23 ديسمبر، 2024 1:12 ص

نزاهة الانتخابات مسؤولية الجميع

نزاهة الانتخابات مسؤولية الجميع

الانتخابات ركيزة مهمة من ركائز الديمقراطيه في اي بلد من البلدان وهي اهم وسائل التداول السلمي للسلطه …. فلذلك تأخذ حيز مهم في مراقبتها لتكن مقبولة لدى جميع الاطراف بنزاهتها وقبول نتائجها , فدائماً ما تسمع بعدم النزاهة في الانتخابات والطعن فيها وعدم قبولها من أغلب الاطراف فقد يكون الطعن من قبل الفائز و الخاسر على حد سواء و هذا مانراه جلياً في كثير من البلدان العربية التي تجري فيها الانتخابات فهي حديثة العهد بالديمقراطيه وتتجاوزأعداد الطعون الانتخابية الالاف سواء من الخاسر أو الفائز كما نراها في الانتخابات العراقية بينما لاتجد اي طعون تذكر او شكاوي في الانتخابات الهندية التي يتجاوز عدد الناخبين سبعمائة مليون !!! واعتقد لاغرابة في ذلك في مثل بلاد تحبوا الى الديمقراطيه و تتعثر احياناً عن البلدان التي ترسخت فيها الديمقراطية لعقود من السنين .
وهنا اريد ان اركز على موضوع نزاهة هذه الانتخابات في عموم البلدان حيث ان نزاهتها لاتقع على مسؤولية جهة واحدة فقط بل عدة جهات وقد تكون المسؤولية متفاوتة بينها . وتختلف من دولة الى اخرى علماً بأن اغلب الطاعنين بنزاهتها يتهمون القائمين عليها سواء مفوضية مستقلة او هيئات حكومية تكلف بعملية الانتخابات وقد تقل او تزداد هذه الشكوك او الطعون في نزاهة الانتخابات بكثرة ممارستها وعمق الثقافة الديمقراطيه و تغلغلها في جميع شرائح المجتمع , سواء نخب سياسية او ثقافيه او مواطنون و كذلك تعتمد على حداثه التحول الديمقراطي الذي يفتقر الى حزمه من القوانين اهمها ( قانون الاحزاب … قانون انتخابات ( مفصل ) … قانون وسائل الاعلام …. الخ ) فالمرحلة الانتقالية هي اصعب مراحل تمر بها الشعوب للتحول الديمقراطي .
أود أن أقول من كل ماذكر أنفاً أن مسؤولية نزاهة الانتخابات مسؤولية تضامنيه تقع على عاتق الجميع سواء كان ناخب او مرشح … كيان سياسي او مستقل … منظمات محلية او دولية .. وسواء من يقوم بالانتخابات ويشرف عليها جهة مستقلة او جهة حكومية … الخ و هذه الادوار والمسؤولية تختلف بأختلاف البلدان و القوانيين و الثقافات وممكن توزيع هذه المسؤولية الى الجهات التالية :-
1- السلطة التشريعية : فهي الجهة الاولى المسؤولة عن صياغة القوانيين الانتخابية وجميع القوانيين المكملة والمتعلقة بها . وعندما تكتمل المنظومة القانونية بدون ثغرات و بروئّ ثاقبه سيكون لها دور كبير في تحجيم الخلل ونزاهة هذه العملية . وسأذكر مثال :- فقانون الانتخابي ألاسترالي يحتوي على 522 صفحة فيه كل تفاصيل العملية الانتخابية بحيث لايترك اي ثغرة او لايدع الجهة المنفذة ( مفوضية الانتخابات الاسترالية ) بأن تفسر او تؤول اي فقرة من فقرات هذا القانون المفصل بينما قانون الانتخابات العراقي لم يتجاوز 20 صفحة و قانون الانتخابات الجزائري لم يصل الى 30 صفحة …. فهذا مايدعو الجهات المنفذة الى اصدار انظمة مكملة ومفسرة لهذه القوانين المختصرة والمقتضية لاكمال العملية الانتخابية . فهنا يقع على عاتق السلطة التشريعية مسؤولية أكتمال المنظومة القانونية للأنتخابات .
2- الجهة المنفذة والمشرفة على الانتخابات سواء كانت هيئة مستقلة او وزارة الداخلية او اي جهة حكومية اخرى كما في كثير من البلدان العربية حيث القليل فيها مفوضيات مستقلة للانتخابات كالسودان و اليمن و العراق و غيرهم . واغلب الدول الاخرى تقوم بالمهمة جهات رسمية . ولكن وجود هيئة مستقلة متخصصة تنشئ بقانون مكتمل من كل جوانبه يعتبر من اولويات نزاهة الانتخابات و قبولها من معظم الاطراف المتنافسه .
3- الحكومات :- فمهما كانت الجهة المنفذة لابد من مسانده الحكومة لعملها في كثير من الامور و بالاخص في البلدان العربية تحتاج الى دعم و مساندة من قبل ( وزارة الداخلية / الاعلام / النقل / وزارة التربية والتعليم …. الخ ) في حين وجود هيئات مستقلة ولها قانون يحميها ويفصّل كل عملها قد تستغني كثيراً عن دور وتأثير الحكومات فهذا يحتاج الى وقت وسنين طويله .
4- منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية المتخصصة في مراقبة الانتخابات . فكل القوانيين في الدول التي تجري فيها انتخابات تسمح للمنظمات بمراقبتها وفي جميع مراحلها وليس في يوم الاقتراع فقط كما يظن الكثير . ومراقبة هذه المنظمات تعتبر مهمة جداً لانها متخصصة في المراقبة واعداد تقارير مفصلة حول مجمل العملية الانتخابية مما يظفي مصداقية للنتائج وشفافية في عمل القائميين عليها وبالاخير تعتبر انتخابات مقبولة من قبل الفرقاء المتنافسين .
5- الناخب :- دوره مهم وهو من يحدد كثير من مسارات الطعون و بالاخص عندما يعزف الناخب عن المشاركه ويترك بطاقته الانتخابية فهذا يعطي مجال كبير للطعن والشكوك في احتماليه تزوير اوراق الاقتراع التي عزف عنها الناخب ففي اغلب الانتخابات لاتتجاوز نسبة التصويت عن 50% و هذا مايعطي شكوك بمن يطعن بأن الاوراق الباقيه للاقتراع زورت فلهذا اختتم دور الناخب بمقولة لـ جورج جان ناثان ( 1884 – 1958 م ) حين قال ” ان من ينتخب المسؤولين الفاسدين هم المواطنون الصالحون الذين لايدلون بأصواتهم ” هذا في البلدان الديمقراطية فكيف بالبلاد التي بدأت حديثا تحبوا اليها .
مما سبق يتبين بأن نزاهة الانتخابات مسؤوليتها لاتقع على عاتق جهة واحده بل الكل لهم دور ودور مهم في نزاهتها سواء اشخاص أو جهات رسمية او شبه رسمية أو منظمات … فلذالك المسؤولية تقع على الجميع لتحقيق انتخابات حره نزيه وشفافه تحضى بالقبول وتؤدي الى الاستقرار والازدهار .