23 ديسمبر، 2024 2:02 ص

نظريتا الفشل والمؤامرة!

نظريتا الفشل والمؤامرة!

في سلسلة مقالات لماء الذهب ، ومقالات النخبة:
انا اكتب ، اذن انا كلكامش( مقولة الشاهر) ()
من فضل ربي مااقولُ اكتبُ** وبفضل ربي بالعجائب أسهبُ!( بيت الشاهر)
مقالتي حمالة النثر القديم ،ورافعة النثر الجديد ( مقولة الشاهر)
أكثر مايدور في موروثنا السياسي العربي والعراقي : هما نظريتان : نظرية المؤامرة ، ونظرية الفشل، ولن تجد لهما ثالثا ، او ثالثة ، مهما بحثت ونقبتَ ، مما يدل اننا مازلنا اميين في السياسة ، وبارعين في المؤامرة ،والسبب اننا لم نكن جريئين وصريحين في مواجهة اخطائنا ، فنحاول دوما الهروب منها الى الأمام، لقد كلفتنا نظرية المؤامرة كل الكلام ، وجل الاحتجاج ، وكل الجهود والأفعال ، وازكى الدماء ، فأعيت كلماتنا أمام ذلك الكم الهائل من المؤامرات والانقلابات التي عصفت بالعراق على سبيل المثال ، فلم نعد ننفق الخطب والمواعظ لتنفع في جسد فقد الاحساس على نظرية البيت الشعري المشهور:
لقد اسمعت لو ناديت حيا
ولكن لاحياة لمن تنادي
وكذلك كلفتنا المؤامرات ، كل خفافيش الليل ، وكل ثعالب وذئاب الغابة ، حتى صار لدينا وفي التاريخ العربي جهابذة ماهرون ، في خوض المؤامرات ، وآخرون مهووسون فهم إذا حكموا تراهم في كل فترة يعلنون عن اكتشاف مؤامرة وإعدام متآمر ، حتى قيل انه من يحلم انه تآمر على رئيسه يعدم ، ثم دخلنا في دور شيطنة المؤامرة ، فذهل الشيطان أمام قدرتنا على ابتداع طرق في التآمر لم تكن لتطرأ على باله هو كما صرح أي الشيطان في إحدى المقابلات التي اجريت معه سابقا !، وكل ذلك من اجل الوصول الى الكرسي ، فهو لوحده يستحق ان يصطبغ بالصبغ الأحمر ، ويتوج بمزيد من الجماجم !
اقول ان الشيطان ذهل أمام قدرتنا – معشر العرب السياسيين- على التآمر والتخفي ، لذلك صارت مفردات المؤامرة مألوفة في موروثنا ، أمثال القول ( امر دبر في ليل ) ، او الداهية ، او الثعلب 000 الخ
لقد انفق العرب ، معظم تاريخهم السياسي في أمرين لاثالث لهما : هما المؤامرة ، او الفشل ، وكان يقابل كل فشل لديهم احتلال ناجح للمحتل ، ومقابل كل مؤامرة مؤامرة أخرى تبتلع الأولى ، وتطمس معالمها 00 ان الديمقراطية والعولمة ، والحداثة، هي أدوات خارجية لم نكن نفهم مابداخلها من محلول ، ولم نعرف كم هي الجرعات التي تناسب تعاطينا منها ، فعندما تعاطيناها تحولنا الى سكارى ، وما هم بسكارى ، ولكن دهاء أمريكا شديد 00 إننا- معشر العرب – صنعنا كل عظمتنا الحضارية والثقافية والأدبية من حيث كنا نعيش نقاء البداوة ، فمن معطف البداوة خرجت أجود القصائد ، واجل البحوث ، وأدهى النظريات ، ومن معطف البداوة المبصرة جاء الطب والدواء والهندسة والعلم والفن والزخرفة والعمارة 00الخ يراد لنا من العولمة ، والطراوة الحديثة ان نزداد تآمرا على أنفسنا ، وفشلا في تجاربنا 0 ان كثرة احباطاتنا – معشر العرب- حولتنا من تلامذة للتجارب الفاشلة الى أساتذة للتجارب الفاشلة ، وكثرة مؤامراتنا باتجاه الكرسي حولتنا الى ملاذات للشبهات والشكوك والدسائس ، حتى تم خلط ماء السياسة بدمها فمُجت وسُبتْ، وصرنا لانرى عدالة الدولة الا من خلال سلطان يميت الجميع ، او يحيي الجميع ، مرة واحدة فنقول عنه : هذا هبة الله تعالى للعباد!
واما في جو الديمقراطية ، فتضيع علينا كل الوسائل ، فلم نعد نفرق بين الفوضى و الحرية
ولو أجرينا إحصاء تجريبيا ، لوجدنا ان العرب السياسيين ، هم أكثر من امتهن المؤامرة والفشل ، ولكن هذا لايعني ان التاريخ اسود (ومسخم) ، إنما هنالك تجارب يشهد لها التاريخ ان العرب امة عظيمة ، تضعف ولا تموت فهي مثل الحق ، ومثل النصر يمر على الموت لكنه لايموت ، فهاهي تجربة (الشيخ زايد) رحمه الله تعالى ! تشير إلى أن امتنا مازالت تحتفظ بأجنحة التحليق حيث شاءت ، لاكما توهم خصومها 0
وهذه تجربة (السيد السيسي) ، تدلل على ان الرجل محنكا ، يسير بمشورة الرأي ، ويأخذ بقرائن العقل ، ويستعصي على جماح المنصب ، لذلك استطاع ان ينعطف بسفينة مصر بعيدا عن أمواج فرعون التي كادت ان تطيح بها!