23 ديسمبر، 2024 3:34 م

نظرية حل البرلمان تنفيذيا وقضائيا

نظرية حل البرلمان تنفيذيا وقضائيا

هناك اليات ديمقراطية روتينية معروفة في العالم,تستخدم في حالات الضرورة القصوى لحل البرلمان,منها تكون بيد البرلمان نفسه ,او بطلب من رئيس السلطة التنفيذية في الانظمة الرئاسية او البرلمانية,وبعضها تتم بتوصيات عبر مجالس دستورية عليا كمجلس الشيوخ وغيرها,
ولكن جاءت التجربة المصرية لتضع نموذج حديث رغبت به وطلبت تنفيذه الجماهير المنتفضة على نظام الحكم الاخواني,فتدخلت السلطة العسكرية اي الشبه تنفيذية لانها عزلت الرئيس سلفا على الرغم من انه منتخب دستوريا ,واتفقت مع السلطات القضائية المصرية لاعادة ترتيب اوضاع البلاد في ايجاد حكومة مؤقتة, وتشكيل لجان كبيرة لاعادة كتابة الدستور والاستعداد للانتخابات الديمقراطية القادمة.
العراق وبعد هذه الفترة الطويلة نسبيا ,والتي قاربت مدتها من عقد كامل,تعرض المكون الشيعي تحديدا والشعب عموما الى عمليات ابادة جماعية منظمة,مدعومة من قبل بعض العراقيين العملاء الخونة,المرتبطين بالاجندات والقوى الخارجية, المتعاونة مع فلول القاعدة وبقايا البعث المنحل ,وهي مؤامرة اقليمية عربية مع الاسف,وتعد الكارثة الوطنية الكبرى المتمثلة بتورط بعض اعضاء البرلمان العراقي في تلك المؤامرة الحقيرة,والذين يتقاضون الرواتب الضخمة المستقطعة من قوت الفقراء,وهم يعملون على جبهتين لتدمير العراق وشعبه,جبهة الفساد المالي والاداري الذي تحميه بعض الكتل البرلمانية,وجبهة التغطية القانونية المانعة لاعتقال المتهمين بالارهاب والتصعيد الطائفي تحت حجة الحصانة,وحيث ان البرلمان فقد شرعيته عندما حنث عدد غير قليل من اعضاءه باليمين ,ومارس خيانة علنية تجاه شعبنا المغلوب على امره,عندما امتنع البرلمان عن ممارسة دوره المنصوص عليه دستوريا,في محاربة الارهاب والفساد,مما يتيح للسلطات الدستورية الاخرى,من ان تمارس دورها التاريخي في حماية الشعب العراقي,عبر الاتفاق العلني بين السلطتين التنفيذية والقضائية لسحب الشرعية عن البرلمان,الذي فقدها ضمنا من خلال تستره على من يهدد الامن والسلم الاجتماعي,
من الممكن ان تطرح هذه الفكرة او المبادرة او النظرية السياسية الجديدة على الرأي العام الشعبي,وكذلك تطرح على اصحاب الخبرات والكفاءات القانونية والدستورية,لمعرفة ردود افعال المواطنين تجاه كل تلك المتغيرات السياسية الطارئة المطلوبة.
ان مايسقط على ارض العراق من ضحايا تفوق ماتخسره الدول احيانا في بعض الحروب والازمات,تحتم على المعنيين بتنفيذ وتطبيق الخطط الامنية والعسكرية ان يمارسوا دورهم الوطني لحماية الشعب وفق الرؤيا والاسلوب والطريقة العملية الميدانية, التي يرتضونها لحماية الدولة من الانهيار.
ان مسألة حل البرلمان العراقي تعد بمثابة خطوة عملية لفتح جبهات القتال المباشرة ضد دعاة الفتنة والتكفير والارهابيين جميعا,
فقد اصبحت الامور اكثر خطورة تعقيدا,وبدأت اغلب الاحياء والمناطق والمدن بالتفكير جديا بحماية نفسها, عبر وضع الحواجز والسيطرات,وهذه اشارة لبداية الانهيار الامني, ودليل واضح على عجز الحكومة من حسم الملف الامني والصراع العسكري في مثل تلك الاوضاع الغير مشجعة من قبل البرلمان,وتعطي صورة مظلمة عن  شرارة الفتنة الطائفية التي باتت تلوح في الافق,وقد سجلت بعض ردات الفعل الفردية في الجنوب ضد بعض ابناء الوطن من الاخوة السنة العرب في الايام القليلة الماضية,وقد تكون مدفوعة من قبل بقايا البعث لاشعال الحرب الطائفية,على اننا نحمل ابناء المناطق الغربية وبعض مناطق بغداد ودعاة الفتنة مسؤولية التدهور الامني ,لان فيهم من يقدم الدعم والاسناد الى الجماعات التكفيرية,ومنهم من هو في منزلة الشيطان الاخرس لعدم تعاونه مع الاجهزة الامنية لكشف اوكار الجريمة والارهاب,
ومن هنا نقول ان الوقوف موقف المتفرج تجاه هذه الاحداث,المهددة جديا للامن الوطني والقومي والاقليمي,لايمكن القبول بها ,والاستمرار بتجاهل تبعاته .
ان الشعب عندما مارس دوره الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية ,عد مسألة سحب الثقة او الحصانة عن العضو البرلماني او  الوزير الفاسد مسألة روتينية عادية,لاتحتاج الاجراءات المتعلقة بها الى المرور والخضوع بفلسفة ومهزلة المحاصصة والتوافق السياسي الفاشل,
وهذه سنة جميع برلمانات العالم تقريبا,
اما ان يكون عضوا برلمانيا وممثلا لجماهير معينة,ويتمتع بالامتيازات الكبيرة هو واسرته,ومن ثم يصعد المنابر ليسب الشعب ويدعوا لحرب طائفية ,وفي مثل تلك الاوضاع الاقليمية الملتهبة,فهذا امر عجب!
ان المطالبة بحل البرلمان خارج السياق الدستوري المعتاد لدولة ديمقراطية حديثة ,يعد امر مقبول,وذلك لتسجيل حالات نقص واضحة في عدد من مواد الدستور نفسه ,
بعد ان عجز اكثر من مرة عن ايجاد حلول قانونية وتشريعية لاغلب القضايا المصيرية كقانون النفط والغاز,وحقوق الاقاليم في الاستكشاف والتصدير,وارتباط الهيئيات الحكومية بالسلطات الثلاث,وحسم قضايا الفساد التي قد تضرب صميم عمل المؤسسات والسلطات الدستورية نفسها,وتشريع قانون الانتخابات والاحزاب,وتكرار ارسال بعض مواده الى المحكمة الدستورية الاتحادية بغية التفسير,اضافة الى انه ليس كتاب مقدس لايحتمل الزيادة والنقصان, الخ.
ان الشعب لم يعد يحتمل هذا النزيف المتعمد,ولم يعد مقبولا قبول تهاون بعض قيادات الدمج الامني في ممارسة واجبهم الوطني(الدمج المقصود من بقايا اجهزة النظام البائد او من ادخل بقانون مليشيات الدمج او بالوساطات الحزبية والتوافقات السياسية),وتعثر السلطة التشريعية في اداء واجبها تجاه دعاة الفتنة والمفسدين في الدولة,
عملية او اجراءات حل البرلمان لاتعني فقط اطلاق يد الحكومة والاجهزة الامنية في ممارسة دورها السياسي والامني ,لضبط الاوضاع في البلاد لفترة محددة,او اعتبارها كبديل ديمقراطي مقبول مرحليا,انما هي عملية طارئة لتصحيح مسار العملية السياسية برمتها.