من حين إلى آخر ينشب نزاع دموي بين عشائر إحدى المحافظات تستخدم فيه كل أنواع الأسلحة ، خفيفها ومتوسطها وثقيلها . فتعلو عندئذ احتجاجات المواطنين المسالمين واستغاثاتهم ، وتضطر الدولة إلى إرسال قوة عسكرية لفض النزاع ، وتقوم هذه القوة عادة باستعراضات ظريفة لطيفة فتجوب القرى والأرياف بآلياتها ( بحثاً عن المطلوبين ومصادرة الأسلحة الثقيلة ) .
وعادة لا يخلو هذا الاستعراض من تصريح مصور لقائد القوة يعلن فيه عدد الذين ألقي القبض عليهم من المطلوبين ، مع صور خلفياتهم والأسلحة التي صودرت منهم ومن غيرهم .
حتى إذا بدا أن الأمر قد استتب وعادت الأحوال إلى طبيعتها ، نشب نزاع جديد ، في المحافظة نفسها أو في غيرها ، تلعلع فيه البيكيسيات والدوشكات والهاونات ، وعادت الدولة فأرسلت قوة استعراضية جديدة ، وعادت القوة لتستعرض كأختها التي سبقتها ، ولتنهي استعراضها بالطريقة نفسها انتظاراً لنزاع جديد .
هكذا هو الحال في محافظات البصرة وذي قار والقادسية والمثنى وميسان منذ سنوات ، والحكومات المحلية كلها تتحاشى اتخاذ إجراءات حازمة صارمة بحق الجناة الحقيقيين رغم معرفتها بهم وبدوافعهم ، وتلقي العبء على الحكومة الاتحادية المشغولة بمطاردة الإرهاب . وبذلك تفرط بهيبتها وبهيبة الدولة وتشجع هؤلاء الجناة على التمادي في غيهم .
ولكن المراقب المتتبع يستطيع أن يلاحظ أن هناك شبكة معقدة من العلاقات السياسية والمصالح المشتركة بين الأحزاب والعشائر ورجال السلطة المحلية هي المحرك الرئيسي لهذه النزاعات ، وكل طرف يتستر على الآخر حفاظاً على مصالحه ، وعلى الحكومة الاتحادية أن تدفع الثمن .
نقلا عن صفحته الشخصية ـ فيس بوك