23 ديسمبر، 2024 5:35 ص

“نظام الطفرة” و”ظاهرة الساعدي”

“نظام الطفرة” و”ظاهرة الساعدي”

لا يوجد في حركة الشعوب والتحولات الاجتماعية “نظام الطفرة”، فلم يسجل التأريخ في مفكرته حدوث انتقالات انقلابية دون المرور بـ “مخاضات” وتقلبات تحدث رجة اجتماعية تعقبها هدوء ورؤية وحكمة في القاع الاجتماعي.

الزعيم الهندي “جواهر لال نهرو” في كتابه “لمحات من تاريخ العالم” يقول:( أن الشعوب الناهضة توا من الدكتاتورية يصعب السيطرة عليها).

ينطبق القول تماماً على بلدنا العراق،الذي تعرض إلى أبشع نظام دموي دكتاتوري في “القرن العشرين” هو “البعث ألصدامي”،الذي حول خارطة الوطن من “رأس البيشة” أقصى الجنوب إلى أقصى قصبة في شمال العراق، سجن كبير نزلاءه يقاربون الـ (20 ) مليون سجين!،باستثناء زبانية النظام من رجال الأمن وحزب البعث.

الشعب العراقي ذلك “الطائر الحر” المحب للحياة منذ آلاف السنين،حيث خاض جدهم ” جلجامش” غمار الأمواج بحثاً عن “جنة دلمون” و “نبتة الخلود”،وكتب حضارته على رمال ضفاف “دجلة والفرات”،وجد نفسه مسلوب الحرية،لا يقوى على سجانه،بعدما أنهكته حروب النظام مع الجيران والحصار.

عام “2003 ” كسر العراقيون قضبان سجنهم،فحدث “هرج ومرج”،كشف عن عمق الجرح والكتمان الذي خلفه النظام في القلوب.

كنتيجة طبيعية،ولوجود ” جزار” و “ضحية”،حدث ما يحدث في مسيرة الشعوب،وكان لها أن تستمر وتُوغل كثيراً،لولا وجود الحكماء والعقلاء.

خلال الستة عشر سنة الماضية جرب العراقيون قتلُ بعضهمُ البعض،وجربوا “الو لاءات العابرة” سعياً لكسب السلطة من جديد،ثم “تغانموا الوطن” فسرق البعض خيراته، فيما بقيت ثلة خيرة تنعى الوطن في خاصرة الزاوية لم يُسمع صوتها بسبب الضجيج الأجوف بشعارات الوطن زوراً وبهتانا.

حتى أذا ما جثي “داعش” على صدر الوطن،صمتوا صمت أهل القبور،فنهض للعراق أهله،فدفعوا بصدورهم العارية “خنازير داعش”،فاختلطت دماء “أهل الجنوب” بدماء “أهل الغربية”،وأرتجز “مهوالهم” (يعماره…. أبنج رد الموصل)،فبرز للوطن وللحرب رجاله ،كان في مقدمتهم “رومل العراق الجنرال الفريق الركن عبد الوهاب ألساعدي”،الذي منحته “أكاديميات الحرب العالمية” ألقاب وجوائز مختلفة،على خلفية قيادته اغلب معارك تحرير العراق.

“الكاريزما” الفذة التي جعلت ألساعدي مهوى لقلوب العراقيين،سيما أهالي “مدينة الموصل”،بعد أن كانوا يصفون أبناء “الجيش العراقي “،(الجيش ألصفوي، وجيش المالكي،والحرس الوثني،والجيش الطائفي….الخ)من نعوت الفرقة والطائفية .

اليوم بعد قرار عزل الفريق “عبد الوهاب ألساعدي” من منصبه كقائد لـ “جهاز مكافحة الإرهاب”،على خلفية خلاف شخصية،بحسب تصريحه(فيما تشير القراءات أن ألساعدي يريد أن يطوي ويمزق ملف داعش بعجالة،حيث يعيش التنظيم حالة الاحتضار،فيما يريد البعض تأخير ذلك لتمرير صفقات إقليمية)،وخلال الساعات الأربعة الأولى للقرار،ارتجت “مواقع التواصل الاجتماعي” أعقبتها مطالبات لقوى وشخصيات سياسية وطنية،بالعدول عن القرار.

المشهد الذي أريد الحديث عنه،هو ارتفاع منسوب “الوعي الجمعي” للشعب العراقي بمختلف أطيافه،وزيادة “مقاييس مسطرة التشخيص” فـدراسة بسيطة لـ “عينة الاصطفاف” المطالبة بالعدول عن قرار تجميد ألساعدي،التي تحتوي مفرداتها على “جمهور سني وشيعي وكردي وأقليات” تنبئك أن هناك “متغير ايجابي” كبير يتمحور حول الوطن.

هذا المتغير المطمئن،يكشف بروز دور “للقوى المجتمعية” في تقرير مصير الوطن،شعارها الوطن للجميع،وصل مرحلة النضوج،بعد تجارب مختلفة،يعبر عن مخرجات ونتائج طبيعية،تثبت أن (للزمن قيمة وثمن).