23 ديسمبر، 2024 8:30 ص

نحو تشكيل جبهة وطنية سياسية عراقية

نحو تشكيل جبهة وطنية سياسية عراقية

تساءل الاسبوع الماضي في مقاله المنشور في موقع ايلاف الاستاذ غالب حسن الشابندر عن امكانية تشكيل كتلة وطنية عراقية كبيرة , تخرج العراق من منطقة المحاصصة الطائفية والقومية ؟ مجيبا عليها بالسلب , استنادا الى آراء عدد من السياسيين الذين استطلع , أو استقرأ رأيهم في هذا الموضوع , معددا أربع نقاط مهمة تبرر قناعاتهم , رغم اقرارهم بضرورة تشكيل هذه الكتلة الان .
ليس موضوع هذا المقال هو مناقشة تلك النقاط , انما موضوعه هو الاعلان عن ان هذا المشروع قد بدأ فعلا , وهو الان في دور التبلور , ومن ثم طرحه للتداول والنقاش بعد أن يقطع مراحل مهمة من طريقه . ولكن قبل أن نسترسل بالحديث عنه , نود أن نلفت النظر الى أن الاستاذ الشابندر لم يستطع وهو يستعرض اطروحته تلك , الا أن يستدل على نموذجين سيئين وفاشلين للتدليل على عدم نجاح تشكيل الكتلة الكبيرة .. أياد علاوي ونوري المالكي .
نحسب أنه قد فاته بأن هذين النموذجين , هما نموذجان صارخان للتشرذم والتفكك والتآمر على الاخرين , وليسا نموذجين للوحدة والالفة واحترام الاخرين . ومن هذا نقول انهما قد نجحا نجاحا منقطع النظير في تفتيت القوائم وتمزيق وحدة الشعب العراقي , على عكس ما يقوله الاستاذ الشابندر من انهما فشلا في تشكيل الكتلة الوطنية الكبيرة , أو حتى في المحافظة عليها .
نستطيع أن نعدد في هذا الاطار عشرين نقطة تدلل على صحة هذا الاتهام , ولكننا سنكتفي بنقطة واحدة فقط . فالرجلان لم يطرحا نفسيهما يوما كزعيمين وطنيين منقذين للشعب العراقي , انما جل تاريخهم الماضي والحاضر يشهد على انهما شخصيتان متقوقعتان متمحورتان متكورتان على نفسيهما , كانا أيام زمان يمثلان الخط الثاني في المعارضة العراقية , شخصيتان منزويتان معتكفتان مرعوبتان حتى من نفسيهما . أحدهما يكتب تقاريره للسي آي أي و 16 جهازا استخباريا وأمنيا في العالم , مقابل حفنة من الدولارات , والاخر يكتبها لحسين نيك ونام أو أغاي محمدي أو قاسم سليماني مقابل ألف تومان للتقرير الواحد في طهران , أو لأبي وائل مقابل ألف ليرة سورية في الشام .
بيد ان الزمن الحقير وساسة أميركا الاحقر منه هما اللذان جاءا بهما كنقيضين تافهين , واحد من بارات لندن وحاناتها , والثاني من حسينيات التمن والقيمة ( وليس حسينيات منابر العلم والفضيلة ) ليجعل منهما رئيسين لوزراء أول دولة في التأريخ .
اننا لا نعتب على الانسان العراقي البسيط الذي يتأثر بالاعلام , ولا يجد الا شخصيتين أمامه يلهج بهما ليل نهار , فيردد خلفه اسمي هاتين الشخصيتين , انما نعتب على رجل خبر الساحة السياسية العراقية والمتعاملين بها , ينساق خلف الاعلام وما يطرح فيه ليردد هذين الاسمين ويستدل بهما على فشل المشروع الوطني .
لا نطيل الوقوف عند هذه المسألة , انما نود أن نضع شعبنا أمام حقيقة غير معلن عنها حتى الان , وهي اننا خلال جولتنا الاخيرة في العراق , والتي أعلنا عنها في لقاء البغدادية قبل نحو شهرين , قد عقدنا منذ أواخر شهر أيلول ( سبتمبر ) وحتى منتصف هذا الشهر تشرين أول (اكتوبر ) حوالي أربعين اجتماعا سياسيا , عالي المستوى والتمثيل , مع مختلف الاحزاب والتنظيمات والكتل والتيارات والشخصيات السياسية العراقية , في بغداد وسائر المحافظات الاخرى , وعرضنا عليهم موضوع تشكيل جبهة وطنية سياسية عراقية عريضة وكبيرة تضم سائر الاحزاب والتنظيمات والشخصيات السياسية , سواء منها تلك التي خارج ما يسمى بالعملية السياسية , أو تلك التي في داخلها , من التي لديها نصيب في الحكم , أو لم تحصل على شيء منه .
لقد وجدنا نتيجة واحدة قد توصل اليها الجميع , ألا وهي ان كل طرف لا يستطيع العمل السياسي لوحده , وانه جرب حظه العاثر وفشل , وان روح الزعامة والتسلط التي تولدت لدى الجميع , جراء صعود الخط الثاني والمتخلف في المعارضة العراقية الى الحكم , قد تحطمت أمام صخرة عدم اذعان العراقيين لمدعي البطولات الفارغة , والذين يتحدثون بأكبر من حجومهم , على الرغم من أن الحكام الذين يتصدرون المشهد السياسي هم أضحل وأتفه من غيرهم .
لقد حصلنا على اجماع من قبل الاطراف كلها , على ضرورة عقد لقاء موسع للجميع , لطرح ما لديهم والاعراب عن رؤاهم وتصوراتهم , ومن ثم الشروع في كتابة الاوراق والوثائق والبرامج واعداد النظام الداخلي للجبهة .
عزيزي الاستاذ غالب الشابندر : هذا هو خيارنا ما قبل الاخير في سلم الخيارات , والاخير الذي يرنو الى النجاح وتحقيق النصر . أود أن أطمئنك بأننا نعمل بكل ثقلنا وقوتنا من أجل انجاحه , وانه يحظى بدعم دولي منقطع النظير مؤجل الى حين الاعلان عنه . وانني أنا فائق الشيخ علي قد قدمت دمي هدية مسبقة لانجاح هذا المشروع .