23 ديسمبر، 2024 1:21 ص

في معرض بغداد الدولي للكتاب اثار انتباهي الكمية الكبيرة للروايات الرعب, المعروضة من قبل مختلف دور النشر والطباعة, وخصوصا المؤسسات المصرية للطباعة والنشر, هذه الروايات يمكن ان تصنف ضمن مدرسة ادبية متخصص بسرديات الرعب, حيث يبدو من كمية الروايات ان لها جمهور واسع, هذا النوع من الروايات مازال الكتاب العراقيين بعيدون عنه, حيث لم نجد أي كاتب عراقي اختص بالكتابة الرعب, والتي هي عبارة عن خلطة بين العمل الادبي والخيال الذي يدمج عالم ما راء الطبيعة (عالم الجن والشياطين والزومبي), او قاتل متسلسل, او جريمة غامضة, وقد اصبح لهذا النوع من الكتابة جمهور متابع وبشغف.
سنحاول عبر هذه السطور ايصال فكرة عن هذه المدرسة الجديدة للكتابة القصصية او الروائية.

البدايات
بما ان مصر تمثل الدولة الرائدة عربيا, لذلك سنتكلم عن روايات الرعب المصرية, لقد كانت بداية ادب الرعب في مصر بداية خجولة, ولم يتخصص أي من كتاب الرواية في هذا النوع, وقد تم اتهامه في البداية بأنه أدب تسلية فقط, أو أدب أطفال شبيه بقصص الرجل الخارق “عالم خيالي”, واحد اغراضه إثارة رعب القارئ بحيل ساذجة!
لكن في السبعينيات بدأت تظهر عدد من كتابات الرعب لكن على استحياء, ولم يكتب لها الاستمرار، حتى جاء عراب كتابة الرعب أحمد خالد توفيق وبدأ في شق طريق صعبة, عبر سلسلة روايات ما وراء الطبيعة، والتي صدرت بداية من عام 1993 حتى 2014، والتي قدم فيها شخصية رفعت إسماعيل وهو رجل في نهاية حياته, والذى يعيش في عوالم غامضة، ثم ترجمت دار نهضة مصر سلسلة صرخة الرعب الأمريكية إلى العربية في التسعينيات، فكون هذا النوع من الأدب قاعدة قراءة بدأت في الاتساع تدريجيا.
حتى حدث الانفجار الكبير بعد عام 2011، فانطلق العديد من الروائيين الشباب الذين خرجوا من عباءة أحمد خالد توفيق في كتابة روايات رعب، فظهرت عشرات الروايات التى تنوعت مستوياتها، لكنها في النهاية رسخت مدرسة مصرية في كتابة الرعب الذى يسعى لحفر ثيمات خاصة بالبيئة المصرية, بعيداً عن استيراد وتمصير الثيمات الغربية.
من أشهر روايات الرعب التى حققت مبيعات واسعة، رواية شمس المعارف لعمرو المنوفى، ورواية مخطوطة ابن إسحاق, ورواية مدينة الموتى، والمرتد، والرصد، للكاتب حسن الجندي، والممسوس, والتعويذة الخاطئة, وباب اللعنات، لمحمد عصمت، وحكايات شتوية لحسين السيد، وخادم الطلسم، وصندوق الموتى لكيرلس عاطف، وخطوات ليلية، وصانع الظلام لتامر إبراهيم، ولقاء إبليس لبسمة الخولي، وممر آمن للشيطان لوسام سعيد، والقاتل الأخير لمحمد إبراهيم محروس.

دفاع الجندي عن مدرسة الرعب
في حديث صحفي قال الكاتب حسن الجندي دفاعا عن ادب الرعب: “أدب الرعب استمد شرعية وجوده من جماهير القراء مباشرة، فهم من أقبلوا على هذا النوع الأدبي، واشتروا رواياته المختلفة، وهو نجاح دفع بالعديد من الكتاب الشباب إلى تطوير أدواتهم, لأن القارئ الآن على درجة من الوعى والمعرفة تجعله على قدرة كافية لتقييم كل عمل جديد، وهذا لا ينفى وجود بعض الأعمال غير الناضجة في روايات الرعب، لكن ذلك مثل أي مجال أدبى آخر يوجد فيه الأعمال الممتازة والجيدة والضعيفة”.
وأضاف حسن الجندي: “الملاحظ أن مجال كتابة الرعب تطور بشدة في السنوات الأخيرة, بسبب حدة المنافسة التى أراها إيجابية، فدفعتنا جميعا لحفر معالم شخصيات العمل الروائي، والتعمق في دوافعها النفسية، وتقديم حبكات وثيمات مصرية الهوى، والخروج من عباءة تقليد الرعب الأمريكي بثيماته المعروفة، ونحن الآن نستطيع الحديث عن عالم مصرى في أدب الرعب قائم بذاته، لذا أظن أن السنوات المقبلة ستشهد المزيد من النجاح لكتابات الرعب”.

محاولة فهم الظاهرة
ولفهم ظاهرة روايات الرعب، نرى ضرورة توسيع مجال الرؤية لفهم ظاهرة كتابات الرعب ونخصص هنا الصنعة الروائية, باعتبارها الإطار الأشمل الذى يمكن إدراج روايات الرعب فيه، أن أدب الرعب له جمهوره الكبير حاليا، وهو ما يمكن التأكد منه من طبع روايات هذا الفن عديد الطبعات، ووجود شريحة أساسية من القراء تنتظر هذه الروايات, وتحرص على متابعة جديدها، مع تحول عدد من كتاب الرعب إلى نجوم لدى هؤلاء القراء، وكلها تؤكد على حقيقة الحيز الذى يشغله أدب الرعب في المشهد الروائي المعاصر.
والسؤال هنا: هل تعترف المؤسسة النقدية بهذا النوع من أنواع الكتابة الأدبية؟ وجواب ذلك يمن في رفض المؤسسة النقدية لروايات الرعب, وهذا الرفض ناتج أساسا من سيطرة النظرة التقليدية على هذه المؤسسة، التى تركز في 80% من دراساتها على الأدب القديم والوسيط، ولا تدرس من الأدب الحديث إلا ما يتم تصنيفه تحت خانة الكتابة التقليدية, ذات الأساليب المألوفة، لذا تتجاهل كل أشكال الحديثة على الرغم من أنها مطالبة بالاحتكاك بكل الظواهر الأدبية ودراستها وفهمها، ضاربا المثل بتجاهل الحركة النقدية داخل الجامعة لروايات نجيب محفوظ لنحو العقدين ظل فيهما يكتب ولا يلتفت إليه إلا النقاد الذين يكتبون في الصحف.

قوالب ثابتة
هناك قوالب ثابتة لا يخرج عنها النقاد العرب، ويخافون مخالفتها حتى لا يهدموا الصنم الأدبي الذي ولدوا وتربوا في كنفه, ومن المؤكد أن التقليل من شأن هذا المساق الإبداعي واختزال الهدف منه في التربح المادي، إهانة للقارئ في المقام الأول, فالقارئ يدرك جيدا الغث من السمين, والقول بأن القارئ سهل الانقياد ليس في محله، إذ إنه يعلم ما يريد، بل احيانا يكون القارئ أكثر وعيا من الكاتب والناقد.
أن البعض يُسيء فهم الهدف من روايات الرعب ويُحمّلها أكثر من ما تحتمل، لافتا إلى أن الهدف من الأدب والفن عموما المتعة، ثم تليها أهداف أخرى، مثل: رفع نسبة الوعي.

اضرار قصص وروايات الرعب على المراهقين
يجب ان نطرح اولا سؤال وهو:- ما هي اضرار قصص الرعب على المراهقين؟ والجواب:- انها تسبب العديد من المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية, ان قصص الرعب هي نوع من أنواع القصص تتناول أحداث خيالية مُخيفة، تثير الرعب والفزع في النفس، وعادة ما تتناول مواضيع تفوق قدرات الإنسان العادي أو مواضيع غير مقبولة وغير مألوفة مثل: (الخطف, القتل, عالم الشياطين والجن, الأشباح والوحوش, والكائنات غير الحقيقية, الانتقام), وان اهم اضرار قصص الرعب انها تسبب العديد من المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية للمراهقين، ومن المشكلات النفسية قد تعرض المراهق للاكتئاب, العزلة والوحدة, زيادة نسبة الخوف لديه, تراجع الثقة بالذات, زيادة فرصة الإصابة بمرض الوسواس القهري, العصبية المفرطة.
اما ابرز المشكلات الاجتماعية بسبب قراءة روايات وقصص الرعب هي:
اولا: التمرد والعصيان: حيث أن أغلب قصص الرعب تبث قيم العصيان والخروج عن القانون وعن ما هو مألوف من الناحية الاجتماعية.
ثانيا: العدوان: حيث يكتسب المراهق العديد من مظاهر العدوان، ومنها: العدوان اللفظي؛ حيث أن أغلب قصص الرعب تحمل في طياتها المسبات والشتائم غير المقبولة.
ثالثا: العدوان الجسدي: حيث يكتسب المراهق القدرة على إلحاق الأذى والضرر بالآخرين، معتقدًا أنه سيكون الأقوى؛ وذلك تقليدًا لأبطال قصص الرعب التي يقرأها.
رابعا: انخفاض درجة الترابط الاجتماعي والإحساس بالآخرين أو التعاطف معهم, وتدني في مهارات التواصل الاجتماعية الإيجابية.