23 ديسمبر، 2024 3:09 م

اغلبنا نشأ في مجتمعات مغلقة واتحدث عن العراقيين بشكل خاص..فمهما كان مستوى العائلة الثقافي والحضاري سيبقى الاختلاط بين الجنسين من الامور الخاضعة للرقابة فعليا.
نسبة كبيرة من شباننا وفتياتنا عرفوا الجنس الآخر واحتكوا به لأول مرة عند دخولهم الجامعة.
وبالرغم مما يذهب اليه البعض في من ذم او تبجيل هذه النوع من التربية فأن لها محاسنها ومساوئها المتوازية ، بمعنى اخر هي سلاح ذو حدين.
فمن محاسنها الحفاظ على المراهقين من ارتكاب الحماقات التي قد تكون غير قابلة للتصليح .
بإعتبارهم اشخاص يفتقرون الى الدراية والنضج وتقدير عواقب الامور…وكذلك الحفاظ على تعاليم ديننا الإسلامي الذي اوصى بتحديد الأختلاط والتي يذهب الافراد الى تفسيرها كل كما يبتغي…فقد يصل الأمر الى درجة  ان الشاب يلمح طرف ثوب شقيقته فقط….بل حتى والدها قد لا يراها الا في يوم ولادتها ويوم زفافها او وفاتها ربما…….
ولكن من ناحية اخرى..كان للعزل ومنع الاختلاط جوانب سلبية اكثر خطورة …حيث قمنا بتفعيل المثل القائل ….كل ممنوع مرغوب…..فنشأت لدينا اجيال واقول هنا اجيال بدافع الجمع لا التعميم….جاهلة بكيفية التعامل بين الجنسين ..
لايدركون من العلاقات الاجتماعية بين الاجناس المختلفة الا التجاذب الجسدي والغرائز الحيوانية…..فليس للصداقة او الأخوة او الزمالة في محيط العمل وجود في اذهانهم….ونلاحظ هذا جليا
في العلاقات العاطفية الفاشلة التي يتكالب عليها معظم شبابنا في المرحلة الاولى من الجامعة…
وتطور الامر ليشمل مجالات اخرى من الاختلاط الغير مشروط….فحين دخل الى مجتمعنا اختراع الفيس بوك تفتحت افاق جديدة من العلاقات البدائية بين الجنسين…… فأصبح اي اسم نسائي مشروع لحب واعد بالنسبة للشبان…ونراهم يتهافتون ويتراكضون خلف صورة…قد تكون “لعين” واحدة…”شعر” فقط او حتى “اظفر”…. فهم يندفعون بهمة الصياد المجد الباحث عن فريسة تحت وطأة عقود من الكبت والحرمان..متجاهلين تماما كل المعلومات الثقافية والاجتماعية التي اصبح بمقدورهم الاطلاع عليها بفضل هذه التقنية المعلوماتية المميزة.
ولا استثني الشابات من هذا النقاش فهن يتفنن في وضع صورهن او صور فنانات مغمورات بقصد جذب الانتباه….وكأن الدور الوحيد الذي تستحقه الفتاة
في الكون هو ان تكون محط اعجاب رجل ما.
بإختصار شديد….تحول ماكان من المفترض ان يكون واحة لتبادل الثقافة والخبرات الحياتية الى ناد للتعارف والغزل.
بعض النساء  فضلن الابتعاد عن المشكلة من اساسها وذلك برفض صداقة الغرباء…درءا لتبعات الاختلاط مع الاشخاص الخطأ وقد نال هذا التصرف بالطبع رضا ومباركة الاباء والاخوة والازواج.. ولكني لا اوافقهن الرأي واقول ان الهروب من المشكلة لايعني حلها….. فعوضا عن ان نحيط بناتنا بألاف الاسوار المنيعة علينا مواجهة هذه الخبرات الاجتماعية المتدنية ومحاربة هذا التيار الفكري المتخلف الذي ينظر للمرأة على انها زهرة او فراشة تزين حديقة الحياة ، المرأة كائن يمتلك عقلا لايقل رجاحة عن عقل الرجل وبإمكانها ان تكون ايقونة للعلم والثقافة وتناظر اخيها في اصعب النقاشات.
واعتقد ان اصعب مهمة نواجهها هنا هي محاولة اقناع المرأة “نفسها”  بقيمتها في المجتمع ودورها الفاعل في الحياة كي تتخلى ولو قليلا عن ايقونة هيفاء بنت وهبي التي تسعى الى تقليدها.
عزيزتي حواء…….لست سلعة في محل حلويات يتفنن البائع في عرضها كي تجد المشتري الملائم.
عزيزي آدم……لسنا صور جميلة وبروفايلات .. نحن عوالم مجهولة من الفكر تستحق الاكتشاف.