من خلال تجربتي الميدانية في مجال الابداع والابتكار محليا وجدت هناك عدة جهات تعمل في هذا المجال وفق مسميات مختلفة , والمسميات هي اتحاد او مركز او جمعية او ملتقى وجميع هذه المسميات أما تكون منظمة مجتمع مدني مسجلة في شعبة منظمات المجتمع المدني التابعة لمجلس الوزراء او انشأت بالتواصل مع جهات خارجية ويكون ارتباطها شكلي بأحد الوزارات او المؤسسات وجميع هذه المسميات تحمل سمة رعاية الابداع والابتكار ورعاية المبدعين والمبتكرين , ونظام عملهم يدخل ضمن باب العمل التطوعي اوشبه التطوعي والبعض يملك مقرات بائسة والبعض الآخر لا يملك مقر أصلا وواقع الحال يعتمدون اساسا على تبرعات المشتركين اضافة الى الاستفادة المادية من اقامة بعض البرامج في الدول العربية ودول الشرق الأوسط وهي برامج في غالبها تجمع بين (المحاضرات والسياحة او المؤتمرات والسياحة) ونادرا ما تجد بعض البرامج في دول اوربية او دول شرق اسيا والحقيقة ان من اشتركوا في هذه البرامج اجمعوا على فقر التنظيم وضعفه وذلك لأن الغرض الأساسي هو ليس دعم المبتكرين او المبدعين بالدرجة الأساس وانما الغرض هو للحصول على بعض المبالغ , مما جعلها وسيلة تكسبية تسيء في الغالب الى الهدف او الغاية التي انشأت من اجلها هذه المنظمات , والبعض الآخر من هذه المنظمات يستغل بعض البرامج التي ترعاها بعض دول الخليج من خلال اسماء امراء او مشايخ من الصف الثاني او الثالث , ولا يفوتني ان اذكر ان هناك ممن يتطلع الى هذه البرامج بصورة فردية وليس من خلال منظمة او كيان مختص.
لقد قامت بعض هذه المنظمات بمعارض ومؤتمرات محلية من خلال التنسيق مع بعض الجامعات او الوزارات او المؤسسات الاخرى ولكن واقع الحال هذه الفعاليات لم تخرج عن حدود (الإعلام والشهادات الورقية وتوزيع الدروع والقلادات المصنعة بطريقة رديئة) , ولم أجد جهة من هذه الجهات عملت فعلا على تبني الاستثمار الفعلي والحقيقي سواء لبراءة اختراع او فكرة مبتكرة او حالة ابداعية معينة , والحقيقة آلآف من براءات الاختراع والأفكار نائمة على الرفوف وقد عفا عليها الدهر وأصبحت غير قابلة للتطبيق نتيجة التطور التكنولوجي السريع , بل ان الكثير من المؤسسات الأكاديمية العالمية أصبحت لا تعتمد البحوث المكتوبة بقدر ما تتبنى أي ابتكار جديد يحاكي حالة التطور وهذه السياسة أصبحت مطروحة للتطبيق في بعض البلدان العربية والخليجية بالذات.
حقيقة الأمر فأن الأكاديميين والمهندسين والأطباء والصيادلة وغيرهم ممن يحملون تخصصات علمية وحتى انسانية قي بلدنا وممن يبحثون عن وضع بصمة لهم في طريق الابتكار او الابداع يحاولون الانتماء لهذه المنظمات على أمل ان تسنح لهم فرصة سواء من خلال تقديم فكرة ابداعية قابلة للتنفيذ او الحصول على فرصة لمشاهدة مستوى التطور العالمي الحاصل , ولكن واقع الحال ان هذه المنظمات لم تقدم لهم شيئا يذكر والأسباب واضحة وجلية كونها منظمات وكيانات تفتقر للدعم المادي وأصبحت هذه الكيانات مجرد وسيط يسعى لتنظيم معرض بسيط او مؤتمر محدود بالتنسيق مع بعض الجهات الحكومية او غيرها , بل وحتى البعض منها خرج عن المسار الذي رسمه ضمن نظامه الداخلي بسبب الصعوبات المادية التي تلاقيها.
لم يقتصر الأمر على ذلك بل ان التعددية لهذه الكيانات وتشابه الطروحات والبرامج لها جعل منها كيانات تتنافس فيما بينها وفق مبدأ الأنا والرفض للطرف الآخر وليس وفق مقومات حقيقية تعطي انطباع وصورة مشرقة. ان هذا التضاد بين هذه الكيانات والمنظمات أصبح ملموسا ليس على المستوى المحلي بل حتى خارج العراق مما أعطى انطباع سلبي لا يليق بمستوى الأكاديمي العراقي او المهندس العراقي او المبتكر العراقي ولنقل (المبدع العراقي بصورة عامة في مختلف المجالات).
وضمن هذا الانفتاح الكبير الحاصل نتيجة اختلاف السياقات والأنظمة والقوانين عن ما كان موجود قبل أكثر من عقدين من الزمن أصبح لزاما التفكير بصورة جادة ببناء بيئة جادة تجمع شمل المبدعين العراقيين وما أكثرهم بما حباهم الله من مستوى تفكير عالي وعلى مر التأريخ.
بيئة حقيقية ترعى الابتكار والابداع يحقق من خلالها مايلي:
هذه نواة لورقة عمل ومشروع قابل للنقاش والتوسع والتفكير في تطبيقه سابقة ضرورية من أجل وضع خطوة صحيحة نحو مستقبل أفضل.