23 ديسمبر، 2024 4:01 ص

نسمع جعجعة ولم نرى طحين

نسمع جعجعة ولم نرى طحين

مثل جاهلي يضرب لكثير الصخب بلا فائدة .او يضرب للشخص الذي قوته الحديث من دون ان ينجز اي شي. إن التراثَ هو مزيجٌ من الفكر والقيم والمبادئ والتقاليد الأصيلة التي توارثها شعب أو تواترتها أمة، حتى أصبح تراثها مكوّنًا لبنائها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.. ولا يمكن احتسابه بمثابة انسلاخ عن الحاضر أو استلاب عقلي عن الواقع كما يعتقد البعض ، بل إن ممارسته وتعزيز حضوره في الثقافة يُعد تأكيدًا على قيم ومبادئ ثابتة، ساهمت في بناء وصقل بنية انسانه .

الشعوب أو الأمم الأكثر محافظةً على تراثها تجدُها الأحرص على الاستمرار في دفع الحاضر باتجاه المستقبل الزاهر.ولكن تتراكم الأحلام ..تحقق بعضها وتعجز على تحقيق اخرى ..يترسخ قليلها في الذاكرة بينما تذوب البقية مع الاستعصاء بعدما تدرك ان المطلب مستحيل .

البعض اليوم يعتقد أن العمل السياسي عبارة عن هرطقات، وأن من يحترفونه يخفون من وراءه عبارات مصالحهم الضيقة يسعون فقط لتحقيقها، ويهوون اللعب بالمصطلحات الغامضة و الفضفاضة. وكثيراً ما تبرز حالات ريع سياسي تؤكد بالملموس مثل تلك القناعات بل تكرسها.

ما يؤسف له منذ سقوط النظام السابق ونحن نسمع صرخات وجود الفساد ومكافحتة تزداد من الساسة كافة ولم نرى من تم محاسبته بشكل حقيقي يثلج الصدور وتفتح الافاق في محاربته و إن كان صوت الضعفاء الذي يسجن صرخات الأرواح التي تبقى مقيدة لا ترقى إلى حيث ما يجب أن تكون عليه اليوم، لتتفجر تلك الصدور التي هشت بتلك الوعود غداً، تلك الكلمات التي يتقنونها وعباراتهم المختارة بتمعن ودقة خاصة عندما يقترب موعد الانتخاب قد تشبّع بها هؤلاء و لا نستغرب هذا لأنه استقطاب واختيار مؤقت بعيد عن الصدق ، وان الانقسام ممهد في هذا المجتمع بعدها، وإن الأمر مرشح للأسوء الذي سيحدث في المستقبل وهو الذي يفشل التعايش خلال السنوات القادمة وسيعمل لينتصر على الآخر ( لو دمي لو لكمة تمت ) كما يقول المثل الشعبي حباً بالمناصب والشعب ( يروح فدوه ).

مكافحة الفساد مهمة وطنية كبرى يجب ان تبرز لها جميع طاقات السلطات ( تنفيذية وتشريعية وقضائية ) وعلماء ومثقفين وفنانين ومجتمع مدني ونساء وشباب من كل طبقاته وعدم التهرب من المسؤولية لان قضاياه اصبحت تؤرق وتجعل الفاسدين يزدادون عبثاً بمصالحه المادية والبشرية وأي تأخير في البث بقضاياهم والتقصير في محاسبة الفاسدين ومحاربتهم سيكون على حساب المواطن والوطن والسكوت عنه هو خراب ديني وأخلاقي مادي ومالي وأمره مردود سيئ على المجتمع وليس لقلقة لسان وتغامز بالعين.

على السياسي اذا كان يسمى سياسي أن يكون لديه مقياس لمشاعر وقيم الولاء والانتماء وعناصر ومكونات أساسية تكتمل حتى تتحقق المواطنة الصالحة ، والقيم العامة ومعرفة الفرق بين الهوية الوطنية ومشاعر اعتزاز دائماً يفتخر بأمجاده المشهودة، ويعتز بمقدساته، وبتاريخه المضيء، ويتحقق ذلك في جميع المناسبات، وفي كل زمان ومكان ، يزداد معناها في الحياة وكل ما نحتاجه هو العمل المخلص الفعلي، واذا ما حسمنا امرنا باتجاه التخلص من حب الذات على حساب المصلحة العليا والتوجه الى الاخلاص في كل شيء، سياسيين ومثقفين ومسؤولين بأصدق وأجمل الحروف التي تعبر عن الافتخار والاعتزاز بالانتماء له ، ومطابقة للواقع، وتبين أفعال القادة الأبطال التي يتصف بها الأفذاذ الذين اتخذوا من كتاب الله ودينه الحنيف دستوراً للحياة فعملوا به . لأن المواطنة عبارة عن السلوكيات التي تثبت من خلال ممارسة هويته المجتمعية الحقيقية لا الكاذبة ، وما ينعم به كل مواطن داخل البلد وخارجه من الرخاء ومسيرة البناء التي تشمل كافة مناحي الحياة تطوراً وتقدماً وإنجازاً والواقع أن تنامي الشعور الوطني هو قوة يجب أن يتم التمسك بها و العبرة ليست في من يفصّل الثوب الجديد، ولكن العبرة في من يلبسه، فهل يلبسه بطريقة صحيحة، أم يلبسه بطريقة خاطئة، وحتى دون أن ينظف جسمه من الأدران، اما يشوه الملبس ويضعف هندامه او يجعله مقبولاً بحسن الهيبة ، وهذا مُجرد مثال في تحجيم عمل ما.

ايها السادة يبقى الجسد، هيكلاً رخاميّاً بارداً ما لم يمتلئ بالمشاعر الوطنية، ومواقف العزةّ، عندها يصبح لوجوده معنىً. وما عدا ذلك هو ثرثرة .فكفاكم تقصيرا وتهميشا وقرقعة والمطلوب منكم ان تخرجوا من خلف مكاتبكم إلى الميدان بين الناس لتلمس حاجاتهم وليس مخاطبتهم من خلال الشاشات والإعلام والكاميرات المؤجرة فقط، ولا تعاملوا الناس كمتسولين أمام مكاتب مؤسسات الدولة لان كرامة الشعب فوق كرامتكم بل هم أصحاب حق مشروع والذي يرعى مقدرات الوطن والمواطن، يحرص على أن تكون أبوابه مفتوحة للجميع ويطلب من كل المسؤولين أن يقوموا بمسؤولياتهم بكل أمانة وإخلاص وتعزيز الشعور بشرف الانتماء إلى الوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للعمل من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته و الاخلاص العملي في البناء والاحساس بالمسؤولية و حب الوطن انتماء فريد وإحساس راق وتضحية شريفة ووفاء كريم،.

ان تمسك الساسة الحاليون بالطائفية المقيتة بطرز جديد و التي دمرت مقدرات العراق وحولت الشعب الغني بكل شيئ من انواع الطاقة والزراعة والمياه ومقومات الحضارة والتاريخ ويعتز بالأرض وخيراته لكن تحول إلى شعب يعانى الامر ثم الامر ، الوطن لازال يواجه العديد من التحديات في ظل عالم متغير يتطلب فيه تظافر جميع جهود الأطراف المعنية لمواجهة تلك التحديات، فضلا عن الإرهاب والفساد، والفاسدون نهبوا ثروات الشعب، ولم تنتج سياسات الحكومات السابقة الطائفية سوى الفقر والموت، والإرهاب التهم الكل دون استثناء ، ويلعب اليأس المجتمعيّ دوراً كبيراً في ضياع الإتقان والإخلاص، وعلاج هذا المسبب يقع أولاً وأخيراً على الحكومات المتعاقبة التي أفقدت الشعب ثقتهم فيها، وفقدان ابناء الشعب ثقتهم في حكوماتهم وفي أي محاولة جادة للإصلاح يفقدهم الأمل في المستقبل المشرق، وبالتالي يضيع الإخلاص في العمل، بسبب يقينهم بعدم جدوى أي محاولة مهما كانت. لذا فقد وجب عليها تقديم كافة الحوافز الممكنة من أجل استنهاض العاملين، واستخراج أفضل ما لديهم لا أسوأه،
الانسان المخلص يتخلى عن الانانية والرؤية الضيقة والنرجسية ويتحرك بنقاء بالمشاركة مع الآخرين لتحقيق التغيير، عكس الانسان غير المخلص في العمل الذي يستاثر بالمكتسبات واقصاء الآخرين ويتسلط عليهم من خلال بروز النزعات الانانية والذاتية، وجوهر التغيير الصادق والفعال يمر عبر مسيرة الاخلاص و وجود هذه الصفة في أي ميدان تكون سبب للتقدم والنجاح في ذلك المجتمع.