ان يكون لدينا نحو سبعة ملايين ونصف المليون مدخن في العراق طبقا للارقام التي ذكرتها منظمة الصحة العالمية والتي وردت في مقال الصديق طه جزاع في عدد “المشرق” الثلاثاء الماضي فان هذه الارقام اذا كانت مشكلة في جانب منها فانها يمكن ان تكون حلا جذريا وسحريا و”انبعاجيا” لكل مشاكلنا وفي المقدمة منها المشاكل السياسية . فعلى صعيد كون التدخين مشكلة لانه يتسبب بامراض خطيرة مثل امراض القلب وتصلب الشرايين والسرطان مثلما هو التحذير الموجود على علب السيكاير , فان هذا التحذير لم يفت في عضد الاخوة المدخنين بل ربما كان ولايزال احد اهم اسباب اتساع رقعة التدخين والمدخنين في كل انحاء العالم. يستوي في ذلك الفقراء والاغنياء, اليسار واليمين, الاسلاميون والعلمانيون . ولو لم يكن الامر كذلك لما انتمى نحو ربع الشعب العراقي طواعية وبدون اية ضغوط لا من قبل دول الجوار ولا من قبل القوى الاقليمية او الدولية الى حزب واحد وهو حزب المدخنين. هذا الحزب الذي لو تم اقرار قانون الاحزاب وتم تسجيله كحزب سياسي لنافس بجدارة مئات احزابنا المنتشرة على ساحة العمل السياسي. وقد يفوز باغلبية مقاعد البرلمان ويشكل الكتلة الاكبر وقد يشكل وبـ “اغلبية دخانية” مريحة الحكومة المقبلة بينما يجلس خصومه من غير المدخنين على مقاعد المعارضة الايجابية بعكس كونهم مدخنين سلبيين. وحين اقول اغلبية دخانية فلاننا وعلى مدى السنوات التسع الماضية “نجحنا” في قضايا هامة جدا .. نجحنا في انفاق نحو نصف ترليون دولار على الرواتب والاجور منها 37 مليار دولار على الكهرباء وحدها . طبعا ليس مهما ان تاتي الكهرباء او لا .. المهم اننا نجحنا في انفاق المبلغ ومثله عشرات المليارات الاخرى من بينها عشرات المليارات على القرطاسية والكلينكس . هذا النجاح بالانفاق يحسب وبنجاح ساحق هو الاخر للحكومات التي حكمتنا بـ “الشفافية والديمقراطية” وهي حكومات الوحدة الوطنية مرة والشراكة الوطنية مرة اخرى. وحيث ان هناك من لايزال يحن الى حكومة “اغلبية سياسية” فان على هؤلاء الحالمين ان “يمشوا بوزهم” طالما ان المبدا الذي يحكم الجميع هو مبدا التوافق الوطني. وبحكم سيادة هذا المبدا فان الجميع مشمولون بانفاق النصف ترليون دولار طوال السنوات الماضية التي هي كل ايراداتنا من النفط. فالنجاح لدينا هو ان ننفق ونصرف ونوقع العقود ونطلق الوظائف وندعو الشركات اليابانية والالمانية والروسية والكورية والاميركية والفرنسية .. فالمهم هي الدعوة والنوايا الحسنة اما متى تاتي هذه الشركات وتستثمر فالقاعدة الذهبية التي نؤمن بها هي “اللي تتواعد بيه احسن من اللي تاكله”. ولكي نحد من هذا النجاح الهائل بالانفاق فالافضل هو ان نتجه لتكوين اغلبية دخانية لان حزب المدخنين هو الوحيد العابر للانتماءات القومية والعرقية والمذهبية والمناطقية ..هناك خشية واحدة يمكن ان تهدد مستقبل حكومة الاغلبية الدخانية هي نوع السيكاير التي يدخنها دولة رئيس الوزراء ونوابه .. هل تنتمي الى ايام المزبن بلغة مظفر النواب ام الى ايام … اللف والدوران؟
[email protected]