23 ديسمبر، 2024 4:03 ص

ليس هناك نظام يمکن مقارنته بنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من حيث سياساته القمعية التعسفية التي يمارسها مع الشعب الايراني وهذه الممارسات لم تستثن شريحة أو طيف أو طبقة من الشعب الايراني على الرغم من إنها رکزت و بصورة خاصة على النساء.
هذا النظام ومنذ بدايات تأسيسه، سعى بکل مابوسعه من أجل إظهار نفسه نظاما مبدئيا له منطلقاته و أهدافه التي لايحيد عنها و حرص في نفس الوقت على إحاطة نفسه أيضا بمجوعة من الشعارات السياسية البراقة التي لها وقعها الخاص في الشارعين العربي و الاسلامي، وهذا ماجعل قطاعا عريضا من هذين الشارعين ينبهران بهذه الشعارات و تلك المنطلقات و الاهداف التي صورته في نهاية المطاف على إنه نظام نموذجي جاء في مرحلة حساسة و إنتصر للقضايا العربي و الاسلامية.
اليوم و بعد أکثر من ثلاثة عقود و نصف العقد على تأسيس هذا النظام، لو قمنا بعملية مقارنة و مطابقة بين أهداف و منطلقات و شعارات هذا النظام في بدايات تأسيسه و بين الاعوام الاخيرة عموما و الوقت الراهن خصوصا، نجد إن هناك فرقا و بونا شاسعا بينهما، وإن من يدعي و يزعم بأن النظام قد بقي على أهدافه و منطلقاته و شعاراته الاساسية، فإن کلامه ليس سوى تخرصا و ضحکا مکشوفا على الذقون، ذلك إن هذا النظام الذي کان من بين أهم إنتصاراته للمستضعفين و الاسلام و المسلمين إستقدام الروس و إشراکهم في التراجيديا الدموية الجارية في سوريا، ومثلما”لحس”هذا النظام شعار”الموت لأمريکا”، عندما قام بمسحه من على جدران السفارة الامريکية ذاتها في طهران، فإنه قام أيضا بلحس شعار”الموت لروسيا”، وهو بذلك أکد على إن عمامات طهران تتميز بحذاقتها و حرفيتها المفرطة في وصوليتها و إنتهازيتها الى الحد الذي يمکن القول بإنها تبز ميکافيلي و تجعله”أثرا بعد عين”!
مراجعة مواقف نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال الاعوام الاخيرة حيث تحفل بمزيج غريب من التناقضات و التضارب خصوصا بعد أن صارت أوضاعه صعبة و محفوفة بالمخاطر، تبين بوضوح إنه على إستعداد لکي يقوم بأي شئ من أجل بقائه و إستمراره، وإن أهدافه و منطلقاته و شعاراته تتبخر و تغدو مجرد سراب إذا ماوجد إن هناك خطرا يتهدده، والذي يجب أن نأخذه هنا بنظر الاعتبار هو إن هذا النظام قد قام بتقديم التنازلات تلو التنازلات و التراجع تلو التراجع لا لشئ إلا في سبيل أن يبقى مستمرا في مواجهة شعبه و قوى المعارضة الايرانية الفعالة المتواجدة في الساحة و المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية.
هذا النظام الذي يفضل أن يلقي بنفسه ذليلا أمام الدول الاجنبية على أن يقدم أي تنازل أو تراجع أمام شعبه و ينصاع لإرادته و طموحاته و مطالبه المشروعة التي مافتأت المقاومة الايرانية تطرحها ليل نها، والجانب الذي يهمنا کشعوب دول المنطقة عموما و الشعب العراقي خصوصا، هو إن هذا النظام الذي يستجدي الدعم الروسي و يقدم التنازلات للأمريکيين، فإنه يظهر نفسه کأسد بل و حتى کغول أمام الشعب الايراني و شعوب المنطقة و يسعى من أجل سد عجزه و نقصه و خذلانه أمام الدول الکبرى بتأسده على دول المنطقة وإن من الضروري جدا على شعوب و دول المنطقة أن ترد الصاع صاعين لهذا النظام وأن هذا النظام يستأسد و يتغول دائما على کل من لايواجهه و يتجاهله أو يسکت عن ممارساته و مخططاته، في حين إنه وکما نلاحظ مليا يتصرف کنعامة أمام الدول الکبرى، وبطبيعة الحال فإن سبب ذلك هو الصمت و التجاهل غير المبرر لدول المنطقة تجاهه، وبإعتقادنا لو إن دول المنطقة بادرت لتغيير موقفها و إتخذت مواقف حازمة و صارمة تجاه طهران، فإن المعادلة القائمة بينها و بين المنطقة سيطرأ عليها أکثر من تغيير.