باركَ اللهُ بأمهاتِ الشهداءِ ، والمقاتلينَ المؤمنينَ المرابطينَ على كافةِ جبهاتِ القتالِ ؛ لحمايةِ أرضِ الإسلامِ ، وإعلاءُ كلمةٍ لا إلهَ إلا اللهُ ، خفاقةً في عنانِ السماءِ ، وبشرَ الصابرونَ بصبرهمْ ، والخزيُ ، والعارُ ، للظالمينَ المجرمينَ .
أيها القارئُ اللبيبُ ، تمهلَ ولوْ للحظةٍ ؛ لأني عهدتْ بكَ الدقةُ ، والوعيُ الفطنُ عندما نذكرُ أمهاتُ الحقِ ، بسيرتهنَ العطرة الفواحةِ ، اللواتي ولدنَ وأنجبنَ شهداء هذهِ الأمةِ ، ضمنَ تاريخها الطويلِ ، فلا بدَ لنا أنْ نقفَ بتحيةِ إجلالٍ ، واحترام ، وعرفان ، لتلكَ الأسرِ الطيبةِ الطاهرةِ ، ضمنَ مراحلِ تأريخها الخالدِ لهذهِ الأمةِ ، الذينَ سطروا أبناؤها الملامحَ الأسطوريةَ ، في التضحيةِ ، والفداءُ .
فسلاما على الشهداءِ كلَ السلامِ ، وعلى أمهاتهمْ ، وآبائهمْ ، وذويهمْ ، في الأرضِ وما رحبتْ ؛ لأنهمْ النقطةُ المضيئةُ ، والمشرقةَ لهذهِ الأمةِ ، كقولهِ تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ ، هؤلاءِ همْ أبناؤنا ، وعزوتنا ، وتلكَ هيَ نساؤنا ، وأخواتنا، وبناتنا.
يا قارئُ مقالي ، قفْ ؛ لتشاركني ، وتنشدَ ، وتكبرَ ، إلى عنانِ السماءِ ، بربكَ هلْ هناكَ أعزَ منْ الشهداءِ ، والصديقينَ ، والصالحينَ ، الذينَ صدقوا ما عاهدوا اللهُ عليهِ ؟ ماذا أقولُ ؟ ومنْ أينَ أبدأُ ؟ عندما أخوضُ بهذا الجوِ الروحانيِ ، والنورُ الربانيُ ، نورا على نورٍ ، وأتكلمُ عنْ تلكَ النفوسِ الطاهرةِ الزكية، منْ أصحابِ أهلَ الحقِ ، فقلميْ يكاد أنْ يصرخَ ويلْ للعربِ منْ حادثةِ الحسينْ ( ع ) ، وكأني أرى زينبْ العقيلةِ ( ع ) ، وهيَ تطمسُ بيزيدْ ورجالهُ أمام الْمَلَإِ! وتخسفُ بهمْ الأرضُ ! وكلمتها الثائرةُ المدويةُ ( افعلْ ما أنتَ فاعلٌ واللهُ لا تستطيعُ محو ذكرنا ) وها هنا تقفُ الماجدةَ العراقيةَ منْ أصحابِ أهلَ الحقِ وهيَ تقولُ يا مولاتي لا تحزنينَ ، لا يستطيعونَ محوٌ ذكرنا ؛ لأننا أمةُ مكانها الخلودِ ، وبئسَ للظالمينَ ، والمشركينَ ، والمنافقينَ مكانا ، وربما عتبٌ شديدٌ يصدرُ هنا وهناكَ ، ويقولَ يا كاتبُ المقالِ هونَ عليكَ بالمغالاة ،والرفق بقارئكَ في كافةِ انتمائيتهْ ، وأقولها إذْ ذكروا أصحابُ أهلَ الحقِ ، برجالهمْ ، وقياداتهمْ فالكلَ يصمتُ ، يرحمكمْ اللهُ ، ولوْ سألتُ لماذا المغالاةُ بأهلِ الحقِ ؟ فأقولُ بكلِ فخرٍ واعتزازٍ ، همْ رجالُ اللهِ في أرضهِ ، فهلْ أعلى منْ هذا المكانِ مكانا منْ خاصتهَ وأحبائهِ ، فليعلم المشركونَ أيَ منقلبٍ سوفَ ينقلبونَ.
يا أرض الرافدينْ حقا لكَ أنْ تفتخريَ في كلِ وقتٍ وحين ؛ لأنكَ أرضُ طيبةَ لا تنبتُ إلا كلٌ طيبٌ ، واللهُ أكبرُ أيها القارئُ الكريمُ كلَ ما تذكرتْ أهلَ الحقِ يقشعرُ بدنيٌ ، وتغمرني الفرحةُ وتغرفُ عينايَ دمعا لا لشيءٍ ، لكوني أتذكر تلكَ العوائلِ الطاهرةِ التي أنجبتْ كذا رجالاً للأمةِ .
منْ أينَ أبدأُ ؟ ومنْ أينَ انتهى ؟ وكانَ رحمهُ اللهُ هبطتْ على الجميعِ ، بفضلِ هؤلاءِ الشهداءِ ، لأنهمْ أوتادُ اللهِ في أرضهِ ، فهلْ معقولٌ ما قيلَ ويقال وما حصلَ ؟ نعمْ هذهِ حقيقةٌ بنيَ آدمْ المؤمنونَ يفعلونَ ذلكَ وأكثر ؛ لكونِ ربنا يتفاخرُ بهمْ فيما عندهُ في الْمَلَإِ الأعلى ، فهلموا أنَ نقلَ سلاما سلاما على الصابرينَ المحتسبينَ الذينَ ضحوا بالغالي ، والنفيسَ ، الصادقينَ بما عاهدوا اللهُ بقلوبٍ سليمةٍ .
يا أهلَ الحقِ بكلِ تكويناتهمْ أسرا كانوا ، أمْ رجالاً ، وحتى أطفالٌ ، باركَ اللهُ فيكمْ ؛ لأنكمْ محطاتٌ مضيئةٌ مستمرةٌ ، في أمةِ محمدْ ( ص ) وأيتها الأمّ العزيزةِ الفاطميةِ الطاهرةِ صبرا فصبرا جميلاً ، تذكري زينبْ العقيلةَ في كربلاءَ ، وصوتَ الحسينْ يدوي في المعركةِ ، وهوَ يقولُ ، ويرتجزْ ، هيهاتَ منا الذلةُ ، وسلاما وسلاما على إيمانِ المؤمنةِ منْ أصحابِ أهلَ الحقِ ، وتلكَ الفاضلةِ ، رمزٌ للمرأةِ الحسينيةِ ، منْ أصحابِ أهلَ الحقِ ، ومبدأ أهلِ الحقِ ، كما قالَ تعالى ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.