هناك من فريق لم يخطأ في الاجتهاد، و الوقت يتطلب التكاتف و المؤازرة لا تثبيط العزائم في النفوس بسياقات غير مبررة.
لقد أكتشف السياسيون عدم حب العراق لمختلف قاماتهم و عدم الثقة بوعودهم ، لذلك سيحاولون الخروج من حالة ” التثاؤب” المستديمة لأن صوت العراق بات على أبواب مدينتهم غير العراقية في الشكل و الخدمات و الامتيازات،وهم في ذلك لا يقدمون خدمة مجانية بل يرضخون لارادة شعب تحمل أكثر من طاقته و صبر على الظلم دون السكوت عليه الى النهاية.
لايجوز أن نعطي صورة طائفية أو حزبية لاعتصامات الخضراء، فهناك شراكة عراقية واسعة تمثل النسيج الاجتماعي تحت راية العراق و لتحقيق الاصلاح، فالحكومة و النواب لم تنتصر لا للطائفية و لا للمناطقية في تقديم الخدمات فهي تركت العراقيين يعانون الآمرين، بدليل أن ماء البصرة ما يزال مالحا و مدارس الناصرية ما زالت طينية، وفي كربلاء الجوع على أطنابه مع انتهاء عصر مدينة البرتقال في ديالى، بينما تزحف بغداد على الخوف من المجهول و تنتظر الانبار و نينوى استعادة عراقيتها.
لم يخرج المواطنون من ترف فكري أو عقائدي بل من حاجة ماسة للاصلاح و محاربة رؤوس الفساد التي نهبت 100 مليار دولار خلال 8 سنوات بلا وثائق صرف بشهادة النواب،اضافة الى شبهات فساد بجميع عقود الدولة العراقية، بدليل ان الحديث عن حيتان فساد بات صفة ملازمة للمسؤولين في العراق، بحيث أصبحوا و سيلة ايضاح دولية بامتلاكهم شهادات اختراع في طرق غير متعارف عليها لنهب الأموال.
ليس أمام العراقيين غير تصعيد الموقف السلمي المطالب بالتغيير الشامل، لأن المجرب لا يجرب و الفاشل لا يمكن تحويله الى مبدع بين ليلة و ضحاها، مع الانتباه الى نضوج وطني يستحق الافتخار بوقوف القوات الأمنية و قادتها الى جانب المتظاهرين، ما يقرب صورة الانقلاب العسكري الى عقول و آذان سياسيين تعودوا النوم على الوهم.
خرج العراقيون لاستعادة وطنهم المسلوب من عشرات الأشخاص بـ”وراثة محاصصات الاحتلال”، و هذه الجموع تستحق المساندة لا الاهمال لأنها تتحدث بلغة عراقية واحدة، عبر عنها السيد مقتدى الصدر بقوله ان” الاعتصام عراقي لا صدري ولا للسرايا أو أي جهة أخرى تابعة
لنا على الإطلاق والمخالف عاص”، فيما اعلن المعتصمون تمسكهم بالمطالب من خلال تكبيل أنفسهم بالسلاسل الحديدية ، ومع ذلك يصر بعض المتشائمين على وصف ما يجري بردة فعل سرعان ما تنتهي!!
[email protected]