خديجة: أتزوجتِ يتيم أبي طالب فقير بلا مال؟!
تجارتها تفوق تجارة قريش مجتمعة، وذكاء حاد، وشخصية قوية، لقبت قبل الإسلام بالطاهرة والصادقة، لعبت دوراً في حياة الدين الإسلامي ومنذ ساعاته الأولى، فقد كان عندها نبأ زوجها نبي هذه الأمة، عن طريق إبن عمها ورقة بن نوفل، الذي كان عالماً حبراً، موضحاً لها قداسة المرأة، التي ستكون زوجة خاتم الأنبياء والمرسلين، وما ستلاقي من الظلم والإجحاف، فآمنت، وتحملت، وصبرت، وواست، وضحت، فكانت مصداقاً لقول زوجها الصادق الأمين:(خير نساء العالمين أربع: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة).
مَنْ هو الخاطب؟ ومَنْ هي المخطوبة؟ أهل قريش يسألون أعمام النبي محمد،(صلواته تعالى عليه وعلى آله)، فأجابهم أبو طالب(عليه السلام):(الخاطب إبن أخي محمد، والمخطوبة بنت خويلد خديجة)،فقيل:(والله ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أفضل من محمد)،فجاء النداء من السماء: (زوج الطاهرة من الطاهر) ولإنها من النساء المختارا،ت إصطفاها الباريء عز وجل، لتكون كما قال عنها النبي:(لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذّبني الناس، ورُزِقتُ منها الوِلد حيث حرمتموه).
مرَّ عالم حبر على سيدة مكة خديجة 0رضوانه تعالى عليها)، كما كانت تسمى لأخلاقها العظيمة، وشرفها، وعفتها، وجمالها، وحسبها، ونسبها الذي تلتقي فيه مع محمد بن عبد الله، في الجد السابع (قصي)، وما ستؤول إليه حياتها بالزواج، من المبعوث الخاتم والصادق الأمين، والموجودة صفاته في التوراة، حيث قال لها: (سيتزوج نبي آخر الزمان، من قريش سيدة قومها)، وأشار بيده إليها ثم قال: إحفظي ما أقول لك يا خديجة:(إجتهدي أن لا يفوتك محمداً، فهو الشرف في الدنيا والآخرة).
السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، وأول زوجات النبي محمد،(صلواته تعالى عليه وعلى آله)، وأول مَنْ صلّت خلفه، ولم يتزوج عليها في حياتها، وأنجبت له كوكباً درياً إسمه فاطمة، فإنبق منها إحدى عشرة عيناً علوية، هم بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومنبع الولاية والإمامة، وعندما رحلت خديجة لبارئها، نزل جبرئيل وقال لفاطمة (عليهما السلام):(ربكِ يقرؤكِ السلام، وإن أمكِ في بيت من قصب كعابه من ذهب وأعمدته من ياقوت أحمر)فقالت:(إن الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام).
قريش عابت على سيدة مكة، الزواج من الفقير(محمد)يتيم أبي طالب،عمه الذي كفله ورباه في بيته، وهجرنَها بعد أن وهبت كل مالها، في سبيل الدعوة الإسلامية آنذاك، حتى قال النبي:(ما إستقام دين محمد، إلا بمال خديجة وسيف علي)، فكانت تمنح المال للفقراء المسلمين، وواجهت كل ذلك البلاء من قريش، حتى حانت ساعتها بسبب مالاقته من ظلم، وألم في حصار شِعب أبي طالب، ففارقت الحياة جراء المرض، وسمي العام بعام الحزن، حيث فقد الكفيل والسند بوقت واحد.
عاصرت السيدة الفاضلة خديجة(رضوانه تعالى عليها)،حياة الإمام علي (عليه السلام)، مُذ كان فتى قدم نفسه فداءً ليلة المنام، بدلاً عن نبي الرحمة (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، لكنها كثيراً ما كانت تتألم لحالة إبنتها الصغيرة، وما ستلاقيه يوم الباب حزناً ووجعاً وظلماً، من الأمة بعد رحيل أبيها، لذا لاعجب أن حضرت مع إبنتها الزهراء، عصر يوم أحمر في كربلاء، لتواسي حفيدتها الحوراء، بمصرع أخيها الحسين(عليه السلام)، فسلام عليكِ يوم ولدتْ، ويوم إُستشهدتْ، ويوم تبعث حية.