7 أبريل، 2024 2:17 م
Search
Close this search box.

نحن وكربلاء …وظلم التاريخ ….الى أين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

مدينة كربلاء كم هي جميلة لوعاشت شهر محرم الحرام مدينة مفتوحة تقام فيها المهرجانات الوطنية والدينية بعيدا عن الحزن والسواد كما تفعلها الفاتيكان في اعيادها الجميلة..ان تكريس الاحزان في كربلاء ليس من اجل الحسين ومن فيها..فهم لا يعتقدون به ولا بمبادئه ولكن من اجل فئة ضالة ومتخلفة لا تريد لها ان تشق غبار السنين عن مواطنيها ولا تضعهم في سلم الحضارة والقانون كما ارادها الحسين لتحقيق العدالة بين الناس. ،لتبقيهم دوما في دياجير العداوة والثأر والظلام..فهل كان مجيء الحسين (ع) الى كربلاء واستشهاده فيها كان نقمة على العراقيين..أم نعمة لهم ؟..ولكن من يتهم زوجات الرسول بالكذب والافتراء ويقرؤون الايات القرآنية مقطوعة من اجل مصالحهم الفئوية الخاصة لا تعتب عليهم حين يسودون وجه التاريخ بين المواطنين دون حسيب او رقيب في حكومات الغش والباطل وخيانة التاريخ.
نعم هي كربلاء..بنظر التاريخ مدينة الافراح والهبات وعطايا التاريخ، ففيها صنع الحدث المفصلي للتاريخ الاسلامي.الذي لم يُستغل لصاح حركة العدالة الأنسانية، بل لصالح الحركة الفقهية الشعوبية التي فرقت بين المسلمين..وهي ليست تاريخا قديماً يمر علينا في كل سنةٍ لنحية بُكاءً وعويلا على الحسين وأهل البيت العظام كما هم يفعلون البارحة واليوم وما ندري ما جنينا من هذا التوجه غير الكآبة والعودة الى الوراء .سوى حدث يتعايش معنا اليوم ومنذ القدم يؤثر فينا ونؤثر فيه ،ألم يكن الحسين وثورة الحسين للجميع من اجل رفع الظلم ونشر العدل التي هم سخروها لباطلهم لا غير….ومن أجل الانفراد بالسطة والمال وقتل المواطنين..هذا هو الظلم الذي يحكمون به من يدعون بانهم اصحاب الحسين اليوم. ..
يعتقد بعض المؤرخين ان رغم عراقة تاريخ العراق الضارب في القدم منذ عصر السومريين، ألا ان تاريخه المكتوب بدأ بكربلاء عام 61 للهجرة،ومن حقهم ان يقولوا هذا.لان التاريخ بقيمه ومعانية يتجسد حياً من خلال التضحية الحسينية في عاشوراء، الحدث الحسيني الذي قل نظيره في العالمين.هذا الحدث التضحوي لا يستحقونه من يدعون به اليوم..هذا المعنى التاريخي هو الذي يعطي قصة عاشوراء عمقا وقوة وفي المعنى قولا وتطبيقاً حين أراد تحويل المبادىء الى تشريعات مضحياً بالنفس في سبيل الاخرين التي تنكر لها اصحابها اليوم. فعاشوراء اكبر من كونه قصة تحكى وقصائد تقرأ وجيوب تشق ودموع تسيل وسيوف تضرب وأيادي تلطم ،وباسل كربلائي يدجل على شباب العراقيين ،أنما هي أحداث تعاش وتعايش لتصبح عقيدة عند المؤمنين، انها قصة من قصص الانبياء الخالدين التي سطرت ملحمة المؤمنين لتنير الدرب للمستضعفين..مع الأسف آماتوها بعد ان خانوا العهد واليمين.
من يتابع ملحمة كربلاء بحق وحقيقة لا يدانه شك بأنه لايمكن لامة ان تنهض فقط بقوتها البشرية وما تملكه من قوة وادوات القوة ،اذا لم تملك قضية محركة وقيم معينة تلعب دور الدافع والمثير لقناعة المجتمع بها، يقول ماوتسي تونج زعيم الصين : ” ان الصين ما تقدمت بشعبها الكُثر ،بل بالقوة المحركة له. القوة التي تؤجج بين ابنائها احساسا مشتركاً لتبني لها قاعدة مجتمعية تساندها في التنفيذ،تنفذ الى العقول والقلوب بشعارات مثخنة بالايديولوجيا المميزة بين عصر الماضي والحاضر ،بين عصر الجاهلية وعصر الاسلام الذي اراد له المخلصون ان يكون عصرتنوير..،فكانت نهضة الحسين تمتلك تلك القوة الدافعة لتصبح عقيدة لكل المخلصين.ولابد لهذه الحركة من شخصيات كريزماتية تشد الناس اليها،لذا فقد كانت شخصية الحسين في ذلك الظرف المضطرب وخطوته نحو استعادة الامة لدورها الرسالي هي الشخصية الكريزماتية المنتظرة للامة وهذا ما نفتقده في زماننا الآن..حين تمثلت بالحركة الشعوبية الطائفية الحاقدة على المبادىء والأنسان والدين معاً.
هنا نرى ان القيم والاحاسيس العميقة العظيمة تخترق الاختلافات الثقافية والدينية في العالم الاسلامي كله دون تفريق حتى لم يعد بمقدور احد اليوم وبغض النظر عن معتقداته ان يصُد عن هذا التاريخ العظيم،لذا فأعداء الحسين يستميتون الان من أجل ان لا تتحول النظرية الى تطبيق،فلو طبقت النظرية،لأنقلب العالم الاسلامي كله نحوها .. وها ترى بوادرها الان واضحة في أقطار اخرى بعيدة عن العراقيين.،وهذا ما تخشاه الحركات الاصولية والتكفيرية وولايات الفقيه الآن،لذا فهي تجند كل امكانياتها لقتل الحركة قبل ان يعيها الغافلون بها اليوم . بعد ان اصبح حتى العالم المسيحي مقتنع بها، وها هم كتاب المسيحية بدأ يتحسسون القضية ويكتبون بها،وتقف ” الكاتبة الهولندية المعروفة ليزي هازلتون في كتابها ما بعد النبي على رأسهم”.فقصة الحسين تتشابه مع قصة السيد المسيح الذي اراد الأعداء قتله ففيهما المعاني الانسانية التي يراها اصحابه الخلص وتراها المسيحية في الجانب الانساني منهما متشابهة ومتكاملة.؟؟؟
على من يدعون باصحاب ثورة الحسين ان ينتقلوا اليوم الى مرحلة جديدة بعد ان اصبح حكم العراق بأيدهم الى مرحلة تطبيق النظرية الحسينية، لا واجهة لرفع الرايات الدعائية لها ،لا لجعلها مغانم شخصية،لا لمحاربة الاخرين بتجسيد الشعوبية ،لا لجعلها وسيلة للأستحواذ على المنصب وأداة الحكم وسرقة المال العام بأعتباره ملكاً سائبا لأهل المعرفة والعرفان كما يشيعون ..فهذا زمان قد فات ومات وولى الى الابد مع البويهيين والسلاجقة المحتلين،لان الشعوب تريد قولا مدعوما بالعمل لا أقوالا وخطب تذروها الرياح. لكن يبدو ان التغيير لم ترافقه القوة المحركة ولا الشخصيات المعتمدة في التغيير.ان تطبيق النظرية الحسينية سينور العقل العربي بالقضايا والافكار الانسانية التي جاءت من اجلها النظرية التصحيحية العراقية الجديدة التي رحب بها شعب العراق ففاجئته بالخيبة والخسران، بعد ان تشبثت بمظلومية أهل البيت وأتباعهم كما تدعي وهي ظالمة لها، لتصبح واقعا معاشا في القول والعمل من اجل الجميع دون تفريط ،لا دعاية تروج وكلام يقال من اجل سلطة او مال.لا بل استطيع ان اقول منها يجب ان ينطلق الاسلام منطلقا من هذا الرمزصاحب القوة الدافعة لروح الاستشهاد التي فرضها الحسين على الاخرين.حين أصبحت منهجا لا قولاً .فهل اصحابه الذين يدعون به حالياً قادرون اليوم على فهم النظرية كما ارادها الحسين؟ هذا مستحيل..ففاقد الشيء لا يعطيه ؟ ومن يخرج عليها فليس له في الحسين من نصيب؟ ويقف حزب الدعوة اليوم والاحزاب الاسلامية الاخرى ومؤيدوها في الصف الاول من عناصر التخريب..
ان الكاتبه الهولندية تتسائل اليوم وبكل صراحة ،هل كان لمحمد رسول الاسلام صاحب الامة الواحدة والرب الواحد تصورا انه سيترك خلفه هذا الانقسام المأساوي والدموي الرهيب بين المهاجرين والانصار وبلا نهاية؟ ونحن نقول لا ، أن عقداً وعهدا وميثاقا كتب لهم لا يجوز التجاوز عليه هو عهد المؤاخاة ؟وكان رسول الله (ًص) شهيدا عليهم واول شروط الشاهد ان يكون حاضرا ؟هذا سؤال يجب ان نجيب عليه قبل ان ندعي الخلافات بين أطراف المسلمين وهل العقد الذي تم في المدينة فيه من نقصٍ، فتغلبت روح القبيلة على روح المؤاخاة ، وهل كان هناك مذهبية وفئوية .فاذا قبلنا به سنصل الى نقطة يعلوا فيها معدل النقص على القوة فيبدأ التدهور وتنتهي الامة الى الشتات وهذا ما نمر به اليوم،ففي حالة غلبة قانون القبيلة المروج له اليوم بشيوخها من أصحاب عقدة التفوق الذكوري ، سنخسر قانون الدولة وهنا المصيبة اعظم من الطائفية والمحاصصة الوظيفية التي حلت في الوطن الممزق القتيل ؟.
أذن هذا ما لا يجوز لنا أحياؤه او تطبيقه لأنها بدعة مميتة لنا جميعاً.لأن هذا ما كان منهجا للمسلمين؟ وهذا ما كان يهدف اليه التغيير، لا لأحياء هذا القانون الضار بمستقبل الوطن،بل لأحياء وحدة الوطن ممثلة بقانون الدولة ،لا قانون القبيلة والعشيرة التي اماتها الزمن وأحيوها من يدعون باصحاب الحسين اليوم لتسود المشيخة وأهل الجنس واحتقار المرآة في وقت هم يلطمون على زينب البتول كذبا وافتراءً لا حقيقة في التطبيق..لقد اصبحت قضية المهاجرين والانصارفي عهد المدينة هي قضية الشيعة المعروفة اليوم في كربلاء، معروفة في قلوب السُنة ومزروعة في قلوب الشيعة ،ولكن مع الاسف لا احد منهم يتدخل لانهائها لصالح الجميع كما تقول الكاتبة القديرة،فقد مات محمد وحورب اهل البيت،وكأننا خُلقنا لنتقاتل،خُلقنا لنتباعد،خُلقنا لنشطر الاسلام الى شطرين كل منهما يعادي الاخر،لماذا ؟ألم يكن كل من المهاجرين والانصار متآخيين،رغم ما حصل بينهما من أفتراق الحكم؟.هل نقبل اليوم ان يكون العدو الشرقي هو المفضل اليوم والمواطن في القهقرى ..وهل يقبل صاحب الدعوى والحسين معا ان يستديم الخلاف لتفرقة المسلمين وأضعافهم؟ انها قصة تراجيديا المسلمين اليوم والعراقيين بوجه خاص .ولو كانت النظرية الحسينية مطبقة عندهم،لما شاهدنا الاقتتال بعد تدمير المرقدين الشريفين في سامراء، عن عَمد،ولم نرَ تحقيقا حقيقيا يكشف لنا اللثام عن المسببين، لان مراقد أهل البيت هي مُلك للجميع وليست للمفرد من الحاكمين .
اذا امعنت النظر في النظرية الحسينية مليا ترى ان اصحابها يعيشون قصة تجمع المضادات:الولاء ضد الخيانة،والحب ضد الكراهية والحرب والنبل ضد الفساد،والاخلاق ضد السياسة والتي نحن نتعايش معها الان عكسياً؟ فهل من حق احد ان يعفي شيعيا من الاعوجاج لانه شيعي،وهل من حق احد من أهل السُنة والجماعة ان يناصب العداء لعاشوراء لانه سُني .فالحسين ما جاء شيعيا ولا سنيا بل كان مسلما موحدا للجميع،لذا من يخرج على الاهداف يجب ان يعامل بنفس معاملة الاخرين.اذا كان الكل يتبرأون من الخلاف أذن لماذا المهجرين من ابناء شعبنا العزيز مهانين عند الاخرين؟هل سمعتم من سالف الازمان ان عراقيا هجر اخاه ليحتل داره وليجعله ذليلا عند الاخرين كما هم العراقيون المهجرون اليوم في جرف الصخر وغيره ليحتله العدو اللئيم ؟ يستجدون ابواب السفارات، والغرباء في بلدهم يعبثون ويرتعون ، والأنكى ان مسؤولينا هم الذين اليوم يشجعون، لكن اذا حان وقت الصلاة فهناك الف راكع من المصلين يهرول خلف المؤذن كذبا وافتراءً على رب العالمين ..،والصلاة لاتُقبل الا من المتزكين،.هنا تكمن مأساة كربلاء والحسين معاً بعد ان اصبحت تاريخاً رمادياً عند العراقيين،لكثرة ما تداخلت الامور معها فأصبحت وسيلة من وسائل قهر الاخرين ،لا عونا في وحدة المسلمين.؟ لذا نحن لا نقبل عربيا او اجنبيا عندنا يعمل ويعيش قبل أرجاع العراقيين وقضاء حاجاتهم وانهاء البطالة والتشرد بينهم،ومن يعمل بها فتلك دعاية للحاكم لا أصلاح للرعية او المواطنين،في وقت أصبح فيه العراق يملك الملايين.أين وعود توزيع الثرؤة على المواطنين؟أين الفئة الحاكمة من الصعايك الصعلوك ،يبدو انها ذهبت للمتحالفين على التدمير ، كلها ذهبت مع رياح المُغييرين؟ أم ماذا ؟ أفتونا يا رجال الدين؟؟؟.
لازلنا نتعايش مع قصة الحسين التي حدثت قبل 1400 عام ، وكأنها حدثت بالامس القريب ،هذه هي احدى أكبرمفارقات التاريخ كما يقول المؤرخون والتي تغيضهم أشد الأغاضة،فالحسين هو حسين الجميع ،لكن يزيدهم لن يزيدهم الأ أثما بحق التاريخ. فاذا اردنا للحسين ان يتقبل منا دعاءً ويكون حاضرا معنا، علينا ان نحاور هذه الخلافات بيننا وخاصة بخصوص الخلافة واستحقاقاتها وقد أنتهى زمانها بعد ان اصبحت من الماضي البعيد ..
اذن من هنا يحق لنا ان نقول: لماذا الحسين دون الاخرين؟ وما هي نظريته الانسانية؟
لقد جاء الحسين لاحياء نظرية القوة العادلة ضد نظرية الاستبداد والضعف التي حلت بالمسلمين بعد الراشدين ،جاء ليوحد لا ليفرق ،ليقوي لا ليضعف ،ليبني لاليهدم ،خطان لا يلتقيان ،الاول مُساند آلهيا وانسانياً والثاني فرفوض آلهيا وبشريا،هذه النظرية تولدت من النخبة الممنهجة ربانيا لا تتغير ،فلا هوى يغريها ،ولا قوة ترهبها؟ ولا دنيا تتكالب عليها؟ وكما قال علي امير المؤمنين علي (ع) لا تخف ايها المسلم ان كنت على الحق(فأن صوتا واحدا شجاعا اكثرية).ان الموقف الحسيني في كربلاء اخرج العقيدة من المفهوم الضيق الى المفهوم المطلق العام حين قال:(ان الله هو العدل الذي لا يجور). لذا على مؤيديه ان كانوا صادقين -وهم والصدق على طرفي نقيض- ان يحيوا شعارات وشعائر الحسين بنفس القوة التي ننفذ فيها. نعم ان نظرية الحسين هي النظرية الازلية بين نوح واصحاب السفينة وبين قومه الخارجين عليه وعلى السفينة..
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب