23 ديسمبر، 2024 11:02 ص

فلنعترف أن مجتمعنا مثل أي مجتمع عربي شرقي ، يعد المرأة مواطنا من الدرجة الثانية ، لما تعيشه من تبعية للرجل واضطهاد ونظرة دونية ، ونكران لوجودها الإنساني وكرامتها ، واعتبارها وعاء للجنس والإنجاب والتربية، إضافة إلى مهمتها في الاهتمام بشؤون البيت ورعاية الرجل والأسرة ، وغياب القوانين والأنظمة التي تحميها من العنف الأسري ومن مصادرة حقوقها في الحرية والتملك والاستقلال إذا ما أجبرتها الظروف القاهرة . لكن ما أصاب مجتمعنا من أضرار نتيجة الحروب العبثية التي شنها النظام السابق وما جرى بعد الاحتلال من خراب البلد ، وما لحقها من أحداث طائفية ، تسببت بالقتل والدمار،والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ، وقع الجزء الأكبر من عبئها على كاهل المرأة ، كانت نتيجتها ملايين الأرامل والأيتام والعوانس والمطلقات. حتى أصبحت المرأة _ النصف الثاني الأكثر رحمة ونبلا والأجمل_ مهمشة ومعطلة عن أداء مهامها وأنشطتها ودورها في المجتمع . ولم تجد من الحكومة الحلول الناجعة بل حلولا كسيحة تتمثل براتب الرعاية الاجتماعية الضئيل الذي لا يسد رمقها إلا بضعة أيام ، خاصة للأرمل إذا كان لديها أطفال .

 ظاهرة المرأة المهمشة أصبحت واقعا صادما ينذر بخطر فادح يهدد مجتمعنا ويتوعد بانهياره . لذا توجب على الدولة سن القوانين اللازمة التي تحمي كيانها وعلى الحكومة ومؤسساتها المعنية ومنظمات المجتمع المدني رعايتها وإعادة تأهيلها وبالنسبة للأرمل الاهتمام بأبنائها لتتخذ موقعها الحقيقي في منظومة المجتمع وتفعيل قدراتها على المساهمة في النهوض بهيكليته والمساعدة على إصلاح البني التحتية للبلد . ومن اجل النهوض بواقع المرأة التي أصابها التهميش يجب توفير لها الظروف الكريمة بمنحها راتبا مجزيا وتوفير السكن وإتاحة فرصة عمل استثنائية لا تخضع للشهادة وانتظار التعيين والوقوع بين يدي المرتشين والطامعين بها ،وتمكين من لديها الرغبة بمواصلة دراستها من الدرس وتعيين عدد كاف من مقاعد خاصة لها لا تخضع للمنافسة للحصول عليها . كما يجب تقديم الإغراءات يحفز لزواج منها من الرجال كزوجة ثانية ومن الشباب الذين لم يسبق لهم الزواج وبعض هذه الإغراءات أن تكون مكافأة من يتقدم للزواج منها راتبا يعيلها وأولادها فلا يفرط بهما من يتزوجها وسكنا لائقا .كما على الدولة والحكومة رعاية يتامى الأرملة باحتضانهم وتعليمهم والبذل على تربيتهم ليصبحوا مواطنين صالحين في المستقبل .وكما أسلفنا إن ملايين الأرامل والعوانس والمطلقات ضحايا الحروب والاحتلال والأحداث الطائفية ولا ذنب لهن في ما وصلن أليه من أوضاع مزرية ألمت بهن وان غياب الحلول المناسبة التي تكفل إعادتهن إلى الحظيرة المجتمعية والإنسانية ينبئ بعواقب وخيمة وأضرار فادحة تهدد بلدنا ومجتمعنا وتعطل توجهه نحو البناء والتقدم والرقي .