العراق بلدنا الذي تعرض, لحكومات متعددة الأفكار, فما بين الاحتلالات من امبراطوريات, وحكم ملكي لم يعجب أصحاب المصالح السياسية؛ تحول لحكم جمهوري بسفك الدماء, لتتوالى الانقلابات للاستحواذ على الحكم, وصولاً لدكتاتورية مقيتة, لم تنقلع إلا بالعودة لاحتلال جديد.
تغير شكل الحكم, ليَمُرَ العراق بتجربة حديثة, هي تجربة الحكم الديموقراطي, ولكون الشعب متعدد المكونات, ومن أجل رضا الجميع, فقد تم الحكم عن طريق, ممثلين عن كل المكونات, ومن لم يتقنع بادئ الأمر, قد التحق آنفاً لتتكامل فسيفساء العراق.
تعرض العراق ونظام حكمه الحديث, تحت ضغوط إقليمية ودولية, لنكساتٍ تخللتها حروبٌ مفتعلة, لإسقاط ذلك النظام الغض, فدخل الفاشلون من الانتهازيين, ونخر جسده الفساد! فسح المجال لمن يرغب, بالعودة للحكم الدكتاتوري, لعدم تَحَملهِ أن يشاركه, جميع المكونات بالحكم, وتقديم الخدمة للوطن والمواطن, كونه مصدر القرار.
يتداول بعض أفراد الشعب العراقي, غبر وسائط التواصل الاجتماعي, ظاهرة مستحدثة للمقاطعة, قد تستعمل كتجربة, في انتخابات مجالس المحافظات, ولا يستبعد المروجين لها, في بعض المناطق الشعبية, التسبب بصدامات بين القوات الأمنية, سعيا من تلك المجاميع, بإثارة الفوضى والاخلال بالأمن يوم الانتخابات.
بعد أن تكلم بعض الساسة والمطلعين, على الشأن السياسي العراقي وتطوراته, عن أن الانتخابات المرتقبة يوم 18/12/2023, ليس من الممكن أن تُقام, بالنظر للمقاطعة من قبل التيار الصدري, للتقليل من شأنها, وأن الحكومة غير قادرة على إنجاحها, أملاً بإلغائها باعتبارها, مقامة من الأحزاب المشاركة بالحكومة, والمُنتَخبين هم من المنتمين لتلك الأحزاب.
عند فشل التظاهرات المسمات بثورة تشرين, وما تلتها من أحداث, ولوضوح شعور الإحباط, قد وصل أوجه, وحالة اليأس من إيقاف مسيرة التغيير, باتت ناجحة نحو كشف الفساد, وبدء تقديم الخدمات بكثافة, إن ما يغيض القائد, هو فشله بما خطط له, وبدلاً من النقاش للخطط, يتخذ العصا بدلاً من العقل, فهي الطريقة الوحيدة, التي عرفه الناس من خلالها.
ينقلُ شابٌ كان مسافراً لأحد المحافظات, دار حديثٌ بين المسافرين, عن جدوى الانتخابات ليتطرق أحدهم, عن عدم الاستقرار الأمني, وقد تحدث مصادماتٌ بين القوى الأمنية, تؤدي إلى وقوع ضحايا, ويكرر ذلك الشخص, أن مصادره أكيده ولكنه, أحجم عن ذكر الجهة التي تقوم بذلك؛ ليضغط آخر من المسافرين, بقوله كفى إشاعات, فأخرج جهازه النقال, من سماعة الأن الخاصة من حقيبته الصغيرة, ليبادر الشخص المنتقد بقوله” خذ اِسمع فلم آتي بشيء من جيبي” ليسود الصمت وتغير وجه المستمع للفيديو, ليكسر الوجوم شَخصٌ آخر, بقوله” يا خبر بفلوس بكره يصير ببلاش, فرد له من أذنه السماعة” عمي على كيفك, السخونة ليست من غريب, وقال آخر بسخرية” على ما أعتقد أن المسمار هذه المرة, سيكسر لوح السياسة” وكأنه عرف الجهة المروجة للحدث, الذي إن تم تطبيقه, فسيحصل ما لا تُحمَد عقباه.
عند مكان آخر التقيت بشابٍ, تم تعيينه حديثاً فسألته عن, دوامه فكان رده, نحمد الرحمن على ما حصلنا عليه, ولم يذهب تعبنا أدراج الرياح, كما ذهب لقدماء الخريجين, فمنهم من فاته قطار العُمر, ومنهم من قضى قتيلاً, في التظاهرات التشرينية, وهاجر بعضُ أصدقاءنا, للعمل خارج العراق, وعند الاتصال بهم, تكلموا لنا عن معاناتهم هناك, وصعوبة العيش والسكن في دار الغربة.
وسط أجواءٍ متشنجة سياسياً, وترقب شعبي سيأتي يوم الحسم الانتخابي, لنرى الإشاعة من الحقائق, فيديوهات التهديد تحت غطاء النصيحة, تمزيق بوسترات ووقفات احتجاجية, هل هي نصيحةٌ أم أنها طريقة, مستحدثة لطلاق حرية المواطن, يوجب عليه الرضوخ, لرأيٍ واحدٍ اختار هجرة الديموقراطية, ليفرض الدكتاتورية كيفما يريد؟
النصيحة تأتي باستمرار الناجح كي يبدع, فإن كانت هناك ثغرات, يبدأ الناصح بعمله, وكمثال فإن الإجبار, على ترك الدراسة لا يأتي بالخير, والنجاح أقرب للمكمل من الرسوب, والأعمال بنتائجها لتستمر الحياة, دون فرض الرسوب قبل ظهور النتائج, إحباط الهمم يعني عدم الثقة, بإيصال فكرة الخير.
النجاح الواضح للحكومة الحالية, يحتاج لدعم حقيقي, من أجل إكمال مسيرة التغيير, سعياً للإصلاح المكتمل, والقضاء على الفساد واستمرار الخدمة, فبعد كل المعاناة التي تحملها العراقيون, يستحق لشعبنا الاستقرار, لمواصلة النجاح, لا ردعه بحجة النصيحة, من رفض الانتخابات, ومنعه من استحقاقه.
القيام بحرق مقرات مكتب سياسي, أو إهانة شهداء العراق بتمزيق صورهم, ووضعها تحت القدام, إهانةٌ لمن يقوم بها, وكشفٌ لأفكاره التي لا تفيد العراق, بل لا تخلق إلا الضغينة والعداء, في بلدٍ بدأ النهوض والإعمار.