حديث الدول الكبرى عن ضرورة عودة مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل .. هو كلمة السر التي تكشف عن حجم الإنتصار السياسي والعسكري الذي حققته إسرائيل على إيران ، فمن كان يعطل مفاوضات الحل النهائي هي حماس ، واليوم بعد الضربات الإسرائيلية الساحقة لم يعد لحماس والجهاد أي وجود عسكري أو سياسي في غزة وأصبح الطريق ممهدا لتوقيع الإتفاق النهائي ، خصوصا في ظل العزلة للفلسطينيين واليأس الذي يعتريهم ، صاروا أكثروا واقعية للقبول بالممكن ، على العكس من ياسر عرفات الذي كان يهمه الحفاظ على صورة ( المناضل ) الوهمي الذي يناضل بالخطب العنترية ، وتهرب من الإلتفات الى مصلحة شعبه !
الدول الكبرى ليست ساذجة عندما تتكلم عن إحياء عملية السلام مالم تكن تشعر بوجود ظرف ملائم ، وإسرائيل سوف لن توقف إطلاق النار مالم تحصل على الثمن المتمثل في شطب وجود حماس والجهاد من على الخارطة وتصفيتهما ، وفسح المجال للسلطة الفلسطينية للإشراف على غزة وبسط سلطتها عليها ، وعندها ستتحرر القضية الفلسطينية من الأذرع الإيرانية ويستلم زمام الأمور التيار الواقعي الفلسطيني الذي سبق له الإعتراف بدولة إسرائيل .
لقد تعاملت إسرائيل عسكريا وسياسيا بمهارة مع الأزمة ، فالعقل الإسرائيلي يمتلك خزين متراكم من الخبرات في معالجة الأزمات، ونجحت في وقف إندفاعات الرئيس بايدن وسذاجته السياسية ووضعته امام خيار : إما مؤيدا للمحور الإيراني والإرهاب ، واما مؤيدا لإسرائيل في حربها ضد الإرهاب ، وعلى الأرجح كان حديث إسرائيل المكرر عن دعم بايدن لها في دفاعها عن النفس مقصودا لكشف مواقفه الى الرأي العام الأميركي والدولي ووضعه في زاوية لا يستطيع التراخي والتراجع ، ومؤكد تحركت الآلة السياسية والإعلامية في أوروبا وأميركا في تثبيت حقيقة ما يجري من انها حرب على الإرهاب الإيراني .
نجحت إسرائيل في إستثمار اللحظة .. والنجاح يليق بالأذكياء والمجتهدين وكوكبة الساسة والعسكريين الإسرائيليين المخلصين لوطنهم .