تساءل الاسبوع الماضي في مقاله المنشور في موقع ايلاف الاستاذ غالب حسن الشابندر عن امكانية تشكيل كتلة وطنية عراقية كبيرة , تخرج العراق من منطقة المحاصصة الطائفية والقومية ؟ مجيبا عليها بالسلب , استنادا الى آراء عدد من السياسيين الذين استطلع , أو استقرأ رأيهم في هذا الموضوع , معددا أربع نقاط مهمة تبرر قناعاتهم , رغم اقرارهم بضرورة تشكيل هذه الكتلة الان .
ليس موضوع هذا المقال هو مناقشة تلك النقاط , انما موضوعه هو الاعلان عن ان هذا المشروع قد بدأ فعلا , وهو الان في دور التبلور , ومن ثم طرحه للتداول والنقاش بعد أن يقطع مراحل مهمة من طريقه . ولكن قبل أن نسترسل بالحديث عنه , نود أن نلفت النظر الى أن الاستاذ الشابندر لم يستطع وهو يستعرض اطروحته تلك , الا أن يستدل على نموذجين سيئين وفاشلين للتدليل على عدم نجاح تشكيل الكتلة الكبيرة .. أياد علاوي ونوري المالكي .
نحسب أنه قد فاته بأن هذين النموذجين , هما نموذجان صارخان للتشرذم والتفكك والتآمر على الاخرين , وليسا نموذجين للوحدة والالفة واحترام الاخرين . ومن هذا نقول انهما قد نجحا نجاحا منقطع النظير في تفتيت القوائم وتمزيق وحدة الشعب العراقي , على عكس ما يقوله الاستاذ الشابندر من انهما فشلا في تشكيل الكتلة الوطنية الكبيرة , أو حتى في المحافظة عليها .
نستطيع أن نعدد في هذا الاطار عشرين نقطة تدلل على صحة هذا الاتهام , ولكننا سنكتفي بنقطة واحدة فقط . فالرجلان لم يطرحا نفسيهما يوما كزعيمين وطنيين منقذين للشعب العراقي , انما جل تاريخهم الماضي والحاضر يشهد على انهما شخصيتان متقوقعتان متمحورتان متكورتان على نفسيهما , كانا أيام زمان يمثلان الخط الثاني في المعارضة العراقية , شخصيتان منزويتان معتكفتان مرعوبتان حتى من نفسيهما . أحدهما يكتب تقاريره للسي آي أي و 16 جهازا استخباريا وأمنيا في العالم , مقابل حفنة من الدولارات , والاخر يكتبها لحسين نيك ونام أو أغاي محمدي أو قاسم سليماني مقابل ألف تومان للتقرير الواحد في طهران , أو لأبي وائل مقابل ألف ليرة سورية في الشام .
بيد ان الزمن الحقير وساسة أميركا الاحقر منه هما اللذان جاءا بهما كنقيضين تافهين , واحد من بارات لندن وحاناتها , والثاني من حسينيات التمن والقيمة ( وليس حسينيات منابر العلم والفضيلة ) ليجعل منهما رئيسين لوزراء أول دولة في التأريخ .
اننا لا نعتب على الانسان العراقي البسيط الذي يتأثر بالاعلام , ولا يجد الا شخصيتين أمامه يلهج بهما ليل نهار , فيردد خلفه اسمي هاتين الشخصيتين , انما نعتب على رجل خبر الساحة السياسية العراقية والمتعاملين بها , ينساق خلف الاعلام وما يطرح فيه ليردد هذين الاسمين ويستدل بهما على فشل المشروع الوطني .
لا نطيل الوقوف عند هذه المسألة , انما نود أن نضع شعبنا أمام حقيقة غير معلن عنها حتى الان , وهي اننا خلال جولتنا الاخيرة في العراق , والتي أعلنا عنها في لقاء البغدادية قبل نحو شهرين , قد عقدنا منذ أواخر شهر أيلول ( سبتمبر ) وحتى منتصف هذا الشهر تشرين أول (اكتوبر ) حوالي أربعين اجتماعا سياسيا , عالي المستوى والتمثيل , مع مختلف الاحزاب والتنظيمات والكتل والتيارات والشخصيات السياسية العراقية , في بغداد وسائر المحافظات الاخرى , وعرضنا عليهم موضوع تشكيل جبهة وطنية سياسية عراقية عريضة وكبيرة تضم سائر الاحزاب والتنظيمات والشخصيات السياسية , سواء منها تلك التي خارج ما يسمى بالعملية السياسية , أو تلك التي في داخلها , من التي لديها نصيب في الحكم , أو لم تحصل على شيء منه .
لقد وجدنا نتيجة واحدة قد توصل اليها الجميع , ألا وهي ان كل طرف لا يستطيع العمل السياسي لوحده , وانه جرب حظه العاثر وفشل , وان روح الزعامة والتسلط التي تولدت لدى الجميع , جراء صعود الخط الثاني والمتخلف في المعارضة العراقية الى الحكم , قد تحطمت أمام صخرة عدم اذعان العراقيين لمدعي البطولات الفارغة , والذين يتحدثون بأكبر من حجومهم , على الرغم من أن الحكام الذين يتصدرون المشهد السياسي هم أضحل وأتفه من غيرهم .
لقد حصلنا على اجماع من قبل الاطراف كلها , على ضرورة عقد لقاء موسع للجميع , لطرح ما لديهم والاعراب عن رؤاهم وتصوراتهم , ومن ثم الشروع في كتابة الاوراق والوثائق والبرامج واعداد النظام الداخلي للجبهة .
عزيزي الاستاذ غالب الشابندر : هذا هو خيارنا ما قبل الاخير في سلم الخيارات , والاخير الذي يرنو الى النجاح وتحقيق النصر . أود أن أطمئنك بأننا نعمل بكل ثقلنا وقوتنا من أجل انجاحه , وانه يحظى بدعم دولي منقطع النظير مؤجل الى حين الاعلان عنه . وانني أنا فائق الشيخ علي قد قدمت دمي هدية مسبقة لانجاح هذا المشروع .