23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

نخشى على العراق من الحل السلمي

نخشى على العراق من الحل السلمي

اليوم اصبحت مفردة الحل السلمي تعني كلمة حق اريد بها باطل في الوقت الذي كانت عار على كل من ينطق بها بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام ١٩٤٨ لان قضية فلسطين اعتبرت قضية العرب المركزية ولم يتجرأ احد التحدث عن حل سلمي او التفاوض مع محتل غاصب لذلك ظلت كلمة العرب موحدة حتى بعد نكسة الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ بمعنى لم يتخلى العرب عن حل مشاكلهم داخل البيت العربي طالما هناك موقف موحد يجمعهم .. ولكن بعد حرب اكتوبر عام ١٩٧٣ وتحديداً بعد زيارة الرئيس السادات للقدس المحتلة بدأت مفردة الحل السلمي تلوح بالأفق الى ان اصبحت مفردة رسمية عندما تولت الولايات المتحدة الامريكية رعاية اتفاقات كامب ديفد للسلام بين مصر السادات واسرائيل وبعدها المباحثات السرية في أوسلو بين الفلسطينيين واسرائيل وبذلك انقسم العرب الى طرفين من هو مؤيد لحلول التسوية السلمية سواء بالسر او العلن والطرف الاخر الرافض للتسوية مما يعني ان قضية فلسطين بعد هذا الانشقاق العربي لم تعد قضية العرب المركزية بل تحولت الى صراعات بين الكيان الصهيوني ومنظمات فلسطينية ومجموعة دول عربية رافضة للحلول السلمية، والذي يعنينا هنا هو مفردة الحل السلمي اي بعد ان تجذرت قضية العرب المركزية وانحرفت عن مسارها الحقيقي واصبحت قضايا عربية متعددة وكل دولة باتت متعرضة للضياع بشكل لا يقل خطورة عن ضياع فلسطين خصوصاً بعد بروز ظاهرة الربيع العربي التي بدأت من حراك شعبي الى حروب اهلية الى تدخلات اقليمية ودولية كما هو الحال في سوريا وليبيا واليمن وعلى اثر ذلك تم تعين مندوب سامي اممي لكل دولة تحت تسمية المبعوث الأممي في ليبيا والمبعوث الأممي في سوريا وكذلك اليمن ليؤدي كل منهم دوره المرسوم في زيادة تعقيد المشاكل بعد تراجع مبدأ التضامن العربي واصبحت كل دولة تحاول الابتعاد والنأي بألنفس عن مشاكل يعتبرونها لا تعنيهم واصبح الغالبية كالنعامة التي تضم رأسها في التراب حينما يداهمها الخطر حتى وصل بنا الحال نستجدي الدول الكبرى للتدخل وان كان عسكرياً المهم حل مشاكلنا بأي وسيلة وطبعاً تم ذلك وفق غطاء الامم المتحدة وبذلك اصبح لمفردة الحل السلمي معنى آخر مغايير للمعنى الحقيقي التي باتت تعني صب الزيت على النار من خلال تدخل المبعوث الأممي في التوقيت المناسب عندما تقترب المشكلة من الحل لإشعالها من جديد وإرجاعها الى المربع الاول وهذا ما حصل بشكل متكرر في اليمن أي عندما اقتربت القوات الحكومية من دخول ميناء الحديدة تدخل المبعوث الأممي بشكل سافر لإيقاف القتال من اجل انقاذ الحوثيين بحجة ان الحل يجب ان يمر من خلال محطة التسويف في جنيف وايضاً ما يحصل اليوم في ليبيا وعندما اقتربت قوات الجيش الوطني الى أطراف طرابلس جن جنون العالم الذي اصبح لا صوت يعلو على صوت الحل السلمي وهبت الدول الفاعلة الى برلين لعقد مؤتمر لحل المشكلة الليبية وبعدها تمخض الجمل وانجب فأراً اي تمخض المؤتمر عن هدنة هشة لا تساوي مصاريف السفر حتى بات واضحاً ان الغرض من الهدنة هو لتسهيل مهمة دخول الميليشيات من كل حدب وصوب بعد قيام أردوغان ارسال المرتزقة امام الأعين والأنظار وايران ترسل مخزونها من مقاتلين القاعدة وتكالبت كثير من الاطراف لكي لا يكون هناك لا غالب ولا مغلوب بمعنى ان الحل السلمي بات يعني هدنة لوقف اطلاق النار لحين إشعالها مرة اخرى كل ما تستجد ظروف موائمة لذلك وهذا هو الغاية والمغزى من مفردة الحل السلمي التي تعني حروب استنزاف وهدر ثروات واضعاف قدرات بشكل مستمر من غير غالب ولا مغلوب مما يعني ان كل ما افرزته المرحلة من مشاكل تتحملها الدول ذات الانظمة الشمولية التي غيبت شعوبها وتمسكت بالحكم بعد رفض الانصياع الى مطالب شعوبهم ومجابهتهم بالحديد والنار مما ادى ذلك الى دخول المجاميع الإرهابية وبالتالي تم تدويل تلك القضايا الداخلية والاستعانة بالاطراف الاجنبية لحلها تحت المسميات الدولية .. وهذا ما تنبهت الية الجزائر عندما تدخل الجيش في الوقت المناسب بعد اصرار قادته على حل المشكلة من داخل البيت الجزائري وغلق الأبواب بوجه التدخلات الاجنبية .. وايضاً قبلها فعل الجيش المصري من صد محاولة ابتلاع الاخوان المسلمين للدولة من اجل ارتمائها في احضان التنظيم العالمي للإخوان فكان تدخل الجيش المصري في الوقت المناسب لإنهاء هذا المخطط الخطير وابعاد مصر عن مشروع الفوضى الخلاقة مما يعني ان مشاكلنا يمكن ان تحل بعيداً عن اي تدخل اجنبي لو توفرت ارادة عسكرية وطنية تقوم بانقاذ الوطن من خلال اعادة ترتيب البيت الدخلي بعيداً عن التأثيرات والتدخلات الخارجية كما حصل في مصر والجزائر ، بينما في العراق تنبهت القوى المضادة الموالية للاجنبي وعملت على أضاعف الجيش من خلال هيمنة الميليشيات التابعة لاحزاب السلطة على المؤسسة العسكرية لضمان بقاء وجودها في الحكم لذلك انتفض الشعب بشبابه ورجاله ونسائه في ثورة شعبية أذهلت العالم بصمودها مما اثار ذلك حفيظة اللصوص والمجرمين بقيامهم الإمعان في القتل والتنكيل حتى ظهرت اصوات تناشد أطراف دولية بالتدخل من اجل ايجاد حل سلمي لردع الانتهاكات التي يقوم بها ذيول ايران لحماية المتظاهرين السلميين ليتسنى إبدال قبعات اتباع مقتدى الصدر الزرقاء بقبعات الامم المتحدة الزرقاء اي تبديل احتلال إيراني باحتلال اممي لذلك لم يبقى من خيار لإنقاذ البلد من هذا المنزلق الخطير الا بتدخل الأحرار من قادة الجيش العراقي والانحياز بتحدي وشجاعة الى الشعب مثلما حصل في مصر والجزائر وانقاذ البلد من هيمنة المزعطة على مقدرات العراق وحمايته من التدخلات الاجنبية التي تدفع باتجاه الحرب الأهلية لان ايران تعمل على خلط الاوراق في العراق التي لا يهمها بشيء سوى جعله ساحة للمواجهة مع امريكا من خلال تحريك أدواتها التي تقوم بقتل المتظاهرين لإنهاء الحراك الشعبي الوطني الرافض للهيمنة الايرانية ومحاولة جر العراق الى حرب أهلية مدمرة مثل ما قامت به في سوريا واليمن وليبيا وبعدها لم يعد ينفع لا مبعوث اممي ولا حل سلمي ..