4 نوفمبر، 2024 9:27 م
Search
Close this search box.

نعم الرّب ربيّ و بئس العبيد أنتم !

نعم الرّب ربيّ و بئس العبيد أنتم !

نُشر هذا المقال 3 مرات : بداية السقوط و وسطه و الآن وما زال يحكي قصّة العراق التي لم يدركها الناس:

نعم آلرّبّ ربيّ و بئس آلعبيد أنتم!
رُحمالك يا ربيّ .. العالم يحترق و لم يعد هُناك من يُرتَجى الخير منه, فآلناس كَكُلّ زمان و مكان عبيد الدّنيا و الدّين لعقٌ على ألسنتهم ينعقون مع كل ناعق و يلهثون على مائدة مَنْ يشبع كروشهم و ما تحتها بقليل!

جيوش من المنافقين تحوم كالذباب على المزابل و تزداد يوماً بعد آخر لأجل منصب و راتب أو بدلة أو شهوة حتى لقمة حرام بعنوان خدمة ألدِّين ويحسبوه نصراً وتوفيقاً و لا معنى للكرمة والرّجولة عندهم .. يأتون مُهلهلين كلّ ما لاقيتهم وهم يُمجّدون ويُكبّرون؛ و حين أدير ظهري أراهم كمناجل تحصد روحي بلا حياء!

ألكل طلّق الدِّين بدل الدّنيا و تمسّكَ بآلقشور و آلظواهر ألمُريبة .. لا تأمنهم على مال أو شرف حتى على نقل كلام – مجرّد (كلام أو جملة) فسرعان ما يُغيّرون أصلها و أصولها و مرامها و مقصودها – ألأمانة آلألهية صارت مهزلة و نكتة لطغيان نفوسهم الخبيثة و شرورهم و خراب قلوبهم و خبثهم و نفاقهم و عمالتهم وضعفهم أمام الدولار و الشهوات.

يا إلهي : أنت الشاهد حين كنتُ و للآن أجاهد مَعكَ ضدّ من عادى نهجكَ .. حتى بقيتُ وحيداً معكَ لا يهمني إلّا الحق أقاتل غربان الظلام .. يوم وقفَ جميع أهل العراق ضدّنا و لم يبق من المناصرين من ينصرنا بعد شهادتهم – شهداء الفضيلة و العدالة الذين لا يلد الزمن بمثلهم و كنا سعداء .. لكن المحنة الأليمة اليوم؛ أننا نواجه ألمنافقين المُدّعين للدِّين و الدعوة وهم أبعد ما يكونوا عن ذلك ..

ولم نستكين .. و لم نتنازل أمام أعتى الطغاة رغم قلّتنا و حشودهم تحت راية البعث و الجيش و الشرطة و الأمن وآلمخابرات والجيش الشعبي و كنتُ وحدي في الميدان معكَ يا ربّي أقاتلهم جنباً إلى جنبكَ .. و لم أترككَ لحظة حتى تعجّبت الملائكة و الجّن و الأنس من صمودنا الكونيّ الفريد .. لأنك أنتَ وحدكَ كنت و لا زلت العزيز الوحيد لقلبي مع (حبيبتي) التي تركتني هي الأخرى لهول الموقف في جهنم العراق و تلك المواجهة الغير المتكافئة ..

و كيف لا أنصرك يا أملي و ربي و قد كنتَ معي دائما في كل محنة و موقف و منذ ولادتي كنت غريباً على هذه الدُّنيا؟ لذلك نصرتكَ و بوفاء و بلا منّة رغم إنّ نُصرتكَ كانت إنتحاراً في وضح النهار وسط الغربان بسبب جيوش البعث المليونيّة .. حيث جنّدَ الشعب العراقيّ نفسه لنصرة ذلك الحاكم الباطل و الجبان .. و لم يكن هناك ناصر أو مُعين أو حتى من يُسلّم علينا لتقوية بعض الضعف الذي كان يعترينا أحياناً .. رغم إني كنتُ أعطي حتى راتبي الشهري للفقراء و أوزّع بعضه علىعوائل الشهداء لأستدين لنفسيّ من صديقي الشهيد (موسى محمود) لآخر الشهر وما زال الشاهد الوحيد باق على هذا الأمر الذي لم يفعله في التأريخ سوى شهيد واحد مضى هو الآخر لسبيل ألحقّ مظلوماً!

كنتُ شاباً .. جميلاً وسيماً لدي أحلام وأمنيات أتطلع كما أيّ شاب .. لأعيش حياة هادئة بعد زواجي ممّن أحببتها بكل براءة .. لكني حذفتها مضطراً كما كل أمنياتي جميعاً من برنامج حياتي المضطربة قاذفاً نفسي وسط الأقدار الهوجاء وفي ساحات الوغى و المواجهة و كنت ولا أزال أحبّ و أستأنس مع الفنّ والموسيقى والجّمال والحياة رغم مراراتها بسبب قبح الوجوه التي تأقلمت مع الخسة و الدّناءة و الخبث و الرذيلةّ و آلخيانة تحت راية البعث الصداميين و المؤمنين التقليديين ..

كل الآفاق كانت أمامي أنفاق مظلمة بحيث لم أكن أبصر طريقي لولا نورك بعد ما صرتَ معلميّ و مرشدي .. تحت ظلّ سماء العراق ألمغبّرة ألكئيبة التي ما زالت تئنّ من الظلم و آلكفر و الرياح الحمراء و السوداء التي تمطر فوق رؤوسهم حتى يومنا هذا كدليل على غضب السماء عليهم ..

أحياناً كنت أتمنى الشهادة مع أصدقائي ألطيبيين ألذين سبقوني نحو السموات العُلى حين كانت المنافذ والمعابر حتى الصغيرة منها تُغلق أمامي كلّ مرة؛ كل ما حاولت الأجتهاد و التقدم في وسائل المعرفة و المقاومة لتنوير طريق الناس .. سوى غرفتي الصغيرة المتهرئة كمنفذ وحيد في مدرسة (الجعفريّة) وسط الدهانة مقابل مسجد الحيدري وسط بغداد .. بسقفٍ كان يُؤذيني كثيراً في موسم الأمطار شتاءاً و حرارة الجو صيفاً بسبب كثرة الثقوب فيه و لم يكن فيها سوى بساط و دفاتر و كتب ولوحات جميلة رسمتها من وحي الذّات وهي تحكي قصّة ألألم الأنسانيّ في هذا الوجود المُرعب بسبب المنافقين!

لكني رغم كلّ هذا يا إلهي .. ما تركتكَ و للآن .. أنتظر لقياك بشوق .. و لا يُمكن أن أترككَ كما تركك أهل العراق و آلعالم السائر نحو الهلاك بسبب الشهوة و الجهل و الظلام حتى المُدعين للدّين و آلدّعوة والقيم و هم يركنون كأجَراء في أحضان المستكبرين آلفاسدين .. بحيث إختلطت الأمور عليهم و بات الحقّ عندهم باطلاً و الباطل حقاً و الأنتهازيّ مُجاهداً و الجّهادي منبذواً, و السياسيّ ألأميّ ممثلاً عن الشعب و الفيلسوف متغرّباً في البلاد و هم يعلمون الحقّ و لكن يبطلونه بسبب نفوسهم المريضة!

كل هذا و للآن .. ليس فقط لم أتنازل و عائلتي ألشهيدة الحيّة عن حُبّك و نهجك يا معشوقي رغم مخاطر الموت التي كانت و ما زالت تداهمنا و تهددنا كلّ يوم و ساعة ولحظة عند كلّ رسالة أو دقة باب أو هاتف أو همسة أو حركة غير طبيعية وسط شعوب إختارت طريق الخنوع و الذلة متواطئة مع المستكبرين الذين يريدون إذلال العالم بغباء مطلق بزعامة الأحزاب الفاسدة التي تحكم بأمر الأسياد.

قلت لأخي الشهيد (سعدي فرحان) و عزيزي (محمد فوزي) و رفيقا ألعمر (موسى محمود و بديع عبد الرزاق) و هم يسمعون آلآن همساتيّ الكونيّة ؛ مآ آلعمل .. لقد ألقوا القبض على الصدر الفيلسوف القائد .. و لا أظن أنه ناج منها هذه المرة و كأنها(الأخيرة)؟ فهل هناك خطة أو حركة لدرك الموقف لأنقاذه؟

قالوا؛ لقد أعطينا الكثير من الشهداء .. فليتقدم الآخرون! قلتُ و هل في العراق غيرنا ليتقدموا …!؟
قال الشهيد محمد فوزي ؛ أملنا في نتيجة الحرب العراقية – الأيرانية .. لتقرير الموقف النهائي!

قلتُ وهل تعتقد بأنّ الأستكبار العالميّ و الشعب العراقي المُتخلف حضارياً و مدنيّاً سيتركون صدام و سيستسلمون لمنطق الحقّ؟

ثمّ مَنْ يتقدّم و السّاحة كما ترى أمامكَ مكشوفة حتى الشيوخ و السّادة المدّعون فيها تركونا و عادونا بعد ما باعوا آلدّين و تمسكوا بشعارات دينٍ تقليديّ أكل وشرب عليها الدهر لأجل جيوبهم و نفوسهم و بيوتهم و مستقبل احفادهم و كأن الدّين(الخمس و الزكاة) إرث منحصر بهم .. بل لجأ حتى كبارهم علناً و بلا حياء لعواصم المستكبرين و مراتعهم يطلبون الحماية والعلاج و المال و الأستثمار منهم بفضل تلك آلأموال آلتي هي من قوت الفقراء و الكادحين!

سكت آلجميع و طأطؤا رؤوسهم نحو الآرض .. حيرى لا يعلمون جواباً ولا طريقا للنجاة .. ثم أعقبت؛ لكن نحن أحباب الله في الأرض و هذا قدرنا و لا غيرنا يُقرّر طريق الحقّ و ليذهب للجّحيم كلّ عميل و جبان و خبيث و منافق يعبد نفسه من دون الله عملياً!!

و ما هي إلا صبر ساعة .. حيث الشهادة بإنتظارنا .. و ختمتُ الموقف بالقول؛ [لا يهمّكم بعد .. سنتصدى لهم كآلحُسين و الله خير ناصر و معين و هو الشاهد على ما أقول!]

كل العراق و حتى العالم .. قد خلى من آلصادقين بعكس الظاهر تماماً بعد ما هيمن المستكبرون على منابع الطاقة و المال والجّميع ومنهم دعاة اليوم للأسف ولأجل راتب حرام؛ يدّعون بأنهم كانوا مؤمنين ومجاهدين كدعاة الأمس, و البون شاسع بينهم

تباً و تعساً لكم أيها “الدّعاة” المنافقين .. أين كُنتم و مالككم و أشقركم يوم كنا نبحث حتى عن مأوى أو صديق يحتضننا!؟

أنتم إما كنتم وقتها مع المُلحدين أو مع البعثيين أو الواقفين على التل كجواسيس ترقبون فوز إحدى الجبهتين أو فارّين من الجيش بسبب الموت الذي كان أمامكم لدفاعكم عن صدام و كما شهدنا قوافلهم الأخيرة التي لجئت لدول ألجوار بعد إعلان أمريكا هزيمة صدام المحتومة و ها هو حالكم اليوم أيضاً يتآمر بعضكم على بعض .. و تعملون في خط مزدوج مع المستكبرين من جانب و مع المتأسلمين من جانب آخر و كلّ سعيكم في هباء لأنّ فعلكم هذا قد بيّضَ وجوه كلّ منافقي التأريخ منذ قابيل و إلى اليوم .. فلعنة الله عليكم و على آلدّين ألذي تديّنتم به و على مَنْ علّمكم على هذا النفاق.

تعساً لدُنيا و لوجودٍ غبت عنها يا ربي و حبيبي .. لتصبح بيد المنافقين .. حتى الشيطان اللعين نفسه قد ترك الناس بعد ما رآى العجب العجاب منهم, قائلاً لربّ العباد: [أرجوا قبول إستقالتي فآلناس باتت أشطن مني]!؟

و لا معنى و لا قيمة لأيّ موجود بدونك أنت .. أنت الأوّل و الآخر و آلباقي و نحن الفانون ..
و أنت الوحيد الذي كنت معي يوم بقيتُ وحيداً بعد الشهداء العظام الذين ذبحهم أهل العراق بلا رحمة و ضمير و صدّامهم كان يتربّع في قصره كما الخضراوييون الآن و حولهم كل المجرمين ألمرتزقة يشربون كؤوس الفساد حتى الثمالة و الشعب رغم إنهُ لم يعد لديه ما يبيع لعيشه لكنه ما زال مع الباطل كما كان في عهد صدام و ما قبله و بعده .. لقد آمن الجّميع بآلشيطان في الباطن و بآلله في الظاهر و لا ذكر لعدالة عليّ(ع) في أوساطهم بعد .. رغم أنّ أكثرهم يدّعي إنتمائه له و لأبنه الأمام الحسين(ع) الذي قال للعالم كلماته النورانية الخاتمة كونه مصباح الهدى و سفينة النجاة :
[ِّإنّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ‏ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ]. و لكن هيهات أن يفهم الناس .. خصوصا أهل العراق معانيها, لأنهم لو كانوا فهموها؛ لما كانوا قتلوه كما هم الآن يقتلون كل مفكر و فيلسوف و لا يخضعون إلّا للمستكبرين و الفاسدين ألأميين.
إلهي رُحماك ..أنتَ وحدكَ الصّادق ألأمين الهادي و الرّحمن الرّحيم ..

و كل المُدّعين للدّعوة و آلدّين والوطن و القيم و نصرة الفقير؛ هُم طُلاب دُنيا يسعون و يشيخون للفوز بآلحكم من أجل المال و العلو و المقام لملأ بطونهم و جيوبهم و لا يعلمون بأنّ كلّ شيئ زائل و يوم القيامة آت و هو آخر المطاف حيث كامرات الخالق قد ضبطت كل صغيرة و كبيرة وسيقتصّ ألحَكَمُ العدل حتى على النّظرة و الهمسة و اللفتة و الغمزة و اللمزة و الظنون و ليس فقط على الدولارات و الأتفاقيات و التصريحات الحرام التي سبّبت الفساد و الخراب في البلاد والعباد, و ما أفلح قوم ضاع الحقّ بينهم!

و قد قال (سفينة النجاة) الحسين(ع) قوله الفصل:
[الحمد لله الذي خلق الدنيا، فجعلها دار فناء وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنّكم هذه الدنيا، فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرّب ربّنا، و بئس العبيد أنتم]

أحدث المقالات