20 ديسمبر، 2024 12:03 ص

نزّه نفسك عن السباب واللعن..فالسبّ واللعن لا يُقدّم ولا يُؤخّر

نزّه نفسك عن السباب واللعن..فالسبّ واللعن لا يُقدّم ولا يُؤخّر

إنَّ من الأساليب التي استخَدمها القرآن الكريم من أجْل إقامة الحُجَّة على العباد، والدَّلالة على وحدانيَّته تعالى، وعلى صِدْق ما جاء به المرسلون من رسالات، وبلَّغوا به دينَ الله في الأرض، هو النقاش، أو ما يُسمَّى بالحوار القرآني، الذي يتوصَّل به المرسلون إلى إيصال الحقّ, وبهذا نرى أن القرآن استعمَله لإظهار الحق على الخَلْق، وهو من أحكم الأساليب التي تُقنع العقول بعد إقامة الحُجة عليها، فترضَخ القلوب. 
إن اتّباع الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام , هو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء ، أو هوى الجمهور ، أو الاتّْباع, والعاقل الصادق – فضلًا عن المسلم – طالبُ حقٍّ ، باحثٌ عن الحقيقة ، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ . يقول أحد العلماء: ( ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان ، وتكون عليه رعاية الله وحفظه , وما ناظرني فبالَيْتُ ! أَظَهَرَتِ الحجّةُ على لسانه أو لساني ) . 
وبذلك تجد أنّ هذهِ هي أساليب العلماء الصالحين الذين يطبقون آداب القرآن ومن اُنزل عليه وهو رسول الله (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم ) وأهل بيته ( عليهم السلام) في النقاش العلمي الأخلاقي المثمر حتى يصلوا إلى إعلاء كلمة الحق ودحض كلمة الباطل. وفي زماننا هذا تجد العالم الجهبذ والمحقق الكبير المرجع العراقي الصرخي الحسني لهُ بصمةٌ رائعة في النقاش العلمي؛ حيث قال في محاضرته الثامنة من بحث ” السيستاني ما قبل المهد الى ما بعد اللحد” (( نزّه نفسك عن السباب واللعن، وشخّص الحالات واذكرها، واذكر ما تعتقد به، وقل ما تفهمه، فالسبّ واللعن لا يقدّم ولا يؤخر، وإذا أردت البراءة فبقلبك وفي فكرك وعملك وأخلاقك، ولا تنجرّ وراء الطائفيين والتكفيريين والجهلة والمجرمين .)) 
بعكس علماء السوء فإنهم يُبالغون في التعصّب للباطل ، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار. 
إنّ الهدف من كلّ ما تقدم أن يكون الحوار بريئًا من التعصّب خالصًا لطلب الحق ، خاليًا من العنف والانفعال والكذب والافتراء، بعيدًا عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانيّة ، مما يفسد القلوب ، ويهيج النفوس ، ويُولد النَّفرة ، ويُوغر الصدور ، وينتهي إلى القطيعة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات