18 ديسمبر، 2024 5:52 م

نساء خارج الظل

نساء خارج الظل

خاض العالم حروباً كثيرة لإثبات سيطرة أو هيمنة رؤية واحدة أو فكرة واحدة وأثبت التاريخ فشلها جميعاً، فلا أحد يستطيع فرض وجهة نظر واحدة أو جعل جميع البشر يسيرون في نفس الاتجاه، لأنه ببساطةٍ شديدة أمر معاكس لقوانين الطبيعة التي تعاقب بطريقتها كل من يحاول كسرها، فالحياة وجدت لتعطي درساً مفتوحاً على مد البصر في الإختلاف والتنوع في كل شيء، حيث الجمال والثقافة والأفكار والآلام والمشاعر والأذواق والمعاني تختلف من بلد لآخر ومن ثقافة لأخرى، وهذا بحد ذاته مفهوم جميل وممتع يجعلنا في حالة انبهار وتفاجأ دائم ويعطينا رسالةً مفادها بأن هناك الكثير الذي علينا أن نعرفه وأن نطور معلوماتنا تجاهه، مما قد يأخذنا لدربٍ مختلف قد يغير نظرتنا وحياتنا كلياً، ولأن كل شخص أو كل فئة أو مؤسسة إعلامية تقدم رؤيتها والتي قد لا تكون دقيقة بالضرورة، وبرغم قرب السودان نسبياً من الناحية الجغرافية إلا أن ثقافته غير مكتشفة بالقدر الكافي لكن الفكر والثقافة والحقيقة لا حدود لهم أبداً..

فاعتدنا على صورةٍ نمطية للحياة في افريقيا، تفصل عادةً بين دول شمال إفريقيا وهي مصر والدول المغاربية وبين باقي الدول الإفريقية التي تعيش أوضاعاً اقتصادية وسياسية وإنسانية بالغة الصعوبة تدفع الكثيرين منهم إلى المخاطرة والهجرة بطريقة غير شرعية في أغلب الأحيان، لكن كم مرة تحدث الإعلام عن مواطن الجمال وعن الإرث الثقافي والفلكلور الغني في افريقيا؟ وكم مرة تحدثنا عن المشاعر العادية لسكان هذه الدول كأي دول أخرى؟
فهناك الكثير من الحكايات الجميلة في هذه القارة الرائعة واخترت أن نحكي اليوم عن قصصٍ قصيرة وأحلامٍ بسيطة لسيدات من مناطق مختلفة في السودان، وهو بلدٌ كبير يحتوي على العديد من الثقافات والتنوع والفلكلور والتقاليد المميزة ولكلٍ منهن شخصية فريدة..

فالسودان بلدٌ مهم ليس فقط بسبب ثرواته الطبيعية لكن بسبب تاريخه العريق وموقعه الهام فهو بوابة افريقيا إلى الدول العربية، وكان يشكل مع مصر وحدةً واحدة ويتواجد به عدد كبير من الأهرامات يزيد عن عددها في مصر، كما توجد به الكثير من الآثار والتنوع العرقي والثقافي بين القبائل ولكل منها ثقافتها، ومما لا شك فيه أن صعوبة الأوضاع الحالية هناك تؤثر على الجميع لكن كفاح المرأة السودانية يستحق التقدير والاحترام..
فلا يزال السودانيون رغم ظروفهم يتمتعون بالطيبة واللطف والميل الفطري للترحاب والضيافة، كما أن المرأة السودانية تتمتع بالخجل والرقة والمرح رغم مشقة الحياة، ففي الصور التي نراها هناك العديد من القصص، أحدها لإمرأة تقطع مسافاتٍ طويلة بدلوٍ كبير فارغ لكي تملأه بالماء وتعود به إلى عائلتها بسبب شح إمدادات المياه والكهرباء في طقسٍ شديد الحرارة، كما تتواجد العديد من النساء اللواتي تعملن كبائعاتٍ في الأسواق الشعبية، إلى جانب بائعاتٍ متجولات يقمن بإعداد الشاي والمقرمشات للمارة، وتتعامل كل منهن مع واقعهن بحالةٍ من القناعة والسلام والتضحية لأجل أبنائهن وعائلاتهن أملاً في حياة ٍ أفضل لهم، ولم تستطع هذه الظروف أن تمنعهن من الضحك أو ممارسة النشاطات الإجتماعية وزيارة الأصدقاء ودور العبادة والتمسك بالعادات والأزياء التقليدية ومحاولة الإطلاع أيضاً على كل ما هو جديد، وتوثيق تراثهم وثقافتهم من خلال الكتابة والتصوير الفوتوغرافي لإبراز هويتهم بتنوعها وتميزها واختلافها بين المجتمعات القبائلية والريفية ومجتمعات المدينة أيضاً..
ويشهد الشباب والشابات في السودان حالةً من التقدم ومواكبة التطور والتواصل مع بقية الدول العربية خاصة عبر مواقع التواصل الإجتماعي وابتكار أفكار جديدة سعياً إلى ولادةٍ جديدة للسودان تأخذه نحو الأفضل..