19 ديسمبر، 2024 3:32 ص

الحلقة الأولى : فكرة الاعتقاد
1- مستويات الاعتقاد
الاعتقاد مسالة فكرية و نتيجة عمل العقل كما انها مسالة فردية جدا ، و لاجل اختلاف الاستعدادات الفكرية و العقلية فان وجود درجة من الاختلاف امر طبيعي ، لذلك لا بد من فهم الاعتقاد المستقيم كمستوى ( standard deviation ) و ليس كخط مستقيم .

فيكون هناك ثلاث نقاط قطب محوري و تكتل غالب و شوارد طبيعية كما في الشكل التالي :

شكل رقم ( 1) صورة مستويات الاعتقاد

فهناك محور و قطب اعتقادي ، و يكون عادة من نصيب الخلص و المصطفين و الاولياء ، و هناك تكتل الاعتقادي وهو للغالبية العظمى لاصحاب الاعتقاد السليم ،

وهناك شوارد و صور فردية للاعتقاد السليم ، هي سليمة لكن لها ضيغة فردية ، كل هذه الصور من الاعتقاد تقع ضمت مستوى الاعتقاد السليم الطبيعي المقبول ، وهي ناتجة عن الاختلاف في الاستعدادات و القدرات و درجات الاخلاص . انظر الشكل رقم (1)

خارج هذا المستوى تقع نقاط الانحراف الاعتقادي ، و للانحراف درجات يمكن تمييز البسيط منها ، و الشديد و الشديد جدا ،جميع درجات الانحراف مضرة بالانسان المحلي و العلمي ، لكن درجات الضرر تتناسب مع درجة الانحراف .

2- التاثير العالمي للاعتقادات

لا بد من الالتفات الى التأثير الكلي للاعتقاد السليم و المنحرف ، فان للعالمي تناغما و انسجاما كليا و سعيا نحو التكامل ، و له غايات تكاملية ، هذا كه يتاثر ايجابا بكمية و كيفية الاعتقادات السليمة ، و سلبا بالاعتقادات المنحرفة ، لذلك تكون الاعتقادات السليمة كمّاً و كيفية من اسباب السعادة لاهل الارض جميعا ، و الاعتقادات المنحرفة كمّاً و كيفية من اسباب الشقاء للاهل الارض جميعا .

من الخطأ جدا تصور امكانية ان ينعم العالم بالسلام مع وجود استفحال و غلبة للاعتقادات المنحرفة ، كما انه من الواجب لجميع اهل الارض تدعيم و مساندة الاعتقادات السليمة . وهذه الاستجابة التي تكون منطلقة من جهة نفعية لاهل الارض ، تكون لاهل الايمان مضاعفة المردود المشتمل على الدنيوي و الاخروي ، و تكون مفيدة و نافعة لغيرهم من خلال اعتماد تحقق السعادة و الاستقرار و الهناء الدنيوي عليها .

من الواضح عقلا ان لكل درجة ايمانية مستوى من الاستجابة ، كما ان لكل درجة انحراف اعتقادي درجة من الاستجابة . و لاجل الاثر الايجابي الانساني و الكوني للاعتقادات السليمة يجب ان يكون هناك استجابة فردية و اممية و عالمية داعمة ، و لاجل الاثار السلبية الانسانية الكونية يتطلب ان يكون هناك استجابة شاجبة بتلك المستويات ايضا .

كما ان هذا الدعم و هذا الشجب لا بد ان يكون بشكل درجات ، يناسب حجم الضرر الايجابي او السلبي المحتمل . من هنا يكون هناك مستويان للاستجابة ، مستوى كمي ( فردي او اممي او عالمي ) ، و مستوى كيفي يتمثل بدرجة الاستجابة كما في الشكل التالي :

3- اسباب الاعتقاد الخاطئ

هناك اسباب الاعتقاد السليم و اسباب الاعتقاد الخاطيء ، و بينما يكون الاول سببه (1) التمسك بالنور الالهي و (2) النظر و التفكر و (3) الاحلاص في طلب الحقيقة و (4) النظر الى المكاسب الاخروية ، فان سبب الاعتقاد الخاطيء (1) التمسك بالموروث المنحرف و (2) عدم التفكر و النظر و (3) عدم الاخلاص في طلب الحقيقة و (4) النظر الى المكاسب الدنيوية .

4- الاعتقاد و المذهبية

لا بد من القول و التأكيد ان الاعتقاد لا يعني المذهبية ، و الاختلاف الاعتقادي لا يعني التمذهب ، و كما يمكن طرح المعتقد المخالف كاطروحة مذهبية فانه يمكن طرحه كحقيقة علمية . و الفرق ان الطرح المذهبي للمعتقد يقصي الاخر و يحجم نقط التواصل و يدفع باتجاه التوتر و الفرقة ، بينما الطرح العلمي للمعتقد ينطلق من الايمان بالاخر ، و الاقتراب منه و تقريبه ، و فتح جسور و نقاط تواصل ، و يطرح الاعتقاد كمسالة علمية فكرية لا توجب توترا و لا فرقة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات